نستعرض طوال شهر رمضان الكريم حلقات مميزة من كتاب" النبى والوطن" من الكتاب والسنة و هو أحد الإنجازات العلمية المميزة ضمن موسوعة السيرة النبوية في ثوبها الجديد لمؤلفه الدكتور ناصر بن مسفر القرشى الزهرانى.
بلاد الحرمين مهوى أفئدة المسلمين:
دعا إبراهيم عليه السلام ربه عز وجل للبلد الحرام بتلك الدعوات المباركات، وظل أريجها عطرا يفوح إلى اليوم وسيظل بإذن الله عز وجل إلى قيام الساعة، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، وقال تعالى عنه: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ.
ودعا النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة الشريفة قائلا: اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة، ومثله معه.
وقد أمر الله عز وجل القائمين على هذا البلد الحرام منذ فجره بالاهتمام به وطهارته الحسية والمعنوية،قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
إن الحب والحرص والدفاع عن بلد تحتضن الحرمين الشريفين لهو فرض واجب على أهلها، ومن سكن أرضها، وعلى كل مسلم ومسلمة في جميع أنحاء الدنيا، فإن نموها وازدهارها وأمنها وأمانها: ازدهار وأمان للمسلمين في كل أرض.
إنها البلد الذي يستقبل مئات الالاف من المسلمين من أنحاء الأرض يأتون إليها لأداء الحج والظفر بالعمرة والفوز بالزيارة فينعمون بما يريدون في أمن وطمأنينة وهدوء وسكينة وراحة ورغد، ولا يضمر لها شرا أو يريد بها كيدا إلا من فسدت طويته وخبثت نفسه وضلت أفكاره وإن الله عز وجل بالمرصاد لكل معتد وظالم يريدها بسوء، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
وإن هذه الدولة قد أحسنت غاية الإحسان وأبدعت أجمل الإبداع في خدمة الحرمين الشريفين وصلت بها إلى قمة الجمال عمارة وطهارة وصيانة ونظافة وتوفيرا لكل سبل الراحة، وأعظم من ذلك كله إقامتها على التوحيد ملة إبراهيم عليه السلام وهدي خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم.