قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: "تفاءلوا بالخير تجدوه، ولا تلتفتوا لجماعات الإحباط من أهل الشر ، مؤكدا أن الناس قد سئموا ثقافة الإحباط والاكتئاب، وحُق لهم، إذ إن هذه الثقافة المرة مرارة الحنظل إنما تنضح من أوانٍ صدئة، ونفوس مظلمة، تنظر نظرة سوداء، ولا ترى من الكوب سوى نصفه الفارغ، أو جانبه الصدئ ، فتريد أن تضفى سـوادها على الكـون، وأن تحمّله أوجاعها ومآسيها عنتًا وكرهًا، على نحو ما تمثلت به ليلى بنت طريف في رثائها أخاها مالكًا، عندما توجهت إلى شجر الخابور الوارف الظلال المسجى بالخضرة فأرادته قحطًا قاحلًا يابسًا جافًّا ، فقالت:
فيا شجر الخابورِ مالــكَ مورقًا
كأنك لم تحزنْ على ابن طريف؟!
وكما قال الشاعر إيليا أبو ماضي:
والــذي نفســه بغيـــر جمــــال
لا يــرى في الوجود شيئًا جميــلا
إنّ شرّ الجناة فـي الأرض نفـسٌ
تتوقّـى قبـل الرّحيــلِ الرّحيـلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقهـا النّـــدى إكليـلا
أو كما قال الشاعر البائس عبد الحميد الديب:
إنَّ حظـي كدقيق فوق شــوكٍ نثــروه
ثم قالـوا لحفاةٍ يــوم ريــحٍ: اجمعــــوه
صعــب الأمر عليهم قلت: يا قوم اتركـوه
إنَّ من أشقاه ربي كيف أنتم تسعدوه؟!
وأضاف جمعة فى تصريحات له:" لقد عدّ العلماء اليأس والتيئيس والإحباط والتحبيط من الكبائر ، ودعانا ديننا السمح أن نُيَسِّر ولا نُعَسِّر، ونُبَشِّر ولا ننفر، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا ، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا" ، والدعوة للتفاؤل دعوة العقلاء ، وتغنى بها الشعراء ، فيقول إيليا أبو ماضي في دعوة سمحة للتفاؤل:
قال: السـماء كئيبـة ، وتجهـمـــا
قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما
قالَ: الصِّبا ولَّى! فقلتُ لهُ: ابتسمْ
لن يُرجعَ الأسفُ الصِّبا المتصرِّما!
قال: اللـيالي جـرَّعتـني علـقـمًـا
قلتُ: ابتسمْ، ولئنْ جرعتَ العلقما
فلعـلَّ غيـرك إن رآك مـرنِّمـا
طَـــرَحَ الكـآبة جانـبًـا وتـرنَّـما
أتُـراك تغنـم بالـتبرُّمِ درهـمــا
أم أنـت تخسـرُ بالبشـاشةِ مغنـما؟
وتابع جمعة:"فما بال هؤلاء الذين ملئت قلوبهم بالحقد والسواد ، فلا يرون إلا قتامًا ؛ وكأنهم لم يقفوا على سعة رحمة الله تعالى وما فتحه لعباده من أبواب الأمل في الدنيا والآخرة ، حيث يقول سبحانه:{ مَا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ويقول سبحانه:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، ويقول تعالى: { وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ الله إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }، ويقول (عز وجل) : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }.
واختتم وزير الأوقاف تصريحاته قائلا:"على أننا نؤكد أنه على الرغم من محاولات التيئيس التي يعمل أعداؤنا على فرضها علينا لنصل إلى أنه لا أمل ، فإن هناك جهودًا كبيرة تبذل في مجالات بث الأمل ، مع تأكيدنا أنه حال عمل أهل الحق بصدق وإخلاص فإن الباطل زاهق ومنسحق لا محالة، حيث يقول الحق سبحانه : { إِنَّ الله لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } ، ويقول تعالى: {وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ذلك أن شجرة الباطل قد تعلو وترتفع غير أن جذورها تظل هشة لا تثبت أمام الرياح أو الزمن ، أما شجرة الحق فراسخة رسوخ الجبال ، حيث يقول الحق سبحانه:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ الله الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاءُ }.