عقدت وزارة الأوقاف، ندوة للرأى تحت عنوان : " فضل العشر الأول من ذى الحجة " بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، تحدث فيها كل من : الدكتور نوح عبد الحليم العيسوى وكيل الوزارة لشئون المساجد والقرآن الكريم ، والدكتور صـبرى حـلمى أبو غياتى مـديــر عـام المساجد الحكومية .
وفى بداية كلمته أكد الدكتور نوح عبد الحليم العيسوى أن من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للخيرات ، تضاعف فيها الحسنات ، وتتنوع فيه الطاعات ، وترفع فيها الدرجات ، ومن هذه المواسم العشر الأول من ذى الحجة ، مشيرًا إلى أن الله (عز وجل ) قد أقسم بها تنويهًا بشأنها وفضلها ، وإرشادًا لأهميتها ومكانتها ومنزلتها ، قال تعالى : {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} ، حيث ورد عن النبى (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال فى تفسير هذه الآيات ( العشر : عشر النحر ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر) ، موضحًا أن الله (عز وجل) أمر عباده بكثرة ذكره فيها ، وذلك إعلامًا بفضلها ، وإظهارًا لشعائرها.
كما أشار العيسوى، إلى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قد وجه المسلم إلى الأعمال الصالحة فى هذه الأيام ، لأن العمل الصالح فيها أحب إلى الله (عز وجل ) من العمل فيما سواها ، فيقول النبى ( النبى صلى الله عليه وسلم ) : "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" يَعْنِى الْعَشْرَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَلَا الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ" ، مشيرًا إلى أنه على رأس الأيام التى يجب على المسلم اغتنامها فى هذه الأيام يوم عرفة ، فهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، وهو يوم مغفرة الذنوب ، وستر العيوب ، والعتق من النار ، والمباهاة بأهل الموقف ، يقول ( النبى صلى الله عليه وسلم ) : " ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أَن يُعتِقَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيه عبدًا مِن النارِ مِن يومِ عرفةَ ، وإنَّه لَيدنو عزَّ وجلَّ ثم يُباهى بِهم الملائكةَ".
كما أكد الدكتور نوح عبد الحليم، أن من أعظم الأعمال الصالحة فى هذه الأيام صلة الأرحام ، فهى قيمة عظيمة من قيم الإسلام التى حث عليها , ليعيش المجتمع كله فى أمن وأمان وسلم وسلام ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَقَالَتْ : هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ : بَلَى ، قال : فذَلِكَ لَكِ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه ( صلى الله عليه وسلم ): اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ : " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ " ، مشيرًا إلى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) حث على صلة الأرحام , وأنها تطيل العمر , وتوسع الرزق , وتزيد التماسك والترابط المجتمعى ، وترسخ قيم المحبة والمودة والعيش المشترك بين البشر جميعًا ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"، مبينًا أن صلة الرحم لها أبواب خير كثيرة : فتكون بزيارة الأهل ، وبالكلمة الطيبة ، والابتسامة مما يزيد فى الألفة ويقوى المحبة والتراحم والتكافل بين ذوى الرحم والقرابة ، وأنه لا بد من بث روح التسامح والمحبة بين أفراد المجتمع.
وفى بداية كلمته بين الدكتور صـبرى حـلمى أبو غياتى أن الأعمال المشروعة فى هذه الأيام المباركة (أيام العشر من ذى الحجة) كثيرة ومتنوعة ، منها : الصوم : فهو من أفضل الأعمال ، مشيرًا إلى أنه يسن للمسلم أن يصوم التسع من ذى الحجة ، فصومها من الأعمال المحببة إلى الله تعالى، وخاصة صيام يوم عرفة لغير الحاج : فقد خص النبى (صلى الله عليه وسلم ) صيامه من بين أيام العشر ، حيث قال : "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، إِنِّى أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالَّتِى بَعْدَهُ " , ويوم عرفة يوم من أيام الله المشهودة التى يتجلى الله (عز وجل) فيها على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ، يقول النبى (صلى الله عليه وسلم) : (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ، ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ).
كما أشار إلى أن مساعدة المحتاجين والفقراء ، وكثرة التكبير والتحميد والتهليل والذكر من الأعمال الصالحة فى هذه الأيام المباركة ؛ لقوله سبحانه : {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ، ويقول النبى (صلى الله عليه وسلم ) : مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهن مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ والتحميد) .
كما أكد على أن من الأعمال الصالحة فى هذه الأيام المباركة الإكثار من الصدقة ، لإدخال الفرح والسرور على الفقراء والمحتاجين ، حتى ينعم الجميع بالسعادة فى هذه الأيام ، مشيرًا إلى قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فِى الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يومِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُسْلِمٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاللَّهُ فِى حَاجَةِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ».
وفى ختام كلمته بين أن من رحمة الله بعباده أن جعل المتخلف لعذر شريكًا للسائر كما قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : لما رجع من يوم تبوك : " إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم خلفهم العذر" .
قال الشاعر:
يا راحلين إلى البيت العتيق لقد * * * سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا
إنا أقمنا على عذر وعـن قدر * * * ومن أقـام على عذر فقـد راحـا
ومن الأعمال التى يأخذ بها العبد ثواب الحج والعمرة عند العجز عنهما ذكر الله تعالى والمداوامة عليه , وصلاة الفجر فى جماعة والذكر حتى طلوع الشمس وصلاة ركعتين بعدها قال النبى (صلى الله عليه وسلم) : " من صلَّى الفجرَ فى جماعةٍ ، ثم جلس يذكرُ اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ ، ثم صلَّى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حجةٍ وعمرةٍ تامةً، تامةً، تامةً" .