قال الدكتور محمود عبد الرحمن حمودة، أستاذ ورئيس قسم الطب النفسى الأسبق بكلية الطب بنين جامعة الأزهر: أن ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل جماعات التطرف والإرهاب هى ظاهرة عالمية تضرب بآثارها السلبية فى المجتمعات عامة، وتشوه نفوس الصغار من الأطفال والمراهقين خاصة، نازعة منهم براءتهم التى فطرهم الله عليها بدون شفقة ولا رحمة، مؤكدا أنها ظاهرة لا بد أن تتفاعل من أجلها كافة جهود مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات التربوية للعمل على تغيير اتجاهات الأطفال وميولهم، من خلال تغيير منظومة القيم والعقائد التى تربوا عليها فى السنوات السابقة، ومكافحة جماعات التطرف والإرهاب لاستقطابهم هؤلاء النبتة من أطفالنا وصغارنا.
جاء ذلك خلال ورشة عمل "مكافحة تجنيد الأطفال"، التى عقدتها اليوم المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، على صفحة المنظمة الرسمية، على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك، لرؤساء وأعضاء الفروع الخارجية للمنظمة، وأئمة وخطباء العالم الإسلامى بـ 20 دولة بالعالم.
تناول الدكتور حمودة خلال الورشة، توضيح طبيعة الأطفال ونفسيتهم، وكيف يستغل أصحاب الأفكار الإرهابية والمتطرفة حيلهم النفسية لاستقطاب الأطفال؟ وتوضيح خطواتهم التنفيذية للتأثير عليهم نفسيا وعاطفيا باستهوائهم، والإيحاء لهم بتحقيق مزايا يرغبونها، فضلا عن اجتذاب تعاطفهم من خلال ممارسة دور الضحية بعرض صور مفبركة ومفتعلة مما تثير لديهم رغبة الانتقام، كما احترف الإرهابيون استخدام الإنترنت لاجتذاب الأطفال، خاصة أنهم يقضون وقتا كبيرا أمام شاشات التليفونات المحمولة.
وبيَّن رئيس قسم الطب النفسى الأسبق بكلية طب بنين جامعة الأزهر، خلال الورشة، المراحل التى يتم تجنيد الأطفال من خلالها، والعوامل المساعدة فى ذلك، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية تلجأ لاستغلال الأطفال والمراهقين وتجنيدهم لتحقيق جرائمهم، فيساء لهم جسديا وجنسيا ونفسيا، كما تتنوع طرق استغلالهم فى التهريب، والتجسس، وتنفيذ التفجيرات الانتحارية.
ويوضح الدكتور حمودة أن السبب فى تزايد تجنيد الأطفال يرجع لعدة أسباب، منها: أن غالبية الصراعات الحالية فى العالم هى صراعات داخلية بين جماعات عرقية أو عقائدية -دينية- تشكل فيها الفئات المدنية قدرا كبيرا، وتكون على مقربة من الأطفال، فيقوم قادة الجماعات بتجنيدهم فى المناطق القريبة منهم، فضلا عن رخص تكلفة الأطفال المجندين عن غيرهم من البالغين، وقد لا يطلبون أجرا مقابل الحماية وتوفير العيش لهم ولأسرهم.
كما وضح خطورة انتشار هذه الظاهرة على الأطفال، كتعرض الأطفال لاضطرابات نفسية داخلية، كالاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل والإخراج والإدمان واللجوء لسلوك إيذاء الذات، كالأفكار الانتحارية، واضطرابات نفسية موجهة للخارج، مثل؛ ظهور سمة العناد والجنوح للعنف، والاضطراب السلوكى نحو الآخرين، ونقص الانتباه وفرط الحركة، فضلا عن الإيذاء الجنسى للأطفال.
وفى نهاية الورشة دعا الدكتور حمودة بضرورة تضافر جهود كافة عناصر المجتمع من البيئة والأسرة والجهات المعنية من الدول والحكومات لمواجهة تلك الظاهرة الفتاكة والخطيرة على نفوس الأطفال الأبرياء، وعلى المجتمعات بأسرها، من خلال نشر البرامج الوقائية العلاجية للأطفال، وإذكاء عمليات التنشئة الاجتماعية السليمة، ودعم الأسر فى رعاية وحماية أطفالهم، وتقديم العون اللازم لتلك الأسر، فضلا عن تطوير التعليم بما يجعله ملائما للواقع، ويكفل سوقا للعمل، وضمان عيشة كريمة، وكذا الاهتمام بالجوانب الرياضية والتربية الدينية السليمة.