دعا الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إلى إنشاء هيئة عالمية جامعة، تعمل على تعزيز سبل التواصل بين كافة المؤسسات الدينية والمجتمعية حول العالم، لتعزيز سبل الحوار وإرساء قيمه النبيلة في المجتمع، مؤكدا استعداد الأزهر الشريف، كأقدم جامعة دينية وإسلامية حول العالم، للتعاون في كل حوار بناء يسهم فى مد جسور التواصل والحوار بين المؤسسات الدينية والمنظمات المجتمعية.
وأكد خلال كلمته بمنتدى القيم الدينية لمجموعة العشرين، المقام في الفترة من 12 : 14 سبتمبر الحالي، في مدينة بولونيا الإيطالية، إن الإسلام ينظر إلى التعددية الدينية على أنها سنة كونية وضرورة حتمية لا مناص عنها، مؤكدا أن الحوار بين أتباع الأديان لا بد وأن ينطلق من الثوابت المشتركة بين الطرفين، لتكون أساسا بينهما في تحاورهما، موضحا أن المتأمل لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته يجد أنه مارس هذا الحوار قولا وعملا، حيث كان صلى الله عليه وسلم يحاور كثيرا من غير المسلمين، ويستقبلهم في مسجده صلى الله عليه وسلم، كما كانت وثيقة المدينة المنورة خير مثال على الحوار بين الأديان، والتي أسست مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات.
وأوضح أمين البحوث الإسلامية، أن الأزهر الشريف أدرك أهمية الحوار بين الأديان، انطلاقًا من الثوابت المشتركة التي أكد عليها القرآن الكريم في إقامة الحوار، والحرص على تعزيز قيم الحوار والتعايش في العالم، وإيمانه الراسخ بعدد من المبادئ والقيم التي تمثل الرؤية الإسلامية الصحيحة، التي أشار إليها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لتكون أساسا للحوار بين الأديان، وعلى رأسها "إن الإسلام ليس دينا منفصلا عن رسالات السماء السابقة عليه؛ بل إن الدين الإلهي دين واحد هو الإسلام، والدعوة إلى الله إنما تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار الهادئ الذي لا يجرح الآخر ولا يسيء إليه أو إلى عقيدته، وإن هذا الإسلام بريء من كل دعوة إلى عقيدة بقوة السلاح أو الإكراه أو استغلال الناس فقرا ومرضا؛ لأنه كما يقرر القرآن: {لا إكراه في الدين".
وأشار أمين البحوث الإسلامية إلى جهود الأزهر الشريف في تعزيز قيم الحوار والتعايش في العالم من خلال العديد من الأمور، من أبرزها إقامة المؤتمرات والندوات الدولية، مثل: "المؤتمر العالمي لمواجهة التطرف والإرهاب في ديسمبر عام 2014م" ، ومؤتمر "الحرية والمواطنة .. التنوع والتكامل"، ومؤتمر الأزهر العالمي للسلام في إبريل 2017، ومؤتمر "الإسلام والغرب.. التنوع والتكامل" عام 2018، حيث استطاع الأزهر من خلال تلك المؤتمرات إقامة حوار مع دول العالم كافة، وتصحيح صورة الإسلام، وتعزيز قيم الحوار والعيش المشترك بين الجميع.
وأضاف أن الأزهر الشريف في عهد الإمام الطيب سعى لإنشاء مجلسا لحكماء المسلمين، بهدف تعزيز السلم في المجتمعات ، كما كان لجولات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب حول العالم عظيم الأثر في التواصل مع أتباع الديانات والطوائف المختلفة؛ للتعريف بحقيقة الإسلام ونبذ العنف والتعصب والكراهية، ومحاربة الإرهاب ونشر السلام العالمي، والتأكيد على أن الإسلام يحترم التعددية والاختلاف، وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين، ومعالجة ما أفسده بعض المنتسبين إليه من خلال ممارساتهم الخاطئة باسم الدين، وعليه حرص الإمام الأكبر على التواصل مع الرموز الدينية في العالم وحمل رسالة سلام لهم.
وأوضح عياد، أنه في إطار حرص الأزهر الشريف على تحقيق السلام العالمي والعيش المشترك قام فضيلة الإمام الأكبر بإقرار وثيقة الأخوة الإنسانية مع الكنيسة الكاثوليكية في فبراير 2019م، والتي أكدت على أن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضارى لا يقبله الآخر.