قال مرصد الأزهر في تقرير له بعنوان تطور ظاهرة الإسلاموفوبيا في إسبانيا خلال عام 2021 إن العالم في وقتنا المعاصر بالعديد من التحديات والأزمات التي يرى البعض أنها تهدد عملية الاستقرار والسلم المجتمعي، ولا شك أن الممارسات الإنسانية هي عامل رئيس في الحد من تلك الأزمات أو تفاقمها. وتُعد ظاهرة التطرف -سواء كانت على المستوى الفكري أو السلوكي- من أبرز الإشكاليات التي تتطلب تضافر الجهود الفردية والمؤسسية للقضاء عليها والحد من خطورتها.
ويهتم مرصد الأزهر لمكافحة التطرف برصد الأنشطة المتطرفة والظواهر المجتمعية السلبية وتحليلها؛ لما تمثله من تهديد على أمن المجتمعات واستقرارها، ومن أبرز تلك الظواهر السلبية ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي باتت تبعاتها تؤرق المسلمين وغيرهم، لا سيما القاطنين في القارة الأوروبية.
وتابع المرصد أن إسبانيا تعد من الدول الأوروبية التي انتشرت فيها تلك الظاهرة وتفاقمت بالتوازي مع صعود اليمين المتطرف، حيث انتقلت هذه النبرة العدائية للإسلام والمسلمين من المستوى الفردي إلى المستوى الحزبي والمؤسسي، ومن هذا المنطلق نُسلِّط الضوء في هذا التقرير على "الإسلاموفوبيا" في إسبانيا من خلال الأخبار والتقارير الواردة في الصحف الإسبانية ومراصد الإسلاموفوبيا في إسبانيا، وتحليل ما ورد عنها فيما يتعلق بكيفية التعامل مع تلك الظاهرة والسعي إلى الحد من انتشارها.
تُعد ظاهرة الإسلاموفوبيا أحد الأشكال الرئيسية للكراهية والتمييز في إسبانيا، كما أنها ظاهرة غير معروفة بين قطاع كبير من السكان. ومن بين الأشكال التي تظهر فيها ممارسة الإسلاموفوبيا بعض الإجراءات والقرارات الموجهة ضد المسلمين دون غيرهم كنوع من التمييز، مثل اتخاذ إدارة مدرسة "الليسيه" في بلدية "وادي الحجارة" (وسط إسبانيا)، قرارًا بمنع طالبة مسلمة، تبلغ من العمر 11 عامًا من ارتداء الحجاب أثناء وجودها في المدرسة، وأنه في حالة تمسكها بارتداء الحجاب فلن تستطيع استكمال دراستها. وأوضحت إدارة المدرسة أن ارتداء الحجاب خلال ساعات الدراسة يُعد أمرًا مخالفًا لقواعد التعايش المعمول بها في المدرسة، وهذا وفق ما ذكرته صحيفة "بريوديكو سي إل إم" الإسبانية، في 1 نوفمبر 2021م.
المرأة المسلمة وتفاقم الإسلاموفوبيا:
أصبحت قضية ارتداء المسلمات للحجاب في الأماكن العامة وفي العمل من أهم القضايا التي تثار في إسبانيا خلال الفترة الأخيرة، ومن خلال متابعة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لهذه القضية، لوحظ تزايُد الحالات التي تعرَّضت فيها بعض المسلمات في العديد من البلدان الغربية، خصوصًا إسبانيا، لأضرارٍ جسدية ونفسية، جَرَّاءَ بعض الاعتداءات التي تعرَّضنَ لها، ومن المؤسف أن البعض تأثر بالخطاب الإعلامي الخبيث الذي يسعى للربط بين الإسلام والإرهاب؛ الأمر الذي أدى إلى تزايُد معاناة بعض المسلمين ومواجهتهم لصعوباتٍ في التعاملات اليومية في الأوساط الأوروبية بوجهٍ عام، خاصَّةً بعد كلِّ عمليةٍ إرهابية.
الدور المجتمعي التوعوي للحد من الإسلاموفوبيا:
كان للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية في إسبانيا دور مهم في مكافحة انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا والتعريف بمخاطرها وزيادة الوعي المجتمعي بأبعادها ومدى خطورتها على تقدم المجتمع واستقراره، وفي هذا الإطار انعقد العديد من المؤتمرات والفعاليات التي تخدم تلك الأهداف نذكر منها تنظيم مؤسسة الفنار والمرصد الإسباني للعنصرية وكراهية الأجانب في المركز الثقافي بمدينة "مرسية" الإسبانية معرضًا للصور بعنوان: "الآثار الإسلامية"، وفق ما ذكر موقع "مؤسسة الفنار" الإسباني في 20 يناير 2021م، وكان المعرض يهدف إلى خلق أداة للتوعية والإعلام حول الإسلام وماهيته.