انطلقت اليوم الاثنين، أولى فعاليات الدورات المتخصصة في "الأحوال الشخصية" للحد من ظاهرة الطلاق ، بالتعاون بين الأزهر والأوقاف والإفتاء، بحضور الدكتور أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة، والدكتور أسامة الحديدي المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ورئيس وحدة لمّ الشمل وبرنامج التوعية الأسرية والمجتمعية ، وعدد من أئمة وواعظات وزارة الأوقاف ، مع مراعاة جميع الضوابط والإجراءات الإحترازية والوقائية .
وفي بداية اللقاء رحب الدكتور أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة بالحضور ، مثمنًا التعاون المشترك بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء في كثير من المجالات الدعوية ؛ ومنها انطلاق هذه الدورة الأولى في الأحوال الشخصية لنخبة منتقاة من أئمة وواعظات الأوقاف.
وفي بداية كلمته وجه الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف الشكر للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على سرعة استجابته وتنظيمه لهذه الدورة على مستوى الجمهورية ، وتقديره لخطورة المشكلة التى نواجهها ونتأثر بها في مجتمعاتنا والتي تحتاج إلى تكاتف لمواجهة مخاطرها وأضرارها ، مبينًا أن الهدف من الدورة هو النقاش مع متخصصين لديهم إدراك بحجم المشكلة ، ولهم دور فاعل ومؤثر للتعاون مع جميع مؤسسات الدولة ، وعلى قدر كامل لتحمل المسئولية مع أجهزة الدولة لمواجهة ظاهرة الطلاق والتي ينفك بها رباط أسرة كل دقيقة أو دقيقتين ، فالأسرة حين نشأت نشأت بحكم شرعي وحين تنتهي تنتهي أيضًا بحكم شرعي ، ذلك أن سنة الله (عز وجل) قد اقتضت أن يكون لدى الإنسان غريزة الميل إلى الجنس الآخر ليحقق عمارة الكون وليستمر الجنس البشرى ويتحقق وعد الله للإنسان.
وأكد الضوينى، أن عقد الزواج ميثاق غليظ ، أضفى عليه الإسلام قدسية خاصة ، ومن هنا كانت هناك مقدمات ضرورية لهذا العقد دون غيره من العقود ، ومن هذه المقدمات الضرورية الخِطبة حيث إن الزواج عقد أبدي إذا أُقِّت بمدة بطل وهذا نموذج يرفضه الإسلام ، ومن هنا كانت فترة الخطبة للاختبار ضمانًا لاستمرارية عقد الزواج ، ومن هنا وضع الإسلام للأسرة من الأحكام ما يساندها ويضمن لها الاستقرار والاستمرار بدءًا من تنظيم أحكام الخطبة وعقد النكاح وصولا إلى التوارث بين أفرادها.
وأوضح الضوينى، أن الخِطبة وعد بالعقد يترتب عليه ألفة بين الطرفين يتمكن بها كل من الطرفين من مراقبة سلوكيات الآخر ليتوائم معه ، وقد قال سيدنا جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): "يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي حَديثُ عَهْدٍ بعُرْسٍ، قَالَ: أتَزَوَّجْتَ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قَالَ: أبِكْرًا أمْ ثَيِّبًا؟ قَالَ: قُلتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلَّا بكْرًا تُلَاعِبُهَا وتُلَاعِبُكَ قلت يا رسول الله : توفي والدي أو استشهد ، ولي أخوات صغار ، فكرهت أن أتزوج مثلهن فلا تؤدبهن ، ولا تقوم عليهن ، فتزوجت ثيبًا لتقوم عليهن وتؤدبهن" ، وهذا فهم دقيق لمفهوم الأسرة والواجبات القائمة فيها ، ومراعاة جميع جوانبها لتمتد الأسرة بما يضمن استقرارها واستمرارها ، قال تعالى : "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" ، فقد ربط القرآن الكريم بين حق الرجل والمرأة في مكان واحد ولم يفصل بينهما ليسأل كل واحد نفسه هل وفَّى بما عليه أم لا ؟
وأشار الضوينى إلى أن الإمام أو الواعظ أو الواعظة لا بد أن يكون دقيقًا في فتواه ، معتمدًا على النصح لضبط العلاقة بين الزوجين حيث إن العلاقة بين الزوجين تستقيم إذا ما أُحسن الإجابة على أسئلة المجتمع وأُحسن التوجيه أصبحت هناك القدرة على حل مشكلات المجتمع.
وحذر وكيل الأزهر، من تلاعب أحد الزوجين بالحقوق للتضييق على الآخر ، حيث إن ذلك مما حذرت منه شريعة الإسلام ضمانًا لاستقرار الحياة ، وعدم نشوب دواعي الخلاف ، وإذا ما التزمنا التوجيهات الشرعية تيسَّر حل المشكلات، مشيرًا إلى أن الطلاق شرعه الله (تبارك وتعالى) حلًّا للمشكلات وأننا قد حولناه بسوء فهمنا لمقاصد الشرع من تشريع لحل المشكلة إلى بوابة للمشكلات.