أكدت وفاء عبد السلام الواعظة بوزارة الأوقاف أن الأسرة هى الركيزة الأساسية فى بناء المجتمع وتماسكه، وهى خط الدفاع الأول عنه؛ لذا حرص الإسلام حرصًا شديدًا على سلامتها وحمايتها، وبنائها بناءً سويًّا، حفاظًا على سلامة المجتمع وأمنه واستقراره، وتحقيقًا للمصالح والمنافع البشرية وعمارة الكون.
وأشارت وفاء عبد السلام، خلال ملتقى الفكر الإسلامى، إلى أن الإسلام اهتم بالأسرة اهتمامًا بالغًا يليق بمكانتها ودورها فى بناء المجتمع، فحث على بناء الأسرة السوية بطريقة مشروعة سوية تليق بكرامة الإنسان وآدميته، وتتوافق مع فطرته السليمة، فشرع الزواج الذى هو إحدى سُنَن الله (عز وجل) فى الخلق، فقال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، فالزواج علاقة تقوم على الرحمة والسكينة والاستقرار، وفى ظلال الأسرة السوية المتماسكة تنشأ الخصال الكريمة، ويعيش النشء الصالح حيث تسود المودة، وتنتشر الرحمة فى جنبات هذا البيت الكريم.
كما أكدت أن الأسرة الَّتى تُبنى على قواعد الإسلام الحقيقية، هى أسرة باقية مدى العمر لا تنفصم عراها ولا تنحل أوصالها؛ لذا حرص الإسلام على أن يكون بناء الأسرة وفقاً لأسس سليمة ومتينة، وقد بيَّن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن الأسرة أمانة ومسئولية يحاسب عليها العبد يوم القيامة ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ - وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) فالأبناء إذا افتقدوا الرعاية والتربية تحقق ضياعهم وانتشرت الفوضى فى المجتمع.
كما أشارت إلى أن تنظيم النسل سلوك يهدف إلى حماية الأسرة وخلق جيل قوي يتمتع بصحة ورعاية جيدة ، يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :( الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ )، وأن أي مجتمع بقوة سواعد أبنائه ، ولا يتأتى ذلك بكثرة الإنجاب بأعداد كبيرة لا تقوى الأسر ولا المؤسسات على تلبية احتياجاتها ، فينشأ عن ذلك كوارث اجتماعية واقتصادية تهدد المجتمعات وتعوق تنميتها وتقدمها.
وفي ختام كلمتها أكدت أن مراد من قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( تَنَاكَحُوا ، تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) هو التباهي بالأقوياء الأصحاء لا بالكثرة الهزيلة الضعيفة ، فالذرية القوية والنسل الذي يرفع وينفع أفضل من الكثرة الضعيفة ، فالإسلام يريد منا شبابًا قويًّا , ومن هنا فلا يوجد خلاف بين العلماء في تنظيم النسل ، فتنظيم الأسرة سلوك منظم يهدف إلى سلامة الأسرة ورعايتها.
وفي كلمتها أكدت الدكتورة جيهان يسن الواعظة بوزارة الأوقاف أن الإسلام يحرص كل الحرص على أن تقوم الرابطة الزوجية - التي هي النواة الأولى للأسرة- على المحبة ، والتفاهم والانسجام ، وهذه هي أهم خطوة في إصلاح المجتمع يليها تربية النشء وتحصينه ، وهذه التربية هي مسئولية الأسرة ، رجالاً ونساءً ، فكل فرد راع ومسئول عن رعيته.
كما أشارت إلى أن التنظيم والتخطيط في حياة الفرد والمجتمع أمر لا غنى عنه لأي مجتمع يريد النهوض بأفراده ، وكذلك الأمر في تنظيم الأسرة فإنه يعود بالفائدة والنفع على الأسرة والمجتمع معا ، وأن تنظيم الأسرة قرار يخص الزوجين معًا ، ولا بد من تباعد فترات الحمل حفاظًا على صحة الأم ، مبينة أن القرآن الكريم تحدث عن ذلك حيث قال الله (عز وجل) : {وحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، وبعد هذه المدة تكون الأم قد استردت صحتها وما فقد منها أثناء الحمل والرضاعة ، كما نبهت على أن الحمل المبكر خطر على صحة الأم والطفل ، وأنه لا بد من تباعد فترات الحمل بأن تعطي المرأة فرصة لاستعادة نشاطها وصحتها وعافيتها , وأن المباعدة بين فترات الحمل لها فوائد من أهمها : التنشئة الصحيحة والصحية لكل مولود ، كما أنه يسهم في تلافي وفيات الرضع ، وخفض وفيات الأمهات بنسبة كبيرة ، فالإنسان مأمور بأن يتجنب مواطن الهلاك والله أعطاه عقلا ليدبر به شأنه كله ، قال تعالى: { بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ }، موضحة أن الإسلام أعطى للطفل حقه في التربية كما أعطى الأم حقها في الصحة والرعاية والعناية ، فرعاية الطفل مفروضة في الإسلام وتضييعه إثم كبير ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ).
وفى ختام كلمتها أكدت أن تنظيم النسل ضرورة وطنية خاصة فى المرحلة الراهنة، وذلك لأن الأولاد أمانة عند والديهم فلهم حق الكسوة والإطعام والتعليم والتربية تربية دينية وخلقية ونفسية ؛ حتى لا يكونوا عالة على المجتمع ، ومن هنا تأتي أهمية تنظيم الأسرة حتى نوجد جيلا قادرا على تحمل المسئولية وعمارة الحياة.
ومن جانبها أكدت المهندسة مرفت عزت الواعظة بوزارة الأوقاف أن تنظيم الأسرة لا يتعارض مع الفهم الصحيح لمقاصد الشرع الحنيف ، مشيرة إلى أنه السبيل إلى النهوض بالمجتمع في التعليم والصحة ، وتتحقق به قدرة الزوجين على رعاية وتربية الأبناء ، مبينة أن القرآن الكريم أكد على حق الطفل في الرعاية والإرضاع ، فقال سبحانه : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }، وهذا الإرضاع حق للطفل ، لذا يجب أن يأخذ كل طفل حقه في مرحلتي الحمل والإرضاع ، والتربية السوية ، مع ضرورة الوفاء بحقه في المأكل والملبس والصحة والتعليم ، ومن ثمَّ فإن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد - منذ ولادتهم - وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم ، فعلى الآباء غرس القيم والفضائل الكريمة والآداب والأخلاقيات والعادات الاجتماعية التي تدعم حياة الفرد وتحثه على أداء دوره في الحياة وإشعاره بمسئوليته تجاه مجتمعه ووطنه وتجعله مواطنا صالحاً في المجتمع.
كما أشارت إلى أن الأسرة في ظل هذه الظروف الراهنة التي يمر بها العالم أجمع من انتشار فيروس كورونا ، وفي ظل الحجر الصحي الذي كان سببا في أن يجلس الجميع في المنزل يجب أن تكون متماسكة ، فربما يكون ذلك فرصة لإصلاح كثير من سلوكيات أفرادها ، وإعادة النظر في ترتيب الأولويات والتركيز على التربية الإيمانية التي ينشأ عنها جيل قوي نافع لنفسه ومجتمعه ، وهذا الحجر فرصة كي تتقرب الأسرة ببعضها ، ويتابع الأب عن قرب سلوك أبنائه ، في جو تسوده المحبة والألفة بين جميع أفراد الأسرة، وربما تكون هذه الفترة سببا في لَمِّ شملها وتقويم سلوكياتها.