ألقى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد محاضرة علمية بعنوان "التعايش السلمي وحرية الاعتقاد" لموظفي الشؤون الإسلامية بماليزيا ضمن برنامج تدريبي تنظمه أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى.
وقال الأمين العام خلال المحاضرة، إن أسباب الغلو والتشدد تتمثل في عدة أمور أبرزها: القراءة الانتقائية للنصوص وذلك من خلال اقتطاع النص من السياق دون النظر إلى السابق واللاحق، وبالتالي تكون النتيجة خطأ في الفهم والوجهة، إضافة إلى الهوى الشخصي أو الخلفية الفكرية السابقة؛ فالتعامل مع النص الديني يجب أن يكون وفق التجرد والموضوعية بعيدًا عن الأهواء، والأمر الثاني يتمثل في الجهل وقلة المعرفة أو تبني رأي بعينه دون الرجوع إلى القواعد السليمة للمعرفة، الأمر الثالث ويتعلق بعدم الموضوعية في العرض لتحقيق المصلحة الشخصية.
وأضاف عياد، أن الحضارة الإسلامية مثّلت أرقى حالات التسامح والتعايش الإيجابي، والاحترام الأمثل بين الأفراد والجماعات والأمم والشعوب، من مختلف الحضارات والثقافات والأجناس، وذلك بما اشتملت عليه من قيم وتضمَّنته من تعاليم وأحكام تكشف عن نظرة إجلال وتقدير وتسامح، موضحًا أن الإسلام طبق ذلك منذ اللحظة الأول فالنداء في القرآن كثير جدًا بقوله -سبحانه وتعالى- "أيها الناس" تأكيدًا على الأصل الإنساني، ومثلت الحضارة الإسلامية ذلك في تطبيقها العملي منذ وثيقة المدينة التي أوضحت وأكدت على الاختلاف والمساواة، فكانت هناك حرية العقيدة، فالدعوة للتعايش لا تعني التنازل عن الدين فكل واحد بما يدين فكل يمارس شعائر دينه دون تطاول أو تعدي.
أشار عياد إلى أن المُطالع للحضارة الإسلامية عبر تاريخها الطويل يقف دون كبير عناء على أن إقرار هذا الاختلاف والرضا به والتعامل معه كان أساسًا قامت عليه هذه الحضارة، التزامًا بما ورد في كتابهم من تعليمات وتوجيهات، ولا تزال هذه التعاليم قادرة على توجيه سلوك المسلمين وتعاملهم مع أنفسهم وتعاملهم مع غيرهم في كل زمان ومكان، ويؤكد على هذا وسطية الإسلام واعتداله ودعوته إلى التسامح والاحترام المتبادل بين أصحاب الشرائع المختلفة والوجهات المتعددة، في جو من التعارف الجادّ والتعاون المثمر والإخاء الإنساني البناء، الذي يحفظ لكلٍّ ما يخصه، ويمنع من الذوبان أو التساهل المؤديان إلى مسخ الهوية أو معارضة أصول دينه وتعاليم مذهبه.