نشرت وزارة الأوقاف، عبر موقعها الالكترونى، الحلقة الثانية من ملتقى الفكر الإسلامي، الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، وجاءت بعنوان: "أخلاق الصائمين"، حاضر فيها كل من الدكتور رمضان حسان أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ إسلام النواوي عضو إدارة الفتوى وبحوث الدعوة بوزارة الأوقاف.
وفي كلمته أكد الدكتور رمضان حسان، أن الإسلام عُني بغرس الأخلاق الحميدة والسلوكيات الطيبة حيث إن النبي (صَلّى الله عليه وسَلَّمَ) بين أن رسالته تُعنى بتنمية الجانب الأخلاقي فقال: "إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق" ، وقد حظيت الدعوة إلى الأخلاق بمساحة كبيرة في الدين الإسلامي وفي حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومن المعلوم أن العبادة ما شرعت إلا لترسيخ الجانب الأخلاقي فالمسلم لا يعبد الله تعالى بلسانه فحسب، أو ببدنه فقط، فإذا نظرنا إلى الصلاة مثلا فإنها ليست مجرد عدد من الركعات يؤديها المسلم وينتهي الأمر عند خروجه من المسجد، ولكنها من أقوى العبادات التي تقوي صلة العبد بربه، وتعود المسلم على النظام وضبط الوقت، وتبعده عن ارتكاب المعاصي، وتطهره من سوء القول وسوء العمل ، حيث يقول تعالى: "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ".
وتابع حسان: "الزكاة تعد علاجًا عمليًا لتزكية النفس وتحصينها من أدواء الشح والأثرة وعبادة المال، فهي لم تفرض إلا لتوطيد لعلاقات التعاون والألفة بين المجتمع ولتزكية النفس والمال، وفي ذلك يقول سبحانه: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا"، وكذلك الصوم دعوة إلى ضبط النفس والتحلي بالأخلاق الكريمة ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ"، وكذلك الحال بالنسبة لأداء فريضة الحج فالله سبحانه يقول: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ"، مشيرًا إلى أن العبادات في الإسلام لم تقتصر على الشعائر التعبدية المعروفة من صلاة وزكاة وصوم وحج، بل تشمل كل حركة وكل عمل ترتقي به الحياة ويسعد به الناس. ولابد للصائم أن يصوم الجوارح عن كل ما حرمه الله (عز وجل) موقنًا أن الله سبحانه يحاسب على النية وليس على الكمية ، فغاية الصيام أن تتحقق التقوى في نفس العبد المؤمن، حيث يقول الله (عز وجل): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
ومن جانبه أكد الشيخ إسلام النواوى أن شهر رمضان هو شهر الغنيمة والفوز بمضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات شهر العمل وليس الكسل والخمول وإهمال الواجبات ، فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرة، فالصلاة والزكاة والصيام والحج، وصدق الحديث أداء الأمانة، وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهد ومن العبادات أيضا القيام بقضاء حوائج الناس والسعي على مصالحهم خاصة في المصالح الحكومية، فالصوم لا يعوق المرء عن أداء واجبه وعمله حيث إن العمل عبادة وقد يكون فريضة فالعمل حق من حقوق الخلق لابد للمسلم أن يؤديه.
كما أشار النوانى، إلى أن المرء لابد وأن يتكيف ويتعود على الطاعات ولا يأخذ العبادة بمشقة لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) :"إنَّ هذا الدِّينَ متينٌ فأوغِلوا فيه بِرِفْق" وهي دعوة منه (صلى الله عليه وسلم) إلى عدم التَّكَلُّف والتَّنَطُّع.