انطلقت صباح اليوم الثلاثاء بمقر أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين بالسادس من أكتوبر فعاليات المكون الثقافى للدفعة الثانية من الدورة المتكاملة بمحاضرتين، الأولى الدكتور شريف عوض أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة تحت عنوان (حاجة الأئمة والواعظات لعلم الاجتماع)، والثانية للدكتور أحمد على سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بعنوان: (المكون المعرفى ومهارات التنمية البشرية العصرية اللازمة للسعادة الدعاة)، يأتى ذلك مع الالتزام التام بكافة إجراءات الوقاية الصحية من التعقيم والتطهير، وارتداء المتدرب للكمامة، والحفاظ على التباعد الاجتماعى، طوال مدة التواجد بالأكاديمية وذلك استمرارًا لخطة الوزارة فى التدريب والتأهيل، والعمل على إعداد جيل من الأئمة متبحر فى كافة فروع المعرفة، قادر على تفنيد الشبهات والتصدى لأصحاب الفكر المتطرف، وبرعاية كريمة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف.
ومن جانبه، أشاد الدكتور شريف عوض بجهود الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فى نشر الفكر المستنير ومواجهة الفكر المتطرف، وأكد أهمية علم الاجتماع للداعية الناجح، فمعرفة حال المدعوين والظروف الاجتماعية للبيئة التى يدعو فيها من عوامل نجاح الدعوة، فهو عِلمٌ يهتم بالأفراد والمجتمع ودراسة العلاقة بينهم، وتأثير هذه العلاقة فى كل طرف منهما، فعلماء الاجتماع يقومون بملاحظة وتسجيل طريقة اتصال الأفراد بعضهم ببعض وبالبيئة التى يعيشون فيها، والأسباب الكامنة وراء الأشكال المختلفة للسلوك الاجتماعى . وعلم الاجتماع هو العلم الذى يتناول دراسة المجتمع الإنسانيّ؛ ويبحث فى علاقة الناس مع بعضهم البعض، وما ينتُج عن هذه العلاقات من ظواهر اجتماعيّة تختلف باختلاف المجتمعات الإنسانيّة، وتتغيّر بتغيّر الزمان والمكان، وتُستنبَط بعد كل هذه الملاحظات والمشاهدات قوانين عِلم الاجتماع التى تُحدّد مدى تقدّم المجتمع وازدهاره أو تخلّفه وتراجعه، فدراسة علم الاجتماع ضرورية للداعية الناجح، فبه يستطيع أن يحدد الداء المجتمعى ويصف له الدواء الدينى المناسب.
وأضاف، أنه لم يعد خافيًا على أحد ما لعلم الاجتماع من أهميّة وأثر فى حياة الأفراد والجماعات، وفى تطوّر الأفكار والمجتمع، فتبرز أهميّة علم الاجتماع التأكيد على العلاقات بين الظواهر المختلفة، ومحاولة معرفة الوظائف الاجتماعيّة لها وأساليب تطوّرها، وتكمن أهمية الاطلاع عليها فى أن موضوعها له علاقة وثيقة مع موضوع الدعوة وهو (الإنسان)، والإلمام بعلم الاجتماع يعين على فهم عقول الناس ومعرفة تفكيرهم، (فعلم الاجتماع) يُعنى بدراسة المجتمع البشرى فى مختلف جوانبه، ويعمل على تحليل ظواهره، والكشف عن القوانين التى تحكم مسيرته، فيلزم الداعية معرفة أسس هذا العلم، من منظور إسلامى، ومحاولة علاج الظواهر السلبية بعلاج أسباب ظهورها.
وفى ختام المحاضرة، أكد أن علم الاجتماع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا) وعلم النفس والعلوم الاجتماعية الأخرى التى يدرس كل واحد منها جانبًا من حياة الإنسان الاجتماعية، مشيرًا إلى أن هناك قسمًا من علم الاجتماع هو علم الاجتماع الدينى ويقصد به: (دراسة الظواهر الاجتماعية فى ميدان الدين والعلاقات الاجتماعية للدين فى الداخل والخارج)، وهى كلها علوم لا يسع الداعية أن يكون بمنأى عنها.
وفى المحاضرة الثانية، أكد الدكتور أحمد على سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن رسالة الداعية هى امتداد لرسالة الإسلام التى بلَّغها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فمهمة الأئمة والعلماء مهمة عظيمة وشاقة تحتاج إلى مزيد من العمل والجهد والتعلم المستمر، وذلك من خلال داعية أكثر تميزًا، وقدم عرضًا للتحديات التى تواجه الأمن القومي، وضرورة مواجهتها بالفكر والمنهج العلمى السليم، مؤكدًا أنه يجب على الأئمة أن يكونوا متطورين ومواكبين للعصر.
كما تضمنت المحاضرة الحديث عن فرائد الشخصية المصرية وسماتها، حيث إنها متدينة بفطرتها، ومتسامحة، حرة وعزيزة وأبية، متلاحمة وقاهرة وقت الشدائد والمحن، تتميز بالصلابة والدعابة فى آن واحد، ومبدعة ينتظر الآخرون ما تقوم به ليسيروا على دربها، وتعاقب عليها عبر تاريخها المديد صنوف من الغزاة والمحتلين، غير أنها واجهت التحديات والأعداء بمنتهى البسالة وما تزال.
وأضاف، أنآليات ومهارات التواصل اللازمة للإمام متعددة، مقسمًا لها منها: مهارات عامة تلزم الإمام وتتمثل فى أن يكون كريمًا عزيزًا، متواضعًا فى عزة، مبتسمًا بشوش الوجه، مهندمًا نظيفًا، حساسًا وحسيسًا بآلام المجتمع، متفائلًا باعثًا للأمل والتفاؤل فى جنبات المجتمع، قدوة لغيره، مبتعدًا عن مواطن الريبة والشك، مبدعًا فى حل المشكلات المجتمعية، مخاطبًا للناس على قدر عقولهم.
وثانيها: المهارات العلمية اللازمة للإمام وتتمثل فى التكوين العلمى والأكاديمى بحيث يكون الإمام موسوعة علمية أخلاقية روحية اجتماعية تمشى على الأرض، مداومًا على مراجعته للقرآن وكثرة سماعه، حافظًا للسنة الشريفة، والمتون "فمن حفظ المتون نال الفنون"، متأملًا فى كتاب الله المنظور والمسطور، قارئًا لكبار المفكرين فى شتى المجالات.
وثالثها: المهارات الفنية والمهنية للإمام وتتمثل فى مهارات العرض والتقديم، والإقناع والاستمالة، مهارات التواصل الاجتماعي، وضرورة التثبت والتحرى والحذر فيما ينشر، والتعامل بمنتهى الحرص والذكاء مع مواقع التواصل الاجتماعى.