ظاهرة خطيرة انتشرت فى السنوات الأخير فى كل مدن وقرى مصر، وأساءت إلى المظهر العام للبلاد، وضاعت بسببها مظاهر حضارات متعاقبة شهدتها مصر فى العمارة والبناء، وشهد لها العالم منذ آلاف السنين وحتى وقت قريب. هذه الظاهرة السيئة هى تعمد المواطنين بنسبة تجاوزت 95%، عدم تشطيب العقارات أو دهانها من الخارج، وإبقائها على حالتها بالطوب الأحمر، رغم قيامهم بتشطيب وحداتهم السكنية من الداخل على أحدث الطرازات والديكورات العالمية، والاكتفاء فى بعض الأحيان بتشطيب الواجهات فقط، دون باقى الجوانب الظاهرة.
هذا التصرف الذى وإن دل على شىء، فإنما يدل على إما غياب الرقابة بشكل كامل، من الجهات المسئولة سواء وزارة الإسكان أو الأحياء أو المحافظين أو غيرهم، أو غياب الوعى والثقافة لدى المواطن بضرورة أن يكون المبنى الذى يسكت فيه نظيفا وجميلا.
وأعتقد أن هذا السبب الأول هو السبب الأهم والأكثر مسئولية، خصوصا وأن معظم العقارات أصلا هى عقارات مخالفة لاشتراطات البناء بنسبة وصلت إلى 90% من إجمالى العقارات الموجودة، خصوصا فى السنوات الأخيرة.
المشكلة أنه كلما سألت مسئولا لماذا لا تتدخل الأحياء والمحافظات لتجبر أصحاب العقارات بشكل أو بآخر، حتى لو تطلب الأمر سن قانون جديد لإجبارهم على تشطيب عقاراتهم من جميع الجهات، يرد عليك بأن هذه العقارات مخالفة وليس لها رخصة بناء ولا موافقة من الحى أو المحافظة، وكأن المخالفة فى البناء أصبحت حجة للمخالفة فى كل شىء آخر، رغم أن هذه العقارات يتم توصيل الكهرباء والمياه والصرف الصحى لها بشكل عادى رغم أنها مخالفة وعشوائية وعلى أرض زراعية أيضا.
السبب الثانى لهذه الظاهرة هو عدم الوعى وضعف الثقافة العامة لدى المواطنين أنفسهم واعتقادهم أنهم لن يستفيدوا من طلاء أو دهان عقاراتهم من الخارج وأن أى أموال تنفق على ذلك هى أموال مهدرة، وهذا بالطبع غير صحيح فهو وأولاده سيتأذون بالتأكيد من هذا التلوث البصرى فى كل الشوارع المصرية، كما أنه أساء بذلك إلى سمعة مصر أمام زائريها، لأن هذه الظاهرة غير موجودة بهذا الحجم إلا فى مصر فقط، حتى أن أحدهم وصفها على موقع التواصل الاجتماعى بأنها "بلد نصف تشطيب".
لن أطيل فى ذم هذه الظاهرة، فهى أوضح من أى توضيح وأبشع من أى تهويل لها، فمتى تتدخل الدولة لمنع أو تحجيم هذه الظاهرة الكارثية المسيئة لنا جميعا؟.
لماذا لا تتدخل الحكومة سواء بشكل مباشر من قبل مجلس الوزراء أو حتى البرلمان بسن قانون أو قرار إدارى بوضع مهلة قدرها سنة مثلا أو ستة أشهر حتى يقوم أصحاب العقارات بتشطيبها وطلائها من جميع الجهات الظاهرة من الخارج، وإلا يتعرض لغرامة مناسبة؟ حتى نتخلص من هذه الصورة السيئة مع العلم أن طلاء هذه الواجهات غير مكلف كثيرا كما يعتقد البعض ويمكن توزيع التكلفة على أصحاب الوحدات فى كل عقار.
ولا يجب أن يكون عدم حصول العقار على رخصة بناء أو أنه فى منطقة عشوائية سببا لتركه كما يريد صاحبه، فطالما سمحت الدولة ببقائه وسكن الناس به، بل وتوصل المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحى له يجب عليها أن تجبره، على الأقل، على أن يكون هذه العقار له مظهر غير مؤذى للناس وغير مسىء للبلد نفسها.
يذكر أن آخر إحصائيات جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء، كشفت أن عدد العقارات المخالفة لقيود التنظيم فى مصر بلغت نحو 600 ألف عقار، منها نحو 200 ألف فى المناطق العشوائية، بما يشمل تقريبا 6.5 مليون وحدة سكنية.