أكدت صحيفة الدستور الأردنية أن التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق يشكل فرصة واعدة لتحقيق تكامل صناعي بين الدول الثلاث، إلى جانب إتاحة المجال لتنفيذ حزمة من مشروعات التعاون، وتعزيز الشراكة وتعميق التنسيق والتعاون والتكامل الاستراتيجي المشترك.
جاء ذلك في تقرير نشرته صحيفة الدستور اليوم الاثنين، أعده مركز الدستور الأردني للدراسات الاقتصادية بالصحيفة، تزامنا مع ختام أعمال " قمة جدة للأمن والتنمية " التي استضافتها المملكة العربية السعودية بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إضافة إلى مصر والأردن والعراق، وقادة دول مجلس التعاون الخليجي .
وقال رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدى الطباع إن مجتمع الأعمال الأردني يشيد بالتعاون المصري- الأردني- العراقي ، مؤكدا أنه يتطلع لعكس منافعه على الاقتصاد الوطني بشكل أكبر في القريب العاجل، خاصة مع وجود آفاق واعدة للتعاون الاستثماري والتجاري المشترك، خاصة في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والتعاون في مجال المناطق الصناعية المشتركة.
وأضاف أنه من وجهة نظر القطاع الخاص، فإن من أهم الآليات التي يمكن اتباعها للوصول للتكامل الاقتصادي بين هذه الدول هي من خلال وضع برامج عمل زمنية تتضمن أولويات كل دولة وما تتطلع إليه، مع المتابعة المستمرة لضمان تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المرجوة، إلى جانب متابعة مختلف الاتفاقيات التي تم توقعيها في إطار هذا التعاون الثلاثي، إضافة إلى تحديد آليات موحدة لمتابعة المشاريع المشتركة، وهو ما تم الاتفاق عليه من قبل المجلس المشترك في الآونة الأخيرة.
وأوضح أن مشاريع الربط الكهربائي تشكل أهمية كبيرة، خاصة وأنها تساهم في جعل الأردن مركزاً إقليمياً في تصدير الطاقة إلى دول المنطقة، ويعزز دوره الإقليمي في مجال الكهرباء، بما يساهم في تسويق الأردن على المستوى الإقليمي من خلال الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، كما تساهم في تعزيز استقرارية الأنظمة الكهربائية في الدول المرتبطة مع الأردن.
وأشار إلى أنه هناك العديد من مشاريع الربط الكهربائي الواعدة منها: الربط الكهـربائي الأردني السعودي، والربط الكهربائي بين الأردن وسوريا ولبنان، إلى جانب وجود تجارب ناجحة عديدة في مجال الربط الكهربائي منها الربط الكهربائي بين الأردن ومصر.
ومن جانبه ، قال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمّان المهندس فتحي الجغبير أن الفترة الأخيرة شهدت جهودا واسعة وحثيثة على مختلف الصعد بين كل من الأردن والعراق ومصر؛ بهدف توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدان الثلاثة، بما يحقق مصالحهم المشتركة، ويخدم القضايا العربية، من خلال ما تم عقده من لقاءات بين الأطراف؛ لمناقشة التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث.
وأضاف أنه تم التأكيد خلال هذه اللقاءات على أهمية الإسراع في وضع وتنفيذ الخطط اللازمة لتعزيزالتعاون المشترك في كافة المجالات؛ بهدف تحقيق التكامل الاستراتيجي وبصفة خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والإستثمارية، من خلال التكامل الصناعي والتعاون في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والمناطق اللوجستية، وكذلك في مجال القوى العاملة ومشروع المدينة الاقتصادية، وترجمة ما تم بحثه خلال القمة الثلاثية إلى مشروعات على أرض الواقع بما يخدم مصالح البلدان الثلاث.
وقال الجغبير"مما لا شك فيه إن مصر والأردن والعراق يملكون كافة المقومات لنجاح التكامل الاقتصادي المشترك، خاصة من خلال العديد من المزايا النسبية والتنافسية في صناعات وزراعات مختلفة لكل دولة على حدة، إضافة إلى الموارد الطبيعية التي تجعل من هذا التكامل واقعا، إذا ما استغلت مقوماته بالشكل المطلوب"،مضيفا "ولعل أبرز مقوم لنجاح هذا التكامل يكمن في القرب الجغرافي وسهولة عمليات النقل بين الدول الثلاث، إضافة إلى المقومات الزراعية الكبيرة المتوافرة، وتوافر منتجات الطاقة من النفط والغاز، وتميز كل دولة بقواعد صناعية يمكن البناء عليها، وهي ما تمحور من خلال ما حددته لجان المتابعة من أربعة قطاعات مستهدفة في المرحلة الأولى لتعزيز التعاون الثلاثي وتشمل الصناعات الدوائية والصناعات الكيماوية والصناعات النسيجية وصناعة السيراميك، فضلاً عن الروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية بين الشعوب".
