في ذلك الأسبوع، فُوجئت بأشخاص كثيرين يُقدمون لي التهاني على حدث يخصني في العمل، والحقيقة كم سعدت بمشاعرهم الطيبة، وما زاد من سعادتي أن منهم أشخاص لا تربطني بهم علاقات قوية، ورغم ذلك حرصوا على التعبير عن سعادتهم بي، وحينها يتيقن أن الحياة ملأى بمن قُلوبهم لازالت مليئة بالخير والحُب.
ولكن دون قصد مني تذكرت أشخاص، كان لي دائمًا السبق في الاهتمام بشئونهم، وكنت أحرص على التعبير عن سعادتي بأي خير يتحقق لهم بكل السبل، وليس لتحقيق نفع خاص؛ لأنني لست في حاجة إليهم، ولكنها كانت مشاعر صادقة وخالصة، ورغم ذلك لم يتذكروا حتى أن يُهنئوني، كما فعل بقية الزملاء، وعندما شعرت ببعض الغُصة، تذكرت مقولتي التي كنت دائمًا أقولها لمن يشكون لي مثل تلك التصرفات التي تحدث معهم، وما تُسببه لهم من آلام، فكنت أقول على الفور: "اشكروا الظروف التي جعلتكم تعرفون أصحاب القُلوب النبيلة، وترون أصحاب النفوس الضعيفة على حقيقتهم، فأنت تتألم للحظات على أنك كنت شخص تتسم بالشهامة في كل المواقف، مع أشخاص لا يحترمون أبسط قواعد الأصول، فأنت الأفضل، وأنت الأقوى، وأنت من ستظل مُتربعًا على عرش قُلوب البشر، أما هم، فدعهم وشأنهم، أعانهم الله على أنفسهم، وإن كانت التهنئة ستأتي منهم، فالله الغني عنها، طالما أنها من قُلوب لا تحمل لك الخير، ولا تفرح لك، حتى ولو على سبيل أنك كنت في قمة شياكتك معهم في مثل تلك المواقف".
الناس يقولون: "اعرف صاحبك وعَلِّمْ عليه"، ولكنني أختلف معهم، فمن يفعل ذلك ليس بصاحب، ولا يصلح أن يكون صاحبًا، العبارة الصحيحة اعرف من أمامك ودعه وشأنه، ويكفيك من حولك من أصحاب القُلوب الرحيمة، والنفوس النبيلة، والأحاسيس الصادقة، فهؤلاء كنز يُغني عن مليون شخص يُهنئك، وبداخله يتمنى فشلك وهلاكك، ولو قال لك "مبروك"، يقولها وهو لا يتمناها، ولا يشعر بها، فلقد أظهرهم الله لنا؛ لأنه يُحبنا، ويرفض خداعنا.