ألقى السفير عمرو الجويلى المستشار الاستراتيجي لنائبة رئيس المفوضية الأفريقية كلمة في المؤتمر الذى عقده أمس مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس مؤتمرا بعنوان "وزارة الخارجية المصرية في مائة عام 1922-2022". وتناولت الكلمة الورقة البحثية المعنونة "متطلبات المشاركة الفعالة للدول النامية في المؤسسات الدولية ومستجدات الدبلوماسية متعددة الأطراف" المنشورة في الكتاب الصادر عن المؤتمر.
وطرح "الجويلى" في الورقة رؤية شخصية نابعة من 30 عامًا من الخبرة المهنية والأكاديمية في مجال العلاقات متعددة الأطراف، عارضاً لأبرز التطورات المؤثرة على نشاط وطبيعة المؤسسات الدولية المتمثلة في الضغوط المتعلقة بمواكبة تغير هيكل القوى فى المنظومة الدوليةوتعقد جدول الأعمال المطروح على المؤسسات الدولية وتصاعد الدبلوماسية متعددة الفاعلين بالإضافة إلى الدول وظهور منتديات الموازية للمنظمات الدولية العامة وتقلص دور التحالفات التقليدية.
وطرحت الورقة عناصر لتشخيص المصلحة القومية فى المؤسسات الدولية في هذا السياق المتغير والمتمثلة في عدد الأهداف منها الدفاع عن الرؤية (والمصلحة) القومية تجاه صياغة المعايير والقواعد الدولية ذات الصلة والمشاركة فى أجهزة صنع القرار فى المؤسسات الدولية والاستفادة من القاعدة المعرفية الواسعة المتوافرة بالمنظمات الدولية والترويج للتجارب الوطنية الرائدة واكتساب مكانة مُعرفة في قطاعات معنية للدولة عالمياً فى إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف وجذب أنشطة ومقار المؤسسات الدولية والتواجد والإسهام الوطنى فى سكرتاريات ومشروعات المؤسسات الدولية وتولى الدولة للمناصب القيادية ذات الصفة "التمثيلية" الإقليمية وغيرها.
وعلى ضوء تلك الأهداف، طرح السفير عمرو الجويلى ملامح لاستراتيجية وطنية متكاملة للدول النامية فى المؤسسات الدولية، وبعض الأفكار المحددة والمقترحات الملموسة الهادفة لتعظيم التأثير فى المؤسسات الدولية، والاستفادة من أنشطتها، تطبق من عدة مكونات، الأول – على الصعيد المفاهيمى من خلال تبنى نهج الريادة المشتركة، وتطوير الارتباط بين السياسات الوطنية القطاعية تجاه المؤسسات الإقليمية والعالمية، والمشاركة في تطوير "هندسة متغيرة" من التحالفات الدولية المتخصصة في قضايا معينة. أما المكون الثانى فعلى الصعيد الموضوعى من خلال تطوير سياسات ومواقف تجاه مختلف القضايا المطروحة على الصعيد متعدد الأطراف، مترجمة إلى قائمة من أوراق العمل تسترشد بها الوفود المشاركة فى المنتديات الدولية مع تحديد قائمة من القضايا الفنية ذات الأولوية، إما لكونها تعكس ميزة للدولة المعنية تكسبها أرضاً إضافية إذا ما تم الترويج لها، أو لأنها تشكل احتياجاً خاصاً تحتاج إلى منح أولوية دولية.
وتطرق الورقة إلى المكون الثالث من تلك الاستراتيجية المقترحة للدول النامية لتمتد إلى الصعيد "البرامجى"، بحيث تتم ترجمة السياسات الموضوعية أفكار محددة ومقترحات ملموسة يمكن تطبيقها بناء على خطة تنفيذ زمنية بسيطة فى مصفوفة تشمل إطلاق التقارير الأممية الرئيسية، واجتذاب أنشطة التدريب الإقليمى بالتعاون مع المؤسسات الدولية، وإنشاء مراكز لدراسات الأمم المتحدة والعلاقات متعددة الأطراف.
وجاء المكون الرابع والأخير على الصعيد المؤسسى/"الإدارى" ليتطرق إلى إعادة هيكلة الجانب المؤسسى وتطوير منهج إدارة منهج إدارة الدبلوماسية متعددة الأطراف في الدول النامية من خلال إدارة مرنة متحركة خلاقة قادرة على التكيف مع إيقاع واستيعاب نطاق القضايا متعددة الأطراف، تشمل آلية لتطوير سياسة متكاملة تجاه المؤسسات الدولية وتوسيع دائرة التواصل مع مختلف الجهات الوطنية الحكومية وغير الحكومية لتعظيم الاستفادة من متابعة أعمال المؤسسات الدولية وتشكيل دائرة أوسع من من الدوائر الأكاديمية والبحثية والإعلامية (والأعمال فى بعض الحالات)، وتكثيف الاعتماد على الإعلام الجديد.
واختتم "الجويلى" كلمته مؤكداً على أهمية تنويع الأدوات وتطوير المقاربات التي تتبعها الدول النامية وصولاً إلى المشاركة الفعالة في المؤسسات الدولية، بسياقها الجديد، داعياً الجامعات المصرية بالمساهمة في ذلك من خلال إنشاء مراكز بحثية متخصصة في المنظمات الدولية العالمية والإقليمية.