نشرت وزارة الأوقاف، عبر موقعها الإلكترونى، الحلقة السابعة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وجاءت بعنوان : "إتقان العمل"، حاضر فيها كل من الشيخ محمد عيد كيلاني وكيل وزارة الأوقاف لشئون البر والأوقاف، والدكتور هاني تمام الأستاذ المساعد بجامعة الأزهر الشريف.
وفي كلمته، أكد الشيخ محمد عيد كيلاني أن الأجر على العمل حق من حقوق العامل ، حيث يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "أعطُوا الأجيرَ أَجْرَه قبلَ أن يجِفَّ عَرَقُه" ، موضحًا أن إتقان العمل لا يكون إلا بمراقبة الله (عز وجل) ، وأن بلادنا لن تنهض إلا بإتقان العمل ، كل في ميدان عمله ، وحين أتقن الصحابة (رضي الله عنهم) أعمالهم سادوا العالم بأسره ، ومن لم يتقن عمله فهو غاش، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يطلب منا مجرد العمل ، بل حثنا على إتقانه ؛ بأن يتقن الإنسان صنعته ابتغاء مرضاة الله (عز وجل)، مشدِّدًا على أن اليد التي تعمل يحبها الله ورسوله ؛ وأن أفضل ما يكتسب الإنسان هو كسب يده، حيث يقول رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ".
وأكد كيلانى، أن المراقبة وإتقان العمل ثمرة من ثمرات الصوم الحقيقي، وهي من أهم القيم السامية والأخلاق الفاضلة التي دعا إليها الإسلام، فهي طريق الإخلاص الذى هو أساس قبول العمل عند الله (عز وجل)، والحق سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، مشيرًا إلى أن الله (عز وجل) حثنا على مراقبته في كل أحوالنا وتصرفاتنا، فقال سبحانه: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا في السَّمَوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، وقال تعالى :"إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".
وفي كلمته أكد الدكتور هاني تمام أن العمل الصالح وكف اليد عن سؤال الناس هما السبيل لرفعة الإنسان ، يقول الإمام علي (كرم الله وجهه):
لَنَقلُ الصَخرِ مِن قُلَلِ الجِبالِ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِن مِنَنِ الرِجالِ
يَقولُ الناسُ لي في الكَسبِ عارٌ
فَقُلتُ العار في ذُلِّ السُؤالِ
وأوضح تمام أن كل منا مكلف بعمل ويجب أن نؤدي أعمالنا على أكمل وجه، وقد كتب الله (عز وجل) لكل منا رزقه ، وطلب منا السعي لطلب الرزق، حيث يقول (تبارك وتعالى): "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، ونحن مطالبون بالسعي في الأرض وعمارة الكون ورزقنا عند الله (تبارك وتعالى)، فيجب على الإنسان أن يتقن عمله ، وأن يتقن عبادته ، فالصلاة مطلوب فيها الإقامة ، والوضوء مطلوب فيه الإسباغ.
وأشار الدكتور هاني تمام إلى أن رمضان شهر المراقبة والإتقان ، والعمل لا يكون صالحًا إلا إذا كان خالصًا ومتقنًا ، مشيرًا إلى أن الإسلام قد أوصى بإتقان العمل والإخلاص فيه ، مستشهدًا بقوله تعالى : "فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا" ، فالعمل لا يكون صالحا إلا بالإخلاص والإتقان , كما أن العبادة تعلِّم الإخلاص ، فأركان الإسلام كالصلاة والصيام والحج قائمة على الإتقان ، فالذي لا يتقن عمله في الدنيا مضيع للأمانة، مؤكدًا أن المراقبة هي ثمرة علم الإنسان بأن الله (سبحانه وتعالى) ناظر إليه، رقيب عليه، مطلع على عمله، سامع لقوله في كل وقت وحين، قال تعالى: "أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى".