قال على بن إبراهيم المالكى الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية، إن الملتقى العربي للمياه هذا العام يأتى فى وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه قطاع الموارد المائية، وأن الشح والعجز المائي الذي تعاني منه المنطقة العربية والمقرون بالزيادة السكانية ومعدلات التنمية المتسارعة في قطاعات تعتمد على المياه وعلى رأسها القطاع الزراعي، تجعل توفير المياه من الأولويات القصوى للمنطقة العربية، وإذا وضعنا في الاعتبار تداعيات تغير المناخ على هطول الأمطار والأراضي، وامتداد فترات الجفاف، وتقلبات الطقس المتمثلة في موجات الحر الشديدة، ومعدلات الأمطار التي تتراوح بين الجفاف والسيول، إضافة إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، ونزوح المياه المالحة واختلاطها بالمياه الجوفية العذبة لتصل في أحيان كثيرة إلى مستويات تتجاوز الحدود المسموح بها لاستخدامات الشرب والري.
أضاف المالكى فى الكلمة التى ألقاها نيابة عن السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بالملتقى العربى للمياه المقام بدبى، أن هذه العوامل وغيرها تؤدي الى عدم قدرة المنطقة العربية على الوفاء بكل احتياجاتها المائية الآنية والمستقبلية، لذا ففي ظل هذه الظروف لا مفر من الاستخدام العقلاني لكافة الموارد المائية العربية: التقليدية وغير التقليدية.
وأوضح أن اختيار شعار وموضوع هذا الملتقى ليكون: "الموارد المائية غير التقليدية: فرص الاستثمار"، يأتي في الوقت المناسب، فالمنطقة العربية تحتاج لكل قطرة ماء وهو أمر يضع أعباء جسام على الحكومات التي تواجه تحديات كبيرة يجب التعامل معها بواقعيه ونظرة استشراقية يكون أساسها اعتماد أسلوب الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ومشاركة جميع القطاعات وأصحاب المصلحة، وذلك من منطلق ان الحفاظ على الموارد المائية وتنميتها مسؤولية المجتمع بأكمله للوصول لذلك يجب وضع سياسات واستراتيجيات متكاملة مقرونه بأدوات تنفيذية ومتابعة وقياس للنتائج، وهذا ما تسعى له جامعة الدول العربية، ويقوم به المجلس الوزاري العربي للمياه، الذي أولى الموارد المائية غير التقليدية اهتماماً خاصاً، فافرد لها بنداً على جدول أعماله.
وقال المالكى، إن المجلس الوزاري العربي للمياه يسعى لتحقيق زيادة الموارد المائية غير التقليدية عن طريق تعزيز دور الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتطوير السياسات المائية العربية. والسعي لحماية المياه السطحية والجوفية غير المتجددة، كما يعمل على تحسين جودة ونوعية المياه باتخاذ القرارات والتدابير اللازمة لرفع كفاءة الري، وترشيد استهلاك مياه الشرب والتقليل من الهدر عن طريق تحسين إمدادات المياه والصرف الصحي.
من ناحية أخرى، يسعى المجلس الوزاري للمحافظة على الموارد المائية العربية، من خلال متابعة تنفيذه لاستراتيجية الأمن المائي العربي لمواجهة التحديات المستقبلية للتنمية المستدامة، التي اعتمدتها القمة العربية، كما أن الاستراتيجية العربية تتناول المياه غير التقليدية باعتبارها أحد المصادر الهامة لتحقيق الامن المائي في الدول العربية، حيث تشجع على تطوير صناعة تحلية المياه، والتوسع في خدمات تجميع المياه المستعملة ومعالجتها، مع الحرص على وضع اطر ومعايير السلامة اللازمة لذلك. وتؤكد الاستراتيجية العربية على ضرورة تحسين نظام الإدارة العامة لقطاع المياه غير التقليدية واشراك أصحاب المصلحة، مع تحسين أداء شركات المرافق وتوسيع علاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتعبئة الموارد المالية اللازمة لتحقيق ذلك.
وأضاف المالكى، أن إعادة استخدام المياه غير التقليدية يتطلب ضخ استثمارات مقدرة في البنية التحتية بغرض زيادة نطاق تغطية إمدادات المياه وحصول المواطن العربي على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي المحسّنة. لذلك هناك حاجة لخلق بيئة استثمارية مواتية لجذب رأس المال لهذا القطاع في ظل التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية المرتبطة بالاعتماد على موارد المياه غير التقليدية. وقد قامت معظم الدول العربية بالفعل باستثمارات كبيرة في البنية التحتية ومصادر امدادات المياه وتخزينها وتوسيع شبكات الري وتطبيق تكنولوجيات غير تقليدية في مجال المياه كتحليّة مياه البحر وإعادة استخدام المياه المستعملة. لكن ما زال هناك العديد من التحديات على رأسها العبء المالي على الميزانيات العامة جراء ارتفاع تكلفة إعادة استخدام المياه غير التقليدية بأمان. من ناحية أخرى فان هناك حاجة ملحة لتطوير الأطر المؤسسية والقانونية والسياسات التي تؤدي الى الاستخدام الكفء للمياه، وزيادة إنتاجية المياه المستخدمة وزيادة الاستثمارات في نظم الري الحديثة ومصادر المياه غير التقليدية لجعلها أحد مصادر المياه المستدامة في المنطقة العربية.
وأكد أن المنطقة العربية لديها من الخبراء والأجهزة التنفيذية ما يمكنها من المضي قدماً في الاستخدام الأمثل للمياه غير التقليدية، وهذا الملتقى يجمع ثلة مقدرة من الخبراء والعلماء والتنفيذيين ستمكنه من الخروج بتوصيات واقعيه قابلة للتنفيذ، تمكن القطاع الخاص من المشاركة بفاعلية في تنمية الموارد المائية بصفة عامة والغير تقليدية بصفة خاصة، بحيث تتم تنمية الموارد المائية العربية ووضعها في إطار الأولويات الوطنية والاقليمية باستخدام الأساليب الحديثة والتكنولوجية للاستفادة من المياه من كافة مصادرها بما يدعم التنمية في الدول العربية ويمكنها من إيجاد الحلول المناسبة لندرة المياه.
وفى ختام كلمته قال: أردت أن أذكر بأهمية أن يتناول ملتقاكم هذا مخاطر الكوارث الطبيعية على قطاع المياه، فنحن اليوم نشهد كارثة حقيقية في تركيا وسوريا من أثر الزلزال المدمر الذي أطاح بالبلدين، والكوارث التي من صنع الانسان كالحروب، والتسريبات النووية، والتلوث الإشعاعي، والحرائق، وفقدان الطاقة الكهربائية، وغيرها تؤثر على قابلية الاستثمار في مجال المياه غير التقليدية خاصة على التأمين ضد هذه الكوارث، وهو امر يدعو الى إيجاد معالجة تستهدف ترابط الحد من مخاطر الكوارث والمياه، وذلك يتطلب تكثيف الجهود للاستفادة من بيانات مخاطر المياه قدر الإمكان حتى يتم تأمين إمدادات المياه خاصة في حالات الطوارئ والكوارث.