يحتفل المصريون غداً الثلاثاء، بالذكرى السابعة لثورة 30 يونيو 2013، الثورة التي غيرت مجرى أحداث التاريخ المصرى الحديث والمعاصر وكتبت بأحرف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطنى المصرى الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كافة المستويات، ترتكز على دعائم قوية من التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمجابهة التحديات التي خلفتها جماعة الإخوان الارهابية التي كادت أن تحول مصر إلى إمارة تابعة لمخططات خارجية تحت وهم فكرة الخلافة.
وتعتبر ثورة 30 يونيو ليست فقط، كاشفة عن الزيف والأباطيل التي روج لها الإخوان خلال الفترة القصيرة التي أمضوها في حكم مصر، وإنما تعد ثورة مفصلية في تاريخ الوطن صوبت مسارات الدولة المصرية الحديثة، وأماطت الغيوم والسحائب عن سماء مصر الصافية، وفتحت الطريق أمام قيادتها الوطنية لتضع على عاتقها بناء اللحمة الوطنية على ركائز مؤسسات دولة عصرية حديثة.
سبعة أعوام مضت على ثورة 30 يونيو المجيدة، تلك الثورة التي أنقذت مصر من المخطط الإخوانى الذي استهدف إخضاعها لصالح دول أخرى، والتي أسقطت مؤامرات عديدة لجماعة الاخوان خططتها أياد خبيثة بهدف تقسيم مصر، لتكتب ثورة يونيو شهادة ميلاد جديدة لمصر على يد قائد سياسي بارع ومحنك تصدى للإرهاب ومخططيه لينقذ مصر من الإنهيار.
ثورة مفصلية
كانت ثورة 30 يونيو بمثابة تصحيح لمسار ثورة 25 يناير 2011 التي اختطفها الإخوان بعد انتخابات الرئاسة التي أجريت عام 2012، وفي نفس الوقت مكملة لثورة 25 يناير التي نادت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولكن هذه المطالب التي كانت حلما للمصريين تحطمت أمام محاولات انتهت باختطاف الثورة والدولة وإرادة المصريين على أيدي الإخوان ونظام المرشد الذين سعوا إلى "أخونة" مؤسسات الدولة والتحكم فيها.
كما كانت ثورة 30 يونيو المجيدة، تعبيراً عن تدشين مرحلة مفصلية في تاريخ الأمة المصرية، نقلتها من مرحلة الضياع والانهيار والتفكك وتكالب الأطماع عليها، إلى مرحلة من البناء والتنمية الحديثة المستدامة، ولتؤكد أن مصر تشهد تغيرات واسعة النطاق لبناء دولة حديثة وعصرية وفقاً لأفضل المعايير العالمية لتتمكن من اللحاق بركب التطورات العالمية التي يشهدها المجتمع الدولى ايمانا من القيادة السياسية بأنه لا يمكن الانفصال عن المتغيرات العالمية.
تؤكد الدراسات الاستراتيجية المتخصصة أن ثورة 30 يونيو تعد مرحلة مفصلية محورية بكل التعقيدات والتشابكات، فبعد أن كانت مصر معرضة للتفتيت والانهيار على أيدي مخططات الإخوان الإرهابية، انتقلت مصر بعدها مباشرة من مرحلة تثبيت أركان الدولة، وتعزيز تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار، إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة والمشروعات القومية العملاقة.
كانت هذه الغايات والمقاصد العليا للوطن، تمثل الهدف الأسمى للرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الفترة الممتدة من عام 2014 إلى 2018، من أجل العمل على الحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة بمقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وبات من اليقين أن استعادة مكانة مصر الدولة يتطلب عملًا وجهدًا متواصلين.
مرت سبعة أعوام على ذكرى يوم سطره التاريخ بكلمة الشعب المصرى، لينحنى بعده العالم احتراما لإرادة المصريين، وتتغير وجهة المنطقة، من مسار الشر والكراهية والإرهاب، إلى رحاب الأمن والتنمية والخير والسلام.
لماذا خرج المصريون؟
مع تنامي الرفض الشعبي لحكم الاخوان وبعد مرور عشرة أشهر فقط من تولي الراحل محمد مرسي رئاسة الجمهورية تأسست "حركة تمرد" في 26 إبريل عام 2013 وهي حركة جمعت توقيعات المصريين لسحب الثقة منه مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وحددت يوم 30 يونيو موعدا لانتهاء المهلة للاستجابة لهذا المطلب ودعت الموقعين للتظاهر بعد انتهاء المهلة إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
وتجاهل مرسي مطالب الموقعين على استمارات تمرد والمعارضة ووصفها بالمطالب العبثية رافضا إجراء انتخابات مبكرة ودعا في خطاب امتد لساعتين ونصف المعارضة للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية.
وفي الوقت الذي رفضت فيه المعارضة دعوة مرسي ، دعا شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب كل مصرى إلى تحمل مسئوليته أمام الله والتاريخ والعالم محذرا من الانجراف إلى حرب أهلية تنذر بعواقب لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد، فيما دعا البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية والكرازة المرقسية إلى التفكير والتحاور معا.
وفي 23 يونيو، أصدر الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك بيانا أعلن فيه أن القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسئوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم التدخل لمنع انزلاق مصر في نفق مظلم من الصراع والاقتتال الجاري والفتنة الطائفية وانهيار مؤسسات الدولة ودعا إلى إيجاد صيغة للتفاهم وتوافق المصالح خلال أسبوع من هذا التاريخ.
وفي 30 يونيو، تجمع في ميدان التحرير والميادين الرئيسية بالمحافظات الملايين من معارضي نظام مرسي في الذكرى الأولى لتوليه منصب رئيس الجمهورية مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فيما خرج أنصاره في مظاهرات مؤيدة له وتجمعوا في ميداني رابعة العدوية والنهضة وقامت حركة تمرد بالتظاهر أمام قصر الاتحادية.
ورغم الجهود التي بذلتها القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، من جهود مضنية من أجل إخراج البلاد من الهاوية، إلا أن إصرار مرسي وجماعته وعدم الانصياع للمصلحة العليا للأمن القومي المصري، تم عزل مرسي من سدة الحكم وجاءت خريطة الطريق التي مهدت الأجواء لتصحيح مسار الدولة المصرية المخطوفة على أيدي الإخوان وأتباعهم لتبدأ مصر مرحلة جديدة من كفاحها الوطني في البناء والتنمية.
لقد شكل انحياز القوات المسلحة المصرية والشرطة لإرداة الشعب عاملا محوريا في سرعة الحسم وإنهاء حكم الإخوان، لتبدأ بعدها الدولة المصرية مرحلة انتقالية رغم صعوبتها، لكنها اجتازتها بنجاح رغم التحديات الأمنية والاقتصادية.
وحملت القوات المسلحة على عاتقها مسؤولية إعادة بناء الدولة والمساهمة في التنمية الشاملة، بجانب استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب في شمال سيناء وربوع الوطن، ونجحت الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتسارعت خطى الدولة لإعادة بناء سياستها الخارجية اعتمادا على مبادئ الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتحقيق مصالح الشعب عبر إدارة علاقات مصر الدولية في إطار الشراكة، وتبنى الحلول السياسية السلمية للنزاعات.
ونجح الرئيس السيسى مدعوما بإرادة المصريين بعد انتخابه في 2014، في تحقيق إنجازات ومشاريع عملاقة، وتم إعادة الاقتصاد المصرى إلى مكانته وحقق معدلات مرتفعة من النمو، واستعادت مصر علاقتها مع الدول الخارجية التي تدهورت إبان حكم الإخوان، وبدأت مسيرة التنمية الشاملة.
وتوالت المشروعات القومية العملاقة، فمن قناة السويس الجديدة ومشاريع الإسكان إلى المصانع والشركات، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير شبكات الطرق والنقل، ومشروعات التنمية وشبكات الطرق والبنية التحتية، وارتفاع احتياطى النقد الأجنبى، وانخفاض عجز الموازنة وتراجع معدلات البطالة.
وتأتى الذكرى السابعة لثورة 30 يونيو لتحمل معها الآمال الجديدة المتواصلة لكل المصريين والطموحات والآفاق الواسعة للدولة المصرية للمضي قدماً للأمام والدفع نحو تحويل تلك الطموحات والآمال الى واقع معاش يشعر به كل المواطنين، ويوقنون أن قيادة الدولة تبذل قصارى جهدها للارتقاء بهم، وحماية المصالح الوطنية العليا للدولة المصرية بشموخ واقتدار وعزيمة المحاربين.