يراه زملاؤه وكل من اختلط به عابدًا فى محرابه وقورًا بينهم زاهدًا فى كرسى الحكم الذى يتقاتل عليه الساسة، مترفعًا عن الصغائر غير مبال بما يقال عنه، لا ينتمى لتيار سياسى أو دينى، عاشق للمنصة التى جلس عليها على مدار 46 عامًا.. إنه المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس الجمهورية السابق.
يستعد المستشار عدلى منصور للرحيل من رئاسة المحكمة الدستورية العليا نهاية شهر يونيو المقبل بعد بلوغه سن الـ70 عامًا وهو سن التقاعد للقضاة، بعد أن قطع شوطًا طويلاً فى حياته المهنية وسجلا مشرفا حافلاً بالعطاء، حيث يعتبره المصريون هو المنقذ والمخلص لهم من حكم جماعة الإخوان التى سعت إلى اغتياله بعد أن وافق على تولى منصب رئاسة الجمهورية بشكل مؤقت بعد ثورة 30 يونيو.
بدأ المستشار عدلى منصور حياته المهنية بعد تخرجه فى كلية الحقوق جامعة القاهرة فى عام 1967 وحصوله على دبلوم الدراسات العليا فى القانون العام بتعيينه فى عام 1970 مندوبا مساعدا بمجلس الدولة، ثم التحق للعمل عضوًا بإدارة الفتوى والتشريع لرئاسة الجمهورية والمحافظات فى ديسمبر 1970، كما عين مندوبًا بمجلس الدولة فى 1971 والتحق للعمل عضوًا بإدارة الفتوى والتشريع لوزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى وفى 1984 عين مستشارًا لمجلس الدولة، كما عين وكيلاً بمجلس الدولة وظل يتدرج فى منصبه داخل مجلس الدولة حتى سار نائبًا رئيس المجلس فى 1992.
وفى ديسمبر 1992 عين نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وظل أكثر من 24 عامًا فى هذا المنصب حتى جاءت الفرصة التى لم يتوقعها يومًا فى حياته بحسب ما صرح به حيث فى اليوم تم تصعيده رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا فى 30 يونيو عام 2013 شاءت الأقدار أن يتولى منصب رئيس الجمهورية بعد سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية ليكون ثاني رئيس للجمهورية بشكل مؤقت فى تاريخ مصر بعد صوفى أبو طالب، الذى تولى مهمته لمدة 8 أيام من 6 إلى 14 أكتوبر 1981، عقب اغتيال الرئيس السادات قبل أن يتم استفتاء الشعب على الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
المستشار عدلى منصور قضى 330 يومًا فى حكم البلاد فى مرحلة هى الأخطر فى تاريخ مصر، وذلك بسبب محاصرة المجتمع الدولى لمصر اقتصاديًا، بجانب العمليات الإرهابية التى قادتها جماعة الإخوان ضد الشعب والشرطة والجيش والقضاة، وكان قد عانى "منصور" من جماعة الإخوان قبل توليه حكم البلاد بعد قيام عناصر الجماعة الإرهابية بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا ومنع أعضاء من الدخول حتى يتمكنوا من عملهم وإصدار حكم حل مجلس الشعب الإخوانى.
ورغم كل ما قدمه منصور من خدمات للبلاد إلا أنه أثناء توليه الحكم وفى ظل غياب البرلمان، تولى مهمة التشريع وإصدار القوانين، وأصدر فى فترة ولايته أكثر من 120 قانونا، أثار بعضها جدلاً كبيرًا ومنها قانون التظاهر والطعن على عقود الدولة وقوانين الانتخابات التى تمت إعادتها إلى المحكمة الدستورية وأصدر حكمًا ببطلانها وأعيد تعديلها.
وبعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسى بانتخابات رئاسة الجمهورية سلم عدلى منصور السلطة فى 8 يونيو عام 2014 إلى "السيسى" ليخرج أول رئيس للجمهورية بشكل لائق دون قتل أو سجن كما حدث ممن سبقه من رؤساء مصر السابقين.