أعرب وزير السياحة والصناعات التقليدية التونسي محمد المعز بلحسين عن تطلعه لتعزيز التعاون مع مصر خلال الفترة المقبلة؛ لاستهداف الأسواق السياحية البعيدة، وخاصة السوق الآسيوي والصيني وأمريكا اللاتينية.
وقال الوزير التونسي - في حوار خاص مع مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس - إن تونس ومصر تمتلكان مقومات سياحية فريدة ومتنوعة، وهو ما يحقق فكرة التكامل بين البلدين في القطاع السياحي، مضيفا: "ولذلك يمكننا العمل سويا لاستهداف الأسواق السياحية البعيدة، وخاصة الأسواق الآسيوية والصينية وأمريكا اللاتينية، وتعزيز حضور البلدين سياحيا في هذه الأماكن".
وأضاف بلحسين أنه سيقوم بزيارة إلى مصر في أقرب وقت ممكن؛ لبحث فرص التعاون وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود في قطاع السياحة، خاصة أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد نقلة نوعية على كافة المستويات، سواء بين قيادة البلدين أو الشعبين الشقيقين، مؤكدا أن هناك العديد من الفرص المتاحة أمام مصر وتونس لتعزيز التعاون في هذا القطاع.
وأشار إلى أن قطاع السياحة في تونس يشهد تحسنا كبيرا خلال الفترة الأخيرة مقارنة بالعامين الماضيين 2020 و2021 ، واصفا إياهما بـ"الكارثيين" على قطاع السياحة؛ بسبب جائحة كورونا وما سببته من خلل كبير في عمل القطاع، مضيفا : "قمنا خلال عام 2021 بوضع مخطط عملي لدفع القطاع السياحي بقوة، وبدأ هذا المخطط يؤتي ثماره بتحسن مستوى المؤشرات السياحية من خلال تزايد أعداد الوافدين إلى تونس لتصل إلى حوالي 5 ملايين سائح منذ مطلع العام الحالي 2022، بارتفاع بلغت نسبته 170% مقارنة بالعام الماضي 2021، مشددا على أن الهدف الرئيسي للوزارة حاليا يتمثل في الوصول إلى مستوى السياحة لما قبل جائحة كورونا في أقرب وقت ممكن.
وأضاف الوزير أنه لا يمكن العودة إلى هذا المستوى إلا من خلال تحفيز الطلب على الوجهة السياحية التونسية، واستعادة ثقة الشركاء السياحيين في الداخل والخارج، سواء من متعهدي الرحلات السياحية أو الشركات السياحية أو شركات الطيران أو البعثات الدبلوماسية، وذلك من خلال إبراز الصورة الآمنة للسياحة في تونس خاصة بعد جائحة كورونا، وتابع: " ولذلك عملنا على تأمين المسار السياحي من الناحية الصحية، ووضعنا بروتوكولا صحيا لكافة المؤسسات السياحية منذ شهر مايو 2020، وكانت تونس من أوائل الدول التي قامت بإقرار هذا البروتوكول لضبط الإجراءات الوقائية ضد جائحة كورونا، وهو ما منح الثقة للقطاع السياحي الذي يعمل به ما يقرب من 400 الف شخص يعولون ما يقرب من 2 مليون شخص".
واعتبر بلحسين أن جائحة فيروس كورونا مثلت فترة عصيبة للقطاع السياحي، موضحا بالقول: "لعل أخطر موجة من الفيروس تأثرنا بها كانت في يوليو 2021، وكانت الأولوية للدولة وقتها هي حماية الشعب التونسي من هذه الجائحة، ولذلك كثفت الدولة جهودها في تلقيح المواطنين ضد الفيروس، حتى وصلنا في أحد الأيام لتلقيح أكثر من نصف مليون مواطن، وهو ما نعتبره معجزة بفضل إرادة القيادة السياسية للبلاد، وشملت هذه التطعيمات جميع العاملين بالمنشآت السياحية".
وأرجع الوزير تزايد أعداد السائحين الوافدين لتونس مؤخرا إلى قيام الوزارة بوضع خطة للترويج السياحي بطريقة مغايرة ومختلفة، تمثلت في تجاوز الانطباع السائد بأن تونس تعتمد فقط على السياحة الشاطئية، مضيفا : "قمنا بتجاوز هذه المرحلة، حيث كانت تونس تشتهر بالحمامات وسوسة وجربة والمانستير والمهدية كوجهات سياحية، غير أننا بدأنا نسلط الضوء على الأماكن السياحية الآخرى، مثل توزر وتطاوين والكاف وباجة وقابس ومناطق أخرى لم تكن تحصل على حظها في الترويج والدعاية، خاصة أن هذه الأماكن تتمتع بمقومات سياحية متنوعة، ومنها السياحة الصحراوية وسياحة الواحات في الجنوب، والسياحة الطبيعية في الشمال الغربي، إضافة إلى تسليط الضوء على المواقع الآثرية والتاريخية، فلدينا 8 مواقع أثرية استثنائية مسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو".
وحول التحديات التي يواجهها قطاع السياحة في تونس، أعرب الوزير عن تخوفه من عودة جائحة كورونا مرة آخرى، وهو تحدي قائم، وإن كان لا يتمنى حدوثه بالطبع، فضلا عن التحدي الجيواستراتيجي والتحولات التي يشهدها العالم حاليا، خاصة ما يتعلق بالأزمة الأوكرانيو، والتي تؤثر بشكل مباشر على السياحة التونسية بانخفاض عدد السائحين الروس، باعتبار أن السوق السياحية الروسية تعد من أهم الأسواق التي تعتمد عليها تونس، وبشكل غير مباشر بإرتفاع أسعار النفط وبالتالي ارتفاع أسعار التنقل بين الدول، وهو تحد جديد يضاف إلى تحدي كورونا، إضافة إلى التحدي المتعلق بإشكاليات النقل الجوي، في ظل اعتماد الجزء الأكبر من السائحين القادمين إلى تونس على النقل الجوي، مشيرا إلى أن قطاع النقل أيضا عانى كثيرا بسبب جائحة كورونا، ولذلك بات من الضروري تعافي هذا القطاع لمساعدة قطاع السياحة على النهوض بقوة مرة آخرى.
وعن مدينة القيروان التي استقبلت مؤخرا حوالي مليون سائح للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.. قال الوزير إن القيروان تحتوي على مقومات سياحية تؤهلها لتصبح واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي؛ نظرا لأهميتها التاريخية والدينية والثقافية، وما يتوفر بها من مقومات حضارية ومعالم دينية ومزارات روحانية فريدة من نوعها، وصناعات تقليدية وحرفية مميزة مثل النحاس والحايك والزربية والنسيج والملابس التقليدية والأكلات التونسية الأصيلة.
وفيما يتعلق بتوقعاته للعام السياحي المقبل في تونس.. أشار بلحسين إلى أن العام المقبل سيكون الأصعب، نظرا لتزايد الضغوطات الاقتصادية على مستوى العالم، وشدة التنافسية بين الدول السياحية لاستقطاب أكبر عدد من السائحين، مضيفا: "لذلك تولي الوزارة اهتماما كبيرا بالخدمات والمنتجات السياحية، والعناية بالمحيط السياحي، ورفع درجة الوعي السياحي لدى المواطن التونسي، وتدعيم القدرة التنافسية"، مؤكدا في الوقت نفسه استعداد بلاده لاستقبال كافة الوفود السياحية.