انطلاقا من ظروف تاريخية تستوجب قيام كل الأطراف الفاعلة فى المشهدين السياسى المصرى والسودانى بأدوراهم المنوطين بها للمساهمة فى مزيد من التقارب بين الشعبين الشقيقين، اجتمعت نخبة من الفاعلين فى المجتمع المدنى المصرى من خلفيات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وأكاديمية من أجل المساهمة الفاعلة فى تعميق العلاقات المصرية - السودانية التى يتعين أن تقوم من الآن فصاعدا على أسس جديدة تغلب النظر برشد إلى المستقبل ورؤية التحديات الجسام بدلاً من اجترار الماضى، الذى يمكن أن يكون ملهما فى استدعاء دروس مهمة لكنه لا يمكن أن يظل عائقاً أمام الحركة إلى الأمام، خاصة أن الشعبين يمران بفترة استثنائية فى تاريخهما الممتد من حيث نضال شعبيهما من أجل بناء دولة جديدة تقوم على قيم الديمقراطية والعدل والمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات وبناء علاقات دولية متوازنة.
من المنطلق السابق، يستشعر وفد المجتمع المدنى المصرى أن الظروف الراهنة التى يمر بها السودان والمنطقة والعالم تستوجب تحركا متقنا وسريعا من أجل الشروع فى حوار بناءً وناضج مع مكونات المجتمع السوداني، ومن هنا، كانت زيارة الخرطوم وجهة مناسبة لإطلاق حوار مصري - سوداني يقوم على مجموعة من المحددات الجديدة التي تتناسب مع حجم التطورات العالمية التي باتت تدفع في طريق إعادة صياغة الأفكار وبناء تحالفات إقليمية وتكتلات عابرة للحدود في سبيل تحقيق المصالح المشتركة للشعوب التي تعاني اليوم من وطأة الأزمة العالمية الكبري بين روسيا وأوكرانيا التي كشفت عن هشاشة النظام الدولي وعدم عدالته عندما يتعلق الأمر بالأمن الاقتصادي وحماية النظام المالي للدول المختلفة والأمن الغذائي.
إن تلك المتغيرات تدفع مصر والسودان إلى مزيد من التقارب والحوار من أجل صياغة رؤية مشتركة لمستقبل يقوم على مواجهة التحديات بكثير من العمق في التناول والرشد، وفي صياغة قرارات تصب في صالح شعبي البلدين، والحوار المنشود لا يمكن أن يكون فقط بين السياسيين في البلدين ولكن حتي يأتي ثماره ينبغي أن يتسع ليشمل كل مكونات المجتمع المدني ومجتمع المال والأعمال ورجال الصناعة والاقتصاد والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين.
وإن تلك المجموعة التي تشكل قوام وفد من المجتمع المدني المصري تحدوها الآمال العريضة أن تشكل زيارة الخرطوم منعطفاً مهما في سبيل الوصول إلى أجندة جادة للحوار بين البلدين حول مستجدات المتغيرات الكبرى في عالم اليوم، بغض النظر عن تطورات الشأن السياسي، فما يصبو إليه الوفد هووضع أجندة متقدمة لحوار أكثر نضجا بين شعبين يجمعهما مصير مشترك على مدى آلاف السنين وحانت لحظة أن يجتمعا معا في لحظة الحقيقة التي تهون أمامها كل الأزمات والمشكلات التي تعترض طريق تعاونهما وتكاملهما اقتصاديا وماليا وتجاريا وثقافيا من أجل خير البلدين.