وأوضح أن حجر الأساس للانطلاق نحو التكامل الثلاثي المشترك، وإثبات أننا نسير بجدية وبالطريق الصحيح، يكمن في إزالة معيقات التجارة البينية التي تحتاج إلى إرادة لتغييرها وتسهيل انسياب المنتجات دون قيود، فيما بين هذه الدول، فضلاً عن تسهيل حركة انتقال الأيدي العاملة وعمليات الشحن التجاري وما إلى ذلك.
ومن جانبه، أعرب الأستاذ المساعد في قسم اقتصاد الأعمال في الجامعة الأردنية الدكتور رعد التل عن اعتقاده بأن قمة جدة هي قوة اقتصادية لما تمثله من أهمية ودلالات اجتماع دول عربية مع الولايات المتحدة، خاصة وأن تلك الدول تشكل ما نسبته 46% من الناتج في منطقة الشرق الأوسط، و 22% من إنتاج النفط العالمي و13% من إنتاج الغاز الطبيعي، وبالتالي تلعب هذه الدول دورا أساسيا ومهما في المشهد الاقتصادي العالمي.
وقال التل "تنبع أهمية الاجتماع الثالث بعد قمة بغداد ومشروع التكامل العربي المشترك؛ لنجد اليوم الزخم في قمة جدة التي كان الحديث والمخرجات فيها عملية وواقعية بعيدا عن العاطفة، حيث أن لغة البيان الختامي عميقة وواضحة ، ونتوقع اليوم أن يعزز ذلك من التكامل العربي المشترك بسبب توفر عدة عوامل أبرزها الموارد الطبيعية في الدول الثلاث والغاز والطاقة والبترول في دول الخليج ورأس المال البشري، ما يوفر سوقا متكاملا وشاملا وضخما للإنتاج والاستهلاك؛ لذا نأمل أن نرى مزيدا من الخطوات على أرض الواقع لتخطي التحديات في قطاع الطاقة وتعزيز النمو الاقتصادي والأمن الغذائي".
وفي سياق مشترك، أوضح الخبير الاقتصادي، ورئيس جمعية حماية المستثمر الأردنية الدكتور أكرم كرمول أن قمة جدة بحثت مضامين من شأنها توحيد الصف لخلق تكامل اقتصادي عربي، بما يتناسب مع ميزات كل دولة، مشيرا إلى ضرورة ربط تلك المضامين بمؤشرات آداء واضحة وبخطط وبرامج قابلة للتطبيق على رض الواقع، وبما يعود بالنفع والفائدة على الواقع العربي.
وقال إن ذلك يتطلب من الدول العربية المشاركة تفعيل عمل القطاع الخاص باعتباره أحد أهم ركائز الاستثمار في أي دولة، إضافة إلى إيجاد قوانين مرنة تراعي حاجات المستثمرين، بما يؤدي إلى تحقيق تكامل اقتصادي يلبي تطلعات الدول والافراد.
ومن جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي الأدني حسام عايش إن التكامل الاقتصادي يستدعي توحيد القوانين الاستثمارية والجمركية، إضافة إلى تنظيم القوانين ذات الصلة بالضرائب والرسوم وغيرها، وأن يكون مزايا للمستثمرين في الدول الثلاث ، وأن يراعي ذلك قانون الاستثمار الجديد والذي ستصدره الأردن قريبا، وأن يتم التركيز على الجوانب التي تسمح بعائد سريع من وراء هذا التكامل في قطاعات الطاقة والمياه، وتحلية مياه البحر بتشارك ما بين الدول.
وأشار إلى أن هناك مشاريع استراتيجية لم يتم إنجازها مثل مشروع أنبوب نقل النفط العراقي عبر الأردن من البصرة إلى العقبة ومصر وغيرها، وهناك مشاريع أخرى سواء على مستوى النقل والبنية التحتية، لكن هنالك بدايات للمدينة الحرة على جانبي الحدود العراقية الأردنية والتي توفر فرص عمل لمواطنين من البلدين.
ومن جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي الأردني زيان زوانه أن التعاون المصري الأردني العراقي بادرة يجب العمل على تطويرها وتعميقها لفوائده الكبيرة على البلدان الثلاثة وأهمها توسيع رقعة السوق ، خاصة بالنسبه للأردن؛ ليصبح سوقا فيه أكثر من 150 مليون مستهلك ، وبطاقة إنتاجيه ينبغي العمل على تطويرها، ما يعود بالنفع على البلدان الثلاثة ويفتح آفاق انضمام دول عربية أخرى لهذا الإطار التعاوني العربي ، خاصة أن مشاريع الربط الكهربائي بين الدول الثلاث ودول مجلس التعاون الخليجي تعود بالنفع على الجميع.