قال مرصد الأزهر في تقرير له، إن انتشار الأحزاب اليمينية المتطرفة وأتباعها في أوروبا يشكل تهديدًا على عملية التعايش والاندماج في المجتمعات الغربية، وبخاصة تجاه المسلمين واللاجئين؛ حيث إن ممارسات أصحاب الفكر اليميني المتطرف لا تفرق بين مسلمين مهاجرين، أو مولودين مقيمين في هذه البلدان ويحملون جنسيتها. ورغم أن المسلمين والمهاجرين في إسبانيا مندمجون بصورة كبيرة، مقارنةً بدول أوروبية أخرى، فإن بعض مظاهر التفرقة تطالهم بين الحين والآخر، حيث تعمل مجموعات اليمين المتطرف على الاستفادة من الأحداث المختلفة للهجوم على الإسلام، والأماكن المقدسة الإسلامية، وكذلك استغلال الأعمال الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة كذريعة لتلك الممارسات، ولهذا نجد أن المسلمين في أوروبا يعيشون بين مطرقة الأحزاب اليمينية المتطرفة وسندان الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى الهجوم على اللاجئين ومحاولة منعهم من الدخول إلى أوروبا بحجة التخوف من أسلمتها!
كما تستغل تلك الأحزاب شعارات الهوية الوطنية لاستقطاب متعاطفين للهجوم على الإسلام والمسلمين وكذلك اللاجئين، ومن أبرز هذه الأحزاب التي تستغل أية مناسبة لإثارة الرأي العام ضد المسلمين واللاجئين في إسبانيا حزب "فوكس" اليميني المتطرف.
وفي نفس السياق، أصدر المرصد تقريرًا مرئيًّا باثنتي عشرة لغة تحت عنوان: "أنشطة اليمين المتطرف.. دعوة صريحة للكراهية والعنف"؛ وذلك في إطار سلسلة الإصدارات المرئية التي ينشرها مرصد الأزهر باللغة العربية واللغات الأجنبية. وأكَّد الإصدار على أن أنشطة جماعات اليمين المتطرف العدائية ضد المسلمين ومقدساتهم الدينية إنما هي أعمالٌ إرهابية ودعوة صريحة للكراهية والعنف، تستوجب الملاحقة القانونية، وتستدعي تضافر الجهود للقضاء على تلك الآفة التي تمثل خطرًا كبيرًا على استقرار المجتمعات.
وتابع المرصد، أنه في إطار الجهود التي تبذلها إسبانيا لمكافحة خطاب الكراهية قضائيًّا، طالب مكتب المدعي العام الإسباني في مدينة "بلنسية" محاكمة حزب "إسبانيا 2000"، وهو حزب يميني متطرف في إسبانيا متهم بإثارة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، وذلك بعد أن نفَّذ هذا الحزب وقفة يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020 في ساحة "لوس بينازو دي فالينسيا"، تحت شعار "لا للإسلام". ويأتي هذا القرار بعد أن فتح "قسم الحماية الجنائية للمساواة ومناهضة التمييز" (وهو قسم يختص بجرائم الكراهية وتابع لمكتب المدعي العام) إجراءات تحقيق جنائي ضد حزب "إسبانيا 2000"؛ نتيجة لإبلاغه بالوقائع التي تمثل جرائم كراهية بسبب محتواها العنصري وكراهية الأجانب.
وشدد مرصد الأزهر على رفضه القاطع لكل أعمال العنف والتعدي على الآخرين، لافتًا إلى أنها تمثل شكلًا من أشكال العنصرية المقيتة التي ينبغي أن يُوضع لها حد حاسم، يردع الخارجين على القانون، ومرتكبي العنف ضد المواطنين، أيًّا كانت انتماءاتهم أو توجهاتهم. كما يحذّر المرصد من أن الدفع بالشباب في مثل هذه التوجهات الإجرامية هو نذير شر مستطير، وخطر داهم على المجتمعات التي تستند على الشباب كدعامة حقيقية للنهوض والتقدم.
وأكد مرصد الأزهر، على أن المواطنة هي أساس التعامل بين فئات المجتمع المختلفة، وأن السلوك العنصري على أساس الدين، أو العرق، أو اللون، أو الجنس مرفوض بكل أشكاله، ويتعارض مع كافة الأديان والقوانين العامة المنظمة لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي تنص على تجريمه.
وأكد المرصد، أن انتهاك الأحزاب اليمينية المتطرفة للقوانين الدولية المنظمة لشبكات التواصل الاجتماعي وخرق الأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان يمثل خطرًا محدقًا على استقرار المجتمعات، ويهدد تعايشها السلمي.