شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد في فعاليات الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر كلية الإعلام بجامعة الأزهر والذي يعقد تحت عنوان: «الإعلام الرقمي وإدارة الأزمات»، وذلك بحضور الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث، والدكتور حسن الصغير أمين هيئة كبار العلماء ورئيس أكاديمية الأزهر للتدريب.
وقال الأمين العام خلال كلمته، إن الأزهر الشريف قبلة طلاب العلم، يفدون إليه من كلّ حدب وصوب، أخذ على عاتقه أداء رسالته على مرّ الأزمنة والتاريخ، ففتح الباب أمام الجميع ليستقبل آلاف الطّلاب من كلّ ربوع الأرض الذين ولّوا وجوههم شطره، فقرّر أن يعطي بلا منّ ولا حساب، رسالةٌ خالدةٌ ببقاء هