أدان مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، نشر رسوم مسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلاً:" الإسلام هو أعظم النّعم التي امْتَنَّ بها المولى سبحانه وتعالى على عباده، ومن تمام نعمته جلَّ جلاله أن بعث إلينا خاتم رسله سيّدنا محمدًا صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم وأنزل عليه خير كتاب أُنزل".
وتابع المركز عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك":"ومما لا شكَّ فيه أن الإنسانيَّةَ تشهد في عصرنا الحاضر تطورًا كبيرًا فى شتّى المجالات لا سيَّما التطور التقني غير المسبوق، والذي ينبغي أن يُستثمر في إرساء قِيَمِ الرَّحمة والتسامح والسلام، إضافة إلى غيرها من القِيم الفاضلة، التي جاء بها سيدنا رسول الله ﷺ؛ إلّا أننا نجد من يستغلّ هذا التطور في الإساءة للرِّسالة الخاتمَة ورسولنا ﷺ، وازدراءِ رموز الدّين".
وأضاف المركز:"والواقعة المشئومة التي وقعت في هذه الأيّام بنشر رسوم مسيئة لرسولنا الكريم سيدنا محمد ﷺ لَهي من أخبث الوقائع وأرذلها، وأكثرها حضًّا على الكراهية ونشرًا للعنف وتعزيزًا لأسبابه، ولا يخفى أنَّ هذه الحادثة الخبيثة ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها وقائعُ مشابهة، منذ البعثةِ النَّبويِّة المشرَّفة، والرسوم الكاريكاتورية المسيئة تحديدًا يرجع تاريخُها لأكثر من خمسة عشر عامًا، وارتُكِبَتْ كذلك باسم حرية التعبير والإبداع.
ولكنَّ هذه الوقائع لم تنلْ شيئًا من مكانة سيدنا رسول الله ﷺ لدى أتباعه، أو لدى المنصفين من غير أتباعه، كما أنها لم ترفع من قدر مُنتَقِصيه؛ بل وضعتهم أسفلَ سافلين، وشواهدُ التَّاريخ تؤكد أنّه لم يُمتدَح قط مستهزئ أو حاضّ على الكراهية.
واستطرد مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية:"ونودُّ هنا أن نطرح تساؤلاتٍ على أنصار حرية التَّعبير المُطلقة: هل لمقدَّسات النّاس ومشاعرهم احترام لديكم؟!، أو هل تُقاس حضارات الأمم بتقدم صناعاتها، وتشييد بناياتها فحسب؟! أم أنّ القيم الثابتة هي الأساس الحقيقي للحضارات؟!".
إنَّ نظرة واحدة على الماضي جديرة بفَضْحِ ما تركته ممارسات العُنْصُرِيَّة، وازدراء الأديان والرسالات ورموزها من آثار سلبية تركتها تلك الهمجِيَّةُ البغيضَةُ، و عانت منها البشرية عقودًا؛ وأيّما معاناة؛ ولا زالت ..
وليس الإرهاب عنَّا ببعيد ..
وتابع المركز:"بكل وضوحٍ نقول: إن الإسلام يرفض انتقاصَ الآخر خلف أيّ سِتار، وتحت أي مُسمّى، كما يرى أن حرية الفنّ والإبداع يجب أن تكون منضبطة بقيم السلام والتّسامح والرحمة واحترام الآخر، بغضِّ النظر عن دينه أو جنسه أو عرْقِه أو لونه، وحَرِيٌ بنا في هذا المقام أن نلفت الأنظار إلى أنَّ تمسُّكَ المسلم بدينه، وعملَه بكتاب الله عز وجل، والتزامَه سنَّة سيدنا رسول الله ﷺ وأخلاقه، لهو الرَّد الأمثل على هذه الإساءات".
وإن ردَّ الإساءة بالإساءة أو بالعنف لن يُوقف مُحاولات الانتقاص المتكررة، ولن يضع حدًّا لإساءة مُسيء استمرأ الفُحش، وهدي القرآن في ذلك بيّنٌ جَليّ؛ قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. [الأنعام: 108].
كما أنه ليس من خُلق المؤمن؛ فما تعبَّد اللهُ عبادَه بسبٍّ أو بذاءة، قال ﷺ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ». [أخرجه الترمذي وحسَّنه]
وأخيرًا .. لو عرفوه ما أساءوا إليه؛ بل لو عرفوه لأحبّوه.
فرسول الإسلام ﷺ لهو شعاع النور للبشرية جمعاء، وهو الداعي إلى كل فضيلة، النّاهي عن كل رذيلة، جعل الله سبحانه الفلاح في الإيمان به وتعزيره ونصرته واتباعه؛ قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. [الأعراف: 157]
وبعثهُ سبحانه برسالة التوحيد والسلام والحرية والأخلاق إلى أمة لا تعرف عن هذه المعاني شيئًا يُذكر؛ فاستطاع بوحي الله سبحانه أن يُحوِّل أفرادها إلى عُبَّادٍ لله تعالى، زُهَّادٍ في هذه الدنيا، وقادةٍ صالحين مُصلحين.
ويكفي لبيان عدمِ الإنصاف، وانعدام الموضوعية، وموت الضَّمير، لدى منتقصيه أنهم لم يعرفوا عن رسالته السَّمحة، وخُلقه القويم ﷺ مقدار صفحة من كتاب.
وإن محاولةً صادقةً من عقل واعٍ لمعرفته ﷺ لتوصِّل صاحبها إلى الإيمان بنبوته ومحبته، أو إلى احترامه وإنصافه على أقل تقدير.
ولا ضَيْر؛ فمن زكَّاه الخالق عزّ وجلّ وعصمَه؛ لن تُنقص من قدره كلمةُ سخريةٍ، أو رسمةُ إساءةٍ، قال تعالى في عصمتِه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ}. [المائدة: 67]، وقال: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}. [الحجر: 95]، وقال في تزكيتِه ﷺ: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}. [القلم: 4].
واختتم مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية:"وقد جَبَرَ الله خاطرنا في سيّدنا رسول الله ﷺ حين قال: {قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ * وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ}. [الأنعام 33-34]، فاللّهم صلاةً على رسولك ونبيك وحبيبك، واتّباعًا لهدْيِك، واقتداءً بحبيبك، وحفظًا وعملًا بكتابك، وعونًا ومددًا لعبادك.