يواصل "انفراد" تقديم خدماته فتوى اليوم حيث ورد سؤال للجنة الفتوى بمجمعالبحوث الإسلاميةبالأزهر الشريف، وهو: هل يجوز إخراج زكاة المال على روح والدي أو على روح أي صديق أو قريب؟، وجاء رد اللجنة كالآتى:
زكاة المال الواجبة إنما تخرج عمن وجبت عليه، أما التصدق على روح ميت، فإنما يكون من باب صدقة النوافل، التي يفعلها الحي للميت، أو القضاء عن الميت فيما وجب عليه قبل موته قال ﷺ "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".
وكان قد أجابت لجنة الفتوى على سؤال سابق هل يجوز دفن النساء مع الرجال في عينٍ واحدة؟، وجاء رد اللجنة كالآتى:
الأصل أن يدفن كل ميت في قبر مستقل، أما دفن الرجال والنساء في قبر واحد، فلا ينبغي إلا في حالات الضرورة المعتبرة شرعاً، ويجعل بينهما حاجز من تراب. وإذا دفن الرجل بجوار المرأة أو العكس بلا ضرورة كره ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم. وهذه هي السنة الموروثة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وقبور المسلمين شاهدة على ذلك ابتداء من البقيع وحتى الآن، فقد دُفِن في البقيع الصحابة رجالا ونساء، ولكن لكل ميت وميتة قبر مستقل .
وأما بخصوص دفن الرجل والمرأة في قبر واحد فلا ينبغي إلا في الضرورة , ويكره في غيرها. قال عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي - رحمه الله - : (وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إِلا لِضَرُورَةٍ ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا تُرَابٌ) . وقال العلامة الحطاب المالكي عند قول الشيخ خليل - رحمهما الله تعالى- : ( وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ ) قال: ( وَيُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي قَبْرٍ لِلضَّرُورَةِ ) .
وقال العمراني الشافعي - رحمه الله - : (وإن دعت ضرورة أن يدفن رجل مع امرأة في قبر ... جعل الرجل قدامها، وجعل بينهما حاجز من تراب ) . وقال ابن قدامة الحنبلي – رحمه الله - ): وَلا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ، إلا لِضَرُورَةٍ ) . وقد مَثَّلَ الفقهاء للضرورة التي من أجلها تدفن المرأة مع الرجل أو العكس فقال الرملي الشافعي – رحمه الله -: ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَعُسْرِ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَبْرٍ ( وقال البهوتي الحنبلي – رحمه الله - ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَقِلَّةِ مَنْ يَدْفِنُهُمْ ، وَخَوْفِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ ( فهذه أمثلة للضرورة التي تجوز جمع الأموات بالقبر، وأما في غير الضرورة فيكره ذلك.
وبناء على ما سبق : يجوز دفن الرجل مع المرأة في قبر واحد عند الضرورة ويوضع حاجز بينهما، وأما في الأحوال العادية فينبغي أن يدفن كل ميت في قبر لوحده . قال الإمام الشافعي – رحمه الله - ) وَلَا أُحِبُّ أَنْ تُدْفَنَ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ عَلَى حَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةٌ، وَلَا سَبِيلَ إلَى غَيْرِهَا كَانَ الرَّجُلُ أَمَامَهَا، وَهِيَ خَلْفَهُ، وَيُجْعَلُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ ( . فإذا دفن الرجل بجوار المرأة أو العكس بلا ضرورة كره ذلك على الراجح من أقوال أهل العلم . وعليه نقول للسائل ما مضى من دفن الرجال بجوار النساء في بلدتكم مكروه على القول الراجح.