عقد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حلقة نقاشية تتناول "مشكلة الانتحار فى المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية"، تحت إشـراف كل من الدكتورة هالة رمضان، "مدير المركز"، ورئاسة الدكتورة سعاد عبد الرحيم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.
وأكدت الدكتورة سعاد عبد الرحيم، على حرص المركز على دراسة مشكلة الانتحار بالمجتمع المصرى للوقوف على أبعادها المجتمعية، وقد أشارت إلى الصعوبات التى صاحبت دراسة الظاهرة وإلى المحاولات لتخطيها للوصول إلى قدر كبير من الموضوعية فى النتائج، حيث أشارت إلى مدى قوة ومهنية الفريق البحثى متعدد التخصصات وحرص جميع أفراده على تخطى تلك الصعوبات، مستندًا على القواعد المنهجية فى العلوم الاجتماعى.
وقدمت الدكتورة سهير عبد المنعم، أستاذ القانون بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ورقة خلفية بعنوان "مشكلة الانتحار فى المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية" أظهرت من خلالها أهمية الموضوع الذى ينبع من اهتمام المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بدراسة مشكلة الانتحار بهدف عام مقتضاه: الإحاطة بالأبعاد المجتمعية المرتبطة - الاجتماعية والنفسية والثقافية والإعلامية والقانونية والمؤسسية - بما يساعد على ترشيد آليات المواجهة والوقاية من الانتحار فى ضوء ما يمثله البعد الاجتماعى - فى رأى علماء الاجتماع - من عوامل لصيقة بالفرد وظروف مؤثرة فى طريقة حياته ونمط معيشته ودوره الاجتماعى وقدرته على التكيف، وما يرتبط بذلك من توصيف قانونى لأفعاله. وقد أوضحت أن دراسة الظاهرة سارت على مرحلتين: المرحلة الأولى: استكشافية للواقع الميدانى والمرحلة الثانية قياس اتجاهات عينة "قومية" من الشباب تجاه الانتحار، وتوضح النتائج أهم التحديات التى يجب مواجهتها لإيجاد الحلقة المفقودة بين الرؤية والتخطيط للوقاية والمواجهة.
وتناول عماد عبد المقصود، أستاذ مساعد الإعلام بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ورقة علمية بعنوان "عوامل الخطر والوقاية فى التغطية الإعلامية للانتحار فى مصر: دراسة استكشافية" وقد تناولت الدراسة بالتوضيح عوامل الخطر وعوامل الوقاية فى التغطية الإعلامية للانتحار استنادًا إلى نتائج البحوث والدراسات السابقة التى تراكمت منذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين فى عدد مختلف من دول العالم، كما استعرضت المبادئ والمعايير المهنية المستقر عليها لتغطية الانتحار تغطية مسئولة وفقًا لما تضمنته مجموعة من المواثيق الأخلاقية التى تهتم بهذا الجانب والتى أتاحها المجتمع الدولى منذ التسعينيات من القرن العشرين.
وقد حاولت الدراسة تقديم فهم أولى لكيفية تغطية الانتحار فى وسائل الإعلام المصرية، بهدف استكشاف عوامل الخطر وعوامل الوقاية فى التغطية من خلال دراسة حالة المواقع الإلكترونية للصحف المصرية، والتى تم اختيارها استنادًا إلى عدد من الحقائق التى تشير إلى أن طريقة تغطيتها قد تعكس أسلوب ومدى وعى القائمين بالاتصال فى وسائل الإعلام المصرية بصفة عامة تجاه تغطية الانتحار.
كشفت نتائج الدراسة التحليلية فى مجملها عن أن أسلوب تغطية الانتحار فى مصر يشكل مصدرًا محتملا للخطر، فهو لا يتفق مع الكثير من المبادئ والمعايير المهنية المستقر عليها لتغطية الانتحار تغطية مسئولة، ويغيب عن جميع المواد الإعلامية ذات الصلة بحالات ومحاولات الانتحار فى مصر وجهة النظر عن الانتحار باعتباره مسألة تتعلق بالصحة العامة وشكل من أشكال الوفاة يمكن الوقاية منه. كما أن مقارنة النتائج مع نتائج دراسات أخرى أجريت فى عدد مختلف من دول العالم يظهر ارتفاع نسبة الانتهاكات بشكل لافت للنظر.
كانت الحلقة بحضور كوكبة من السادة الممثلون للجهات الشريكة للمركز من: النيابة العامة- وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والأمانة العامة للصحة النفسية وكوكبة من أساتذة الجامعات المتخصصين، وممثلين عن الكنيسة وأساتذة المركز،
وأكد المستشار أحمد حمادة الصاوى – رئيس النيابة ومدير إدارة البيان والعضو بالمكتب الفنى للنائب العام- على حرص النائب العام على التعاون مع المركز فى الاهتمام بالقضايا والظواهر الاجتماعية الملحة، وقد استعرض أهداف ومهام إدارة البيان كإدارة أنشئت حديثًا فى عهد النائب العام ، ولدور النيابة فى مواجهة المشكلات المجتمعية الملحة ، وتقديم أحدث الإحصاءات والانتهاء بعرض بعض المقترحات التوعوية.
كما قام المستشار مصطفى محمود عبدالعزيز رئيس نيابة التعاون الدولى بمكتب النائب العام بعرض لأحدث الإحصاءات حول مشكلة الانتحار بداية من يناير 2021م حتى تاريخه، من خلال ما قاموا به من حصر عام على مستوى الجمهورية، حيث بلغ إجمالى عدد حالات الانتحار منذ يناير الماضى (2584 حالة).
وأكد أعضاء النيابة، على أن النيابة العامة هى مرآة حقيقة للمجتمع وللواقع الذى نعيشه، مؤكدين على التاريخ المشترك الحافل بين النيابة العامة والمركز، من خلال ورش علمية أتت ثمارها وساهمت فى الكشف عن بعض الجرائم من خلال ظواهر اجتماعية.
وأشارت بعض التعقيبات إلى مخاطر المرض النفسى، والذى يُعد أحد مسببات الانتحار، مؤكدين على ضرورة التعاون بين المعالج النفسى والأسرة لإنقاذ المريض النفسى من محالات الانتحار. إضافةً إلى ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية للحفاظ على الصحة النفسية، ولا بد من وجود تعاون حقيقى بين المعالج النفسى والأسرة لإنقاذ المريض النفسى من الشروع فى الانتحار، وأظهرت التعقيبات أنه لا يتم اكتشاف سوى نسبة ضئيلة من الأمراض النفسية فى المجتمع والتى تعد أحد المسببات الرئيسية لمحاولات الانتحار.
وأكدت التعقيبات، على أن جريمة الانتحار تختلف عن غيرها من الجرائم، حيث أن المنتحر ليس مجرم بطبعه، وإنما يعانى من خلل نفسى أو مجتمعى لا يستطيع مواجهته، وأشاروا إلى خطورة ترويج الجماعات الإرهابية للانتحار كسبيل للشهادة.
وقد توصلت الورشة لعدد من التوصيات نجملها فيما يلى:
1- أن الانتحار مشكلة مجتمعية تتطلب تعاون وتضافر كافة الجهات المعنية بالقضية.
2- دعم الوعى المجتمعى بمخاطر المرض النفسى وأهمية علاجه.
3- دعم الوعى المجتمعى حول مخاطر استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية فى التحريض على الانتحار والترويج للأفكار الانتحارية خاصة بين المراهقين.
4- توجيه البحث العلمى لإعداد خريطة للمخاطر بهدف التخطيط للوقاية.
5- سد الفراغ التشريعى فى قانون العقوبات بتجريم التحريض والمساعدة على الانتحار والترويج للأفكار الانتحارية.
6- تجريم التحريض على المساعدة فى الانتحار وتجريم بيع حبوب الغلال لغير المختصين، حيث أنها مادة شديدة السمية ولابد من تخطى مرحلة تقنين بيعها إلى تجريم بيعها لغير المختصين. بالإضافة إلى وضع نص ينص على غلق الصفحات المروجة للأفكار الانتحارية على الشبكات الاجتماعية.
7- والاهتمام بنبذ الأسباب الداعية للانتحار ضمن أنشطة وزارة التربية والتعليم.
8- معالجة فزاعة العلاج النفسى والخجل منه لدى المريض وذويه.
9- على الجانب الإعلامى:
• يجب دعم الوعى المجتمعى بمخاطر المرض النفسى.
• التوجيه بضرورة الاعتماد الكلى على بيانات النيابة العامة ووزارة الداخلية عند تداول الإعلامى لقضايا الانتحار.
• تناول الإعلام لعلاج أسباب الانتحار ومعالجتها بدلاً من الخوض فى ملابسات الوقائع.
• عقد دورات تدريبية للقائمين بالاتصال فى مختلف المؤسسات الإعلامية المصرية تركز على الأبعاد والجوانب المختلفة لعلاقة وسائل الإعلام بالانتحار، وكيفية تناوله ومعالجته بطريقة آمنة ومسئولة.