لقد حزنت جداً عند سماعى خبر الهجمة الإرهابية الخسيسة على أفراد الشرطة فى مدينة حلوان، نعم الإرهاب لا دين له فكيف يقتل هؤلاء آخرين باسم الله وباسم الدين.. أن الله والدين منهم برىء، لكن فى ظل هذه الظروف والتحديات التى تمر بها البلاد لابد وأن نعرف أولويات الأمور، كما لابد وأن نتعامل مع العدو الحقيقى وهو الإرهاب القاتل والمهلك.
لقد ذكرت هذا فى عدة مقالات سابقة، حيث حذرت مراراً وتكراراً من خطر التشتت والانشغال بقضايا قد تكون مهمة لكنها ليست بأهمية خطر الإرهاب، كما حذر الكثيرين من استهلاك طاقة أجهزة الدولة فى قضايا ايضا قد تكون مهمة لكن كان من الممكن معالجتها بطرق مختلفة، وحتى لا تصل إلى التصعيد الذى لا ضرورة له فى مثل هذه الظروف التى تمر بها المنطقة بأكملها.
انا لا أدافع عن أشخاص أو مؤسسات، لكن أدافع عن الدولة المصرية التى كدنا أن نفقدها تماماً ولكن لم يريد الله الهلاك للمصريين، وأودّ أن اذكر الدولة أيضا فى نفس الوقت بواجباتها تجاه مواطنيها والتعامل معهم بالطريقة التى تضمن حوارا متبادلا فى ظل القانون وشفافية حكيمة فى الإطار المسموح به بما لا يضر بالأمن القومى أو مستقبل الأمة، كما أود أيضا أن أطلب من المواطنين عدم التسرع فى الحكم على الأمور بدون تحليل الصورة كاملة ومعرفة الدوافع خلف قرارات قد تكون إستراتيجية، ومن الصعب التحدث عنها فى ظل الحرب الحديدية بين الدول، وهى حرب المعلومات وحرب الضغوط وتكسير العظام وحرب التحالفات، لكن الاخطر من كل هذا هو الانتحار الفكرى أو السياسى أو حتى الوطنى أو تفجير الذات من بعض المواطنين نتيجة الدفاع عن قضية أو وجهة نظر مما قد ينهى بحياة الجميع بلا حساب.
أقصد من كلامى أن الحرب الداخلية هى أخطر بكثير من الحرب المعلنة الخارجية، لأن الحرب الداخلية مثل السرطان يتوغل فى الجسم ويدمره وفى معظم الأحيان معالجته قد تكون شبة مستحيلة نظرا لتفشى السرطان فى كل أعضاء الجسم، كما يضعف الجسم عن الدفاع عن نفسه فالإرهاب مثل السرطان لو تفشى أو توغل فى الدولة لا يمكن أن يعالج، لكن اذا تم استئصاله فى بدايته فهناك فرصة كبيرة للنجاة، لكن أن تركناه نظرا لانشغالنا بأشياء أخرى، فمن الممكن أن يكون التدخل لاحقا لا قيمة له بعد فوات الاوان.
أرجو من الجميع توحيد الصفوف لمحاربة الإرهاب ثم محاربة الإرهاب مرة أخرى، للتأكد من هزيمته ثم الانتباه للأشياء الأخرى.. رحم الله شهداء الوطن وحفظ الله أبناء مصر، وأرجو أن نتكاتف حتى لا نخسر أرواح أخرى وحتى لا نخسر بلادنا.