في إطار نشر الفكر التنويري والتثقيفي المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وفي الليلة السابعة بملتقى الفكر الإسلامي بساحة مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بعنوان: "عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية "حاضر فيها الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، والدكتور محمد نصار مدير عام الإرشاد ونشر الدعوة، والقارئ الشيخ محمود علي حسن قارئًا، والمبتهل الشيخ محمد عبد السلام الحسيني مبتهلًا، وقدم للملتقى الإعلامي عمر حرب المذيع بقناة النيل الثقافية.
وفي كلمته أكد الدكتور أحمد حسين أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلغ من الخلق الكريم غايته، حيث يقول رب العزة سبحانه: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ"، وعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت: "كان خلقه القرآن"، وعندما سئل (صلى الله عليه وسلم) عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: " تَقْوى اللهِ وحُسْنُ الخلقِ" فحسن الخلق طريق موصل إلى الجنة، مؤكدًا أن أوامر الدين ونواهيه غايتها أن يتخلق الناس بالخلق الحسن، وقد قيل: الْبِرُّ شَيْءٌ هَيِّنٌ؛ وَجْهٌ طَلِيقٌ، وَكَلَامٌ لَيِّنٌ.
كما أكد أن القرآن الكريم هو أصل الأخلاق الإسلامية, وأن الإسلام يربط بين القول والعمل، مشيرًا إلى أن المتأمل في النص القرآني يجد أن كلمة (خُلُق) وردت في قول الله تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" ، وهذا المقام مقام ثناء ومدح من الله (عز وجل) للنبي (صلى الله عليه وسلم)، فسيرته سنة يقتدى بها، وتؤكد كتب السيرة أنه لم يكن لبشر ما كان للنبي (صلى الله عليه وسلم) من الأخلاق، فقد كان أحسن الناس خلقاً وأكثرهم محبة ورأفة ورحمة، مشيرًا إلى أن التحلي بقيم القرآن الكريم الأخلاقية يحقق سعادة الدنيا والآخرة، وهذه الأخلاق لم تدع جانبًا من جوانب الحياة الإنسانية إلا رسمت له المنهج الأمثل للسلوك الرفيع.
وفي كلمته أكد الدكتور محمد نصار أن لُب وأساس رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم) هو بث الأخلاق السامية بين الناس، وهذا ما فهمه الصحابة (رضوان الله عليهم) من رسالة الإسلام، فعن أبي عبد الرحمن السلمي (رضي الله عنه) قال: كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها، مؤكدًا أن الأوامر والنواهي في القرآن الكريم قد جاءت لتسمو بالنفس البشرية ، يقول تعالى : "إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ"، ويقول (عز وجل): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، ويقول سبحانه: "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ"، مبينًا أن الجوانب الأخلاقية في القرآن الكريم متعددة، منها: خلق المراقبة، فخلق المراقبة تحيا به ضمائرنا، ويجعل الإنسان أكمل ما يكون في الالتزام بالأوامر والنواهي، وإتقان العمل مبتغيًا بذلك وجه الله ( عز وجل)، يقول تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"، وقال (صلى الله عليه وسلم) : "إنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ، فالله سبحانه ينشد فينا الضمير الحي، قال تعالى: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا"، فالتربية على هذا الخلق الكريم تجعل الإنسان يعلم أن الله مطلع عليه، ناظر إليه، عليم به، يقول سبحانه: "أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى"، ويقول (عز وجل): "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ"، ويقول تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا في ٱلسَّمَوَاتِ وَمَا في ٱلْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ"، مشيرًا إلى أننا في أمس الحاجة إلى إيقاظ الضمائر حتى تتقدم بلادنا، يقول الإمام بن سيرين (رحمه الله تعالى) : "إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل له واعظًا من قلبه يأمره وينهاه"، فينبغي أن نقرأ القرآن الكريم قراءة تسمو بأخلاقنا إلى المعالي.