يواصل "انفراد" تقديم خدماته "فتوى اليوم"، حيث ورد سؤال لدارالإفتاءنصه: يقول سائلٌ: حلفت على المصحف الشريف يمينًا هذا نصه: (وحياتك يادى المصحف أكثر من خمس مرات ما أشرب السجاير مدى الحياة) وبعد ذلك اضطرتنى ظروف صعبة أن أشرب السجائر؛ فما حكم ذلك شرعًا؟، وجاء رد الدار كالآتى:
إنَّ الحلف على المصحف يمين بالله تعالى؛ قال صاحب "مجمع الأنهر" (1/ 544، ط. دار احياء التراث): [وفى "الفتح" ولا يخفى أنَّ الحلفَ بالمصحف الآن متعارف فيكون يمينًا.. وقال العيني: لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه أو قال: (وحق هذا) فهو يمين، ولا سيّما فى هذا الزمان الذى كثر فيه الحلف] اهـ.
واليمين التى حلفها السائل وهى قوله: (وحياتك يادى المصحف أكثر من خمس مرات ما أشرب السجاير مدى الحياة.. إلى آخره) هى يمين منعقدة، وحكم اليمين المنعقدة شرعًا أنها تجب فيها الكفارة إذا حنث الحالف فى يمينه، وكفارة اليمين هى المنصوص عليها فى قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أو كِسْوَتُهُمْ أو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].
وفى الحادثة موضوع السؤال: اليمينُ التى حلفها السائل يمينٌ منعقدة كما قلنا قبلًا، وكان الواجب عليه شرعًا أن يبرّ فى هذا اليمين وألا يشرب السجائر طول حياته، وما دام السائل قد شرب السجائر بعد اليمين فقد حنث فى يمينه، وفى هذه الحالة تجب عليه الكفارة شرعًا؛ وهى عبارة عن إطعام عشرة مساكين، ويجزئ فى إطعامهم ما يجزئ فى الفطرة بأن يعطى كلًا منهم نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير، والصاع قدحان وثلث بالكيل المصرى، وأجاز الحنفية إعطاء القيمة؛ فإنها أنفع للفقير، فإن لم يطعم عشرة مساكين فيجب عليه كساؤهم بأن يعطى كلّ مسكين ثوباً، وأدناه ما تجوز فيه الصلاة؛ فإن لم يقدر لا على الإطعام ولا على الإكساء فيجب عليه شرعًا صيام ثلاثة أيام متتابعات.