قال نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويرى، إنه ليس من المنطق أن نطلب من قمة الجزائر حل المشكلات العربية الحالية التى تحتاج إلى وقت وجهد حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها ولكن فى نفس الوقت من الضرورى أن يكون لهذه القمة كلمتها تجاه الأوضاع التى تمر بها المنطقة، معربا عن اعتقاده أنه إذا لم تقم القمة بدورها فى ظل هذه الظروف فمن الصعب أن نأمل فى أى قمة قادمة.
ورأى اللواء محمد إبراهيم الدويرى، فى مقال له اليوم الأربعاء، نشر بصفحة (قضايا وآراء) بصحيفة "الأهرام"، فى هذا المجال أن هناك ستة عوامل رئيسية مطلوبة فى قمة الجزائر وهي: العامل الأول مشاركة جميع القادة العرب فى القمة كأولوية أولى أو من ينوب عنهم إذا لزم الأمر وفى أضيق الحدود، مع أهمية التوصل إلى حل لكيفية المشاركة السورية فى القمة.. العامل الثانى أن يكون البيان الختامى الصادر عن القمة مختصرا قدر الإمكان وبعيدا عن العبارات الإنشائية حتى لا يكون نسخة مكررة من البيانات السابقة وبالتالى يفقد أهميته.
وأوضح أن العامل الثالث يتمثل فى أن تسعى هذه القمة إلى بلورة حلول واقعية لكل المشكلات التى تعانيها المنطقة العربية وتمثل أحد مسببات الصراع، وأعتقد أننا نمتلك الخبراء القادرين على صياغة المبادئ الأساسية المعروفة لتسوية كل القضايا حتى تكون لدينا حلولنا العربية وليست الحلول الخارجية المفروضة التى لا تراعى إلا مصالحها.. والعامل الرابع أن يتم تعيين ممثل للجامعة العربية لمعالجة كل من المشكلات العربية الحالية، فليس من المعقول أن يكون لكل قضية عربية مبعوث أممى أو دولى أجنبى بينما يغيب المبعوث العربى القادر على التعامل مع هذه القضايا.
ولفت إلى أن العامل الخامس يدور حول أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة بشكل قوى فى هذه القمة وأن يتم الإعلان عن أن عام 2023 هو عام القضية الفلسطينية، ويتم تشكيل لجنة جديدة دائمة ومصغرة وفاعلة تكون مهمتها التحرك مع كل الأطراف فور انتهاء الانتخابات الإسرائيلية وتشكيل الحكومة الجديدة من أجل استئناف المفاوضات وصولًا إلى حل الدولتين.. والعامل السادس فى أن تنتهى القمة بوضع حجر الأساس لمرحلة عربية جديدة قوامها العمل الجماعى المشترك والفاعل قدر المستطاع.
وقال نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري: "لا يمكن أن أحسب نفسى مع أولئك الذين فقدوا الأمل فى إصلاح الموقف العربى وأصبحوا يرون أن الجسد العربى أصبح بلا حراك أو فاعلية، ذلك أننى إذا سلمت بهذا التوجه الذى أراه غير سليم وشديد التشاؤم إذن فلا يوجد أى معنى لعقد القمم العربية أو الاجتماعات التى تتم بين القادة العرب، وما زالت قناعتى الكاملة تتبنى المقولة المعروفة أن الجسد العربى يمرض ولكنه لا يموت".
وأضاف: "ليس خافيًا على أحد أن الواقع الراهن يشير بكل وضوح إلى أن الوضع العربى يمر بمرحلة وهن شديد من جراء العديد من العوامل التى أدت إلى الوصول للحالة التى نراها أمامنا، والتى يمكن القول أن أهم أسبابها تتمثل فى الصراعات الداخلية البعيدة عن المصالح العليا للدولة وما ترتب عليها من تدخلات خارجية، الأمر الذى عكس تأثيراته السلبية على الأوضاع فى كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان، هذا بالإضافة إلى تراجع فرص حل القضية الفلسطينية واستمرار الانقسام وسيطرة حماس على قطاع غزة".
وتابع: "بالتالى فإن طرح هذه المشكلات ومسبباتها وطرق معالجتها بشفافية تعد هى المدخل الحقيقى لإعادة إحياء الموقف العربى الذى يمتلك كل أدوات القوة الشاملة، أما السؤال الذى لا أجد إجابة مقنعة عنه يتمثل فى أنه إذا لم تتحد الدول العربية فى مواجهة المخاطر التى تحيط بالجميع بل أنهكت تمامًا البعض فمتى سوف تتحد؟ ثم أضيف سؤالًا آخر مفاده ما هى الأسباب التى تجعل الموقف العربى بهذا الشكل وتحول بينه وبين أن يعيد اكتشاف أنه يملك القدرة على أن يكون عنصرًا فاعلًا فى التعامل مع جميع المشكلات التى يعانيها العالم حاليًا وأبسط مثال على ذلك مشكلة الطاقة التى أفرزتها الأزمة الروسية الأوكرانية والتى أكدت تفوق القدرات العربية".
وأردف: "فى رأيى أن الخلافات العربية مهما تتفاقم فإنها تظل قابلة للحل والدليل على ذلك نجاح المصالحة الخليجية القطرية والمصالحة المصرية القطرية وهو ما يمنح الأمل إزاء إمكانية تطوير العلاقات العربية سواء على المستويات الثنائية أو الجماعية، وحتى أكون منطقيًا فإنى لا أعترض مطلقًا على أن تسعى كل دولة إلى تأمين مصالحها بالشكل الذى تراه مناسبًا ولكن بشرط ألا يتعارض هذا التوجه مع مبدأ العمل العربى الجماعى، وهى معادلة أعتقد أنها قابلة للتنفيذ إذا ما توافرت الإرادة السياسية لدى القادة العرب والتى من المؤكد أنها متوافرة ولكن لابد أن تتحول إلى واقع على الأرض".
وأشار إلى أنه فى هذا المناخ الشديد الصعوبة ستعقد القمة العربية فى الجزائر فى الأول من نوفمبر القادم أى بعد بضعة أسابيع وهى فترة لا تكفى لحل المشكلات المثارة حاليًا فى المنطقة، ولكنها تكفى فى رأيى لوضع خريطة طريق عربية أو خطة عمل تساعدنا فى المستقبل القريب على الخروج من مستنقع لا مفر من أن نخرج منه وإلا سنظل منغمسين فيه لعقود طويلة قادمة.
ونوه إلى أنه من الظلم البين تحميل الجامعة العربية وحدها مسئولية الوصول إلى هذا الوضع العربى ذلك أن الجامعة ما هى إلا انعكاس للحالة العربية سواء كانت هذه الحالة قوية أو ضعيفة إلا أنه لابد للجامعة التى يترأسها شخصية دبلوماسية مرموقة أن يكون لها دور أكثر فاعلية وقدر استطاعتها، ورغم كل هذه المشكلات فأننى أومن بأن الجامعة العربية ما زالت تمثل الكيان العربى الرئيسى الجامع الذى يجب الحفاظ عليه مهما تكن الصعاب، ومن ثم يجب على الجميع أن يمنحها القدرة على القيام بدورها حيث أنه ليس من العدل تقييد قدرتها على العمل ثم القيام بانتقادها.