اختتمت جامعة القاهرة، فعاليات الدورة التدريبية الثانية لتدريب 50 إمامًا من وزارة الأوقاف فى مجال اللغة العربية، وذلك بمركز المؤتمرات بالمدينة الجامعية، والتى استمرت 5 أيام، فى إطار تنفيذ بروتوكول التعاون المشترك للإعداد الجيد والتدريب المستمر للنهوض بالأئمة والوعاظ فى مختلف المجالات بما يساهم فى دعم توجه الدولة نحو محاربة الأفكار الهدامة والسعى نحو تقديم خطاب دينى جديد متزن خال من التعصب.
وقال الدكتور محمد الخشت، خلال كلمته فى ختام فعاليات الدورة، إن المدخل اللغوى لتجديد الخطاب الدينى هو مدخل مهم ويتضمن الكثير من المسائل اللغوية، مشيرا إلى ضرورة استعادة بعض الأفكار لإدراك حجم الأرضية المشتركة بيننا، واحتمالية وجود الاختلاف نتيجة الاختلاف فى الفهم اللغوى للكثير من المصطلحات، بما يعنى أن الاتفاق على معانى المفردات ينتج عنه الاتفاق بيننا بشكل كبير فى عدد من القضايا، حيث أراد لنا الله التنوع فى الكون والمخلوقات والأفكار والآراء والمفاهيم واللغة والاختراعات، وهى حكمة الله سبحانه وتعالى، مؤكدًا أهمية معرفتنا بمقاصد الله فى أعماله حيث خلق الله الكون على قاعدة التنوع.
وأوضح الدكتور محمد الخشت، ضرورة التفريق بين الثوابت والمتغيرات أى بين المقدس وهو الدين الثابت المتمثل فى القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة الثابتة بيقين عن النبى صلى الله عليه وسلم وبين المتغير البشرى، وهو الخطاب الدينى أى الخطاب البشرى المتمثل فى كل ما يتم فهمه من الدين وقوله فى أحاديثنا وخطبنا والمؤلفات التى يتم كتابتها، لافتا إلى أننا مثل المرآة العاكسة للدين والتى قد تختلف حسب زاوية الرؤية، مستشهدا بالآية الكريمة "اليوم أكملت لكم دينكم"، موضحا اكتمال دائرة الكلمات الإلهية وأن ما جاء بعد ذلك ليس إلهيا وإنما بشرى وبالتالى فإن الجهود البشرية تقبل الصواب والخطأ، وأن ما هو إلهى يكون محل إيمان يقينى وما هو بشرى يكون قابلا للرأى والرأى الآخر، مشيرا إلى أن التنوع والتعددية تعنى فكرة إنكار الصواب الواحد واحتكار الحقيقة، موضحًا أن الوحى ليس من التراث وإنما فوقه، لذا فإن نقد التراث البشرى لا يمثل نقدا للوحى أو للدين.
وأكد الدكتور محمد الخشت، أن الخطاب الدينى الجديد ليس دينا جديدا، وأن تأسيس فهم جديد للدين يمثل عصرا جديدا يتضمن أفكارا ومفردات جديدة ومنظومة لغوية جديدة لأن المفردات تموت وتحيا ولذا لابد من استخدام مفردات فى الخطاب تتلاءم مع روح العصر، لافتا إلى أن تطوير علوم الدين لا يعنى إلغاء علوم الدين إلغاء تاما وإنما تطويرها لأنها جهود بشرية فى فهم الدين مرتبطة بالعصر، مؤكدًا أن تجاوز التراث لا يعنى نفيه وإنكاره كلية وإنما يعنى تجاوزه إلى مرحلة جديدة وصناعة تراث جديد، وأن رفض الاسطورة والخرافات فى التراث يأتى ضمن معالم الخطاب الدينى الجديد.
وأضاف رئيس جامعة القاهرة، أن التمييز بين الإسلام والمسلمين مسألة مهمة وهو من الإشكاليات التى تم إيقاعنا فيها، موضحا أن المستشرقين ينتقدون الإسلام من خلال أفعال المسلمين، لذا لابد من التمييز بين الإسلام والمسلمين، موضحا الفرق بين المطلق والنسبي، حيث إن المطلق هو الإلهى الذى لا حدود له سواء علمية أو فكرية أو مكانية أو زمانية، بينما النسبى هو كل ما سوى الله مثل الآراء البشرية والتى لابد أن تكون محدودة مهما كان قائلها من البشر، وأن من الخطأ العلمى اعتبار المشكوك فيه نقيض المطلق، فنقيض المطلق هو النسبى، ونقيض المشكوك فيه هو اليقيني، مؤكدا أن كل ما هو غير إلهى فإنما هو أمر نسبي.
من جانبه، قال الدكتور هشام عبد العزيز رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، نيابة وزير الأوقاف، إن جامعة القاهرة جامعة عريقة وما زال يتخرج فيها القادة وسادة العلم فى شتى المجالات، مشيدا بالدور الفعال للدكتور محمد عثمان الخشت فى جعلها حصن أمان فى التجديد و التنوير والثقافة والمعرفة والحفاظ على الهوية المعرفية، وهو ما يتلاقى مع وزارة الاوقاف من حيث ضرورة أن يكون الإمام ملما بالقضايا العصرية، وأن يتدرب الأئمة فى الجامعات المصرية ويكون تدريبهم نوعيا.