قبل سبع سنوات ، تحديدا فى الثالث من شهر يوليو، شهد ميدان التحرير قلب القاهرة النابض وسائر ميادين مصر الرئيسية ، هتافات وفرحة المصريين واحتفالاتهم بعودة الروح من جديد ، ونهضت مصر كالمارد ، نافضة عن ملابسها غبار عام الإخوان ، وفتحت صفحة جديدة فى تاريخها تتلمس خلالها غد أفضل على معترك الحياة .
عادت الروح للمصريين بعدما ألقى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي البيان الصادر عن القوات المسلحة عبر التليفزيون المصري ، وفيه أعلن أنهاء رئاسة محمد مرسي للبلاد ، عارضا خارطة طريق سياسية وافق عليها المجتمعون من قيادات وقوى سياسية ودينية شبابية وذلك بعد انتهاء مهلة ال48 ساعة التي منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية الحاكمة .
بناء وطن، تصحيح مسار ، وفتح آفاق الحلم والأمل أمام ملايين المصريين، الذين هتفوا ضد "سماسرة الأوطان" وسارقي الأحلام، ليستردوا مصر الحرة ، ملامح رسمتها خارطة الطريق ، حيث أعلن الرئيس السيسى أنها تشمل تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت ، وأداء رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة ، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد ، على أن يكون لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية، و تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
وتشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتا ، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا بسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية ، ووضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن ، و اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكونوا شركاء في صنع القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
وأهابت القوات المسلحة فى البيان الصادر عنها، شعب مصر بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء ، محذرة أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم لأي خروج عن السلمية طبقا للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية.
لحظة تاريخية خلد فيها ميدان التحرير الذي أسسه الخديوي إسماعيل، ليحاكي ميدان الشانزليزيه في باريس ، خلد نهاية فترة عصيبة من حكم البلاد ، كانت وضعا كارثيا للمصريين ، ووضعت ختاما ناجحا لأيام لاتنسى أمتدت من ٣٠ يونيو إلى ٣ يوليو عام ٢٠١٣ ، وهى الفترة التى تجمع فيها الملايين من معارضي نظام مرسي في تظاهرات سلمية عمت أرجاء ميادين مصر ، وطالبته بالرحيل و إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتركزت التجمعات بصفة خاصة في ميدان التحرير وفي الميادين الرئيسية في عدد كبير من المحافظات .
في تلك الفترة التى يعدها كثيرون من أهم وأضخم الثورات الشعبية في تاريخ مصر الحديث ، أثبت ميدان التحرير من جديد أنه رمز للهوية الثورية للمصريين على مدار أيامها الاربعة ، فقد كان من قبل أيقونة ثورة يناير، وظل على مدى التاريخ قبلة المصريين لتغيير حياتهم للأفضل فكانوا قد لجئوا إليه خلال عامي 1919 و1935 ليعبروا عن رفضهم للاحتلال الإنجليزي لمصر، ومنه انطلقت المطالبات برحيل نظام جماعة الإخوان الإرهابية في 30 يونيو 2013، ثم الخروج لتفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي لمحاربة الإهاب ليصبح الميدان قبلة المصريين للتعبير عن آرائهم.
ولأن الحاضر والمستقبل هما نتاج الماضى ، فقد شهد ميدان التحرير اللمسة الحضارية التى يستحقها تاريخه ، كى يكتسب رونقه التراثي، ليُحاكي أشهر ميادين العالم، وهو ما يليق بميدان له مثل هذه الأهمية التاريخية العظيمة بفضل العديد من الأحداث التي شهدها الميدان ، حيث كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطويره ، و نقل عدد من القطع الأثرية التى تعكس حضارة مصر وتاريخها العريق إليه، وذلك على نحو يليق بسمعة ومكانة الحضارة المصرية القديمة، ويضاهي ما تتوسطه أشهر الميادين كبرى عواصم العالم من آثار فرعونية ٠
على قدم وساق، تجري حاليا أعمال تطوير الميدان ليظهر في أبهى صورة له، وذلك في إطار المشروع العام لتطوير القاهرة الخديوية الذي كلف به الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ليصبح مزارا ضمن المزارات الأثرية والسياحية التي تحتضنها مصر.
وشهدت أعمال التطوير، الاهتمام بالتاريخ التراثي للميدان، بدءا من تجميل المناطق المحيطة به، بجانب التوسع في الإنارة الجمالية للواجهات الخارجية للمتحف المصري بالتحرير، وكذا الحديقة الملحقة به والخاصة بالعرض المتحفي المفتوح، إلى جانب نظم إضاءة العقارات التراثية المطلة على الميدان، والمسلة، والنافورة، والموقع العام.
وعلى مشارف إفتتاح عمليات التطوير ( الذى تأجل للعام المقبل بسبب فيروس كورونا) ، بات ميدان التحرير حاليا تحفة معمارية تليق بمكانة مصر والمصريين والأحداث التاريخية التى شهدها ، فقد تم طلاء وجهات المباني الموجودة به لكي يكون هناك تناسق مع ما تحيط به من أثار ورموز تاريخية ، وإزالة لجميع التشوهات البصرية والإعلانات من أعلى العقارات المطلة على الميدان، بالإضافة إلى توحيد الإنارة ، وتم زراعة النخيل وأشجار الزيتون في المنطقة المحيطة به٠
كما تم وضع مسلة فرعونية فى وسط الميدان،"مسّلة الملك رمسيس الثاني" ونافورة وأعمال مائية، فضلا عن تزيينه 4 تماثيل من تماثيل الكباش لأبي الهول برأس كبش ، وبدأت شركة مصر للصوت والضوء والتنمية السياحية في تنفيذ مشروع إنارة ميدان التحرير ضمن خطة تطويره التي تتعاون فيها مع محافظة القاهرة ووزارة الآثار٠