أكد خبراء في شؤون البيئة والصحة، أن التغيرات المناخية، التي تفاقمت خلال العقود الماضية، تشكل تهديدا مباشرا على صحة البشر، ويتضح ذلك من خلال الأمراض المرتبطة بالتغيرات المناخية مثل الأمراض النفسية والقلبية والجفاف، حيث يدرس أخصائيو الصحة في العالم بالفعل التصدي للأضرار الصحية، موضحين أن التغيرات في درجة الحرارة تسبب تغيرات في هطول الأمطار ويؤدي ذلك إلى عواصف أكثر شدة، كما إنها تسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية، وتدمر المنازل والمجتمعات المحلية، وتكلف مليارات الجنيهات.
وقال أستاذ الدراسات البيئية بجامعة عين شمس الدكتور عبد المسيح سمعان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن هناك 3 تداعيات مهمة تؤثر على الصحة نتيجة تغير المناخ أولها خريطة الأمراض، حيث إنه سوف تتغير في العالم بمعنى أنه في أمراض تنشأ في المناطق الاستوائية الحارة جدا مثل مرض "الملاريا" إذا ما تحررت دول أخرى كانت بها الأجواء معتدلة أو باردة سوف تنتقل لها هذه الأنواع من الأمراض وهو الملاريا على سبيل المثال ويصيب ناس لم يكن أصلا تعرضوا لهذا النوع من الأمراض لأنها ليست في مجال المنطقة التي يعيشون بها.
وأضاف أن ثاني التداعيات ما تسمى بضربة الحرارة أو ضربة الشمس وهى تأتي للإنسان عندما يتعرض لدرجة حرارة عالية جدا ولا يوجد عنده فقد في العرق وبالتالي ممكن أشخاص كثيرة تتعرض لضربة الحرارة نتيجة الاحترار الشديد وهذا ما حصل في بعض دول أوروبا عندما ارتفعت عندها درجة الحرارة إلى 40 و41 درجة في سابقة لم تحدث من قبل.
وأشار الدكتور سمعان، إلى أن الأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب والتوتر هي آخر التداعيات وتأتي نتيجة أن الإنسان يعيش دائما في مناطق بها احترار وجسمه ونفسيته غير متعودة على هذا الأمر.
من جانبه، قال أمين خبراء البيئة العرب ومستشار مرفق البيئة العالمي الدكتور مجدي علام، إنّ مصر عليها مسئولية كبيرة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ "COP 27" بمدينة شرم الشيخ، لأن كل المؤتمرات السابقة لم توافق الدول الصناعية فيها على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، حيث اتفقت على الخفض التدريجي وليس التخلص التدريجي في قمة "جلاسكو".
بدوره، قال خبير التغيرات المناخية والتنمية المستدامة صابر عثمان، إن هناك تأثيرات بشكل مباشر أو غير مباشر للتغيرات المناخية على الصحة، فبالنسبة للشكل المباشر عندما يتعرض أحد لبعض الأحداث الجوية الجامحة مثل ارتفاع متوسط الحرارة ووجود موجة حارة، فالطموحات الحارة يمكن أن تؤدي إلى بعض الأمراض مثل أمراض العيون أو ضربات الشمس وبالتالي تؤدي للوفاة.
وأضاف أن للتغيرات المناخية تأثيرا غير مباشر من خلال الأمراض المنقولة مثل الملاريا وبالتالي ترتفع درجة الحرارة والرطوبة؛ فتتيح الظروف للبعوضة الناقلة لهذا المرض أن تنقل المرض لعدد كبير من الناس وتكون هناك إصابات.
ويتميز التغير المناخي بنطاق واسع من المخاطر على صحة الأشخاص وهي مخاطر سوف تزداد في العقود القادمة وغالبًا ستصل إلى مستويات خطيرة، في حالة استمرار تغير المناخ في مساره الحالي.
وتتضمن الفئات الثلاث الأساسية للمخاطر الصحية: التأثير المباشر (على سبيل المثال نتيجة الموجات الساخنة وتلوث الهواء على نطاق واسع والكوارث الجوية الطبيعية) والتأثيرات التي تحدث نتيجة للتغيرات المناخية المتعلقة بالنظم والعلاقات البيئية (على سبيل المثال المحاصيل الزراعية والناموس وعلم البيئة والإنتاج البحري)، والتوابع الأكثر انتشارًا (غير المباشرة) المرتبطة بالإفقار والنزوح والصراع على الموارد (على سبيل المثال المياه) ومشكلات الصحة العقلية التالية للكوارث.
وذكرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن تفادي الآثار الكارثية على الصحة ودرء حدوث ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ يقتضيان من العالم أن يحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، ونتيجة الانبعاثات السابقة، أصبح ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستوى معين والتغيرات الأخرى التي طرأت على المناخ أمرا محتوما، غير أن الاحترار العالمي حتى بمقدار 1.5 درجة مئوية لا يعتبر آمنا؛ وكل عُشْر إضافي في درجة الاحترار الحراري سيلحق أضرارا خطيرة بحياة الناس وصحتهم.
ويؤثر تغير المناخ على الصحة بطرق عديدة، منها في الوفاة والمرض نتيجة الظواهر الجوية المتطرفة التي تزداد تواترا، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات وتعطل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض الحيوانية والأمراض المنقولة بالأغذية والمياه والنواقل، ومشاكل الصحة النفسية.
ويقوض تغير المناخ العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة وإتاحة الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي، وتؤثر مخاطر تغير المناخ على صحة أكثر الفئات ضعفا وحرمانا، بمن في ذلك النساء والأطفال والأقليات الإثنية والمجتمعات الفقيرة وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ظروف صحية كامنة.
ورغم أن تغير المناخ يؤثر تأثيرا واضحا على صحة الإنسان، فإنه يظل من الصعب تقدير حجم وتأثير العديد من مخاطر تغير المناخ على الصحة على نحو دقيق، ومع ذلك فإن أوجه التقدم العلمي تتيح لنا تدريجيا نسب الزيادة في معدلات الاعتلال والوفيات إلى الاحترار الناتج عن أنشطة بشرية، وتحديد المخاطر التي تنطوي عليها هذه التهديدات الصحية ونطاقها على نحو أدق.
ويُعتبر موضوع علاقة تغيرات المناخ بالحالة الصحية للإنسان أحد المواضيع الحيوية، كما يعتبر البحث العلمي لفهم جوانب هذه العلاقة ذا جدوى استثمارية تطبيقية
وبالمقارنة مع الكوارث والمخاطر البيئية الأخرى، كالزلازل والبراكين وموجات التسونامي والميكروبات، حيث تعتبر التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لتغيرات المناخ هي الأقوى في عمق وطول أمد تداعياتها على صحة الإنسان، إضافة إلى كونها من المخاطر التي يُمكن التعامل معها لتخفيف تأثيراتها الصحية.