أجابت لجنة الفتوى الرئيسة فى مجمع البحوث الإسلامية عن سؤال ورد إليها عن شخص مقيم خارج البلاد ومعه أسرته، وأمواله هنا، ولا يستطيع النزول إلى البلد هذا العام للظروف الحالية، فهل يجوز له أن يخرج زكاة المال هذا العام مع العام القادم.
وقالت اللجنة: إن الأصل هو وجوب إخراج الزكاة على الفور، ودون أى تراخى فى إخراجها، طالما توافرت شروط الوجوب، وكذلك القدرة والتمكن من إخراجها، وهذا هو الراجح الذى ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والإمام الكرخى من الأحناف وغيرهم، فيرى الإمام النووى أنه إذا تم الحول وتمكن من الأداء، فقد وجبت عليه الزكاة على الفور، فإن أخر عصى وأثم ودخل في ضمانه.
أضافت اللجنة أن الفقهاء استدلوا على وجوب الإخراج الفوري للزكاة بقوله تعالى: "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" ( البقرة 43 )، وقوله تعالى: "وأتوا حقه يوم حصاده" (الأنعام 14)، فقد قالوا إن الأمر المطلق يفيد الفورية، بدليل أن المؤخر للزكاة يستحق العقاب، كما استدلوا بأن المسلم مطالب بالمبادرة وسرعة الامتثال لأوامر الله وفعل الخيرات، لقوله تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" (آل عمران 133)، كما مدح الله المسارعين للخير بقوله تعالى: "أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " (المؤمنون 66) .
وأوضحت اللجنة أنه إذا كان الأصل هو فورية إخراج الزكاة، إلا أن هناك حالات ذكرها الفقهاء، وأجازوا فيها تأخير إخراجها لأسباب معينة منها على سبيل المثال: تعذر إخراجها بسبب غيبة المال، أو المنع من التصرف فيه، حيث ينعدم إمكان إخراجها في حقه إذن، ومنها أيضا أن تكون السيولة النقدية في يده قليلة بحيث لو أخرج الزكاة أصابه ضرر في نفسه أو ماله، وقد استدلوا لذلك بالقول أن مثل هذه الحالات تجيز له تأخير وفاء دين الآدمي، ومن ثم كان تأخير الزكاة أولى.
وأكدت اللجنة أنه بناء على ما سبق، فإن المسافر خارج البلاد، وأمواله في البلد، ولا يمكنه النزول يدور أمره بين ثلاث حالات: الأولى: أن يجد وكيلا أمينا يخرج عنه الزكاة في بلد المال، فعندئذ يجب عليه إخراجها دون تأخير، الحالة الثانية: أن يكون معه في سفره مال فائض عن حاجته ومن تلزمه نفقته، فعليه أيضا إخراج الزكاة دون تأخير، الحالة الثالثة: ألا يملك وكيلا أمينا في بلد المال، وليس معه مال فائض عن حاجته، ففي هذه الحالة له الحق في تأجيل الزكاة حتى يتمكن من الأداء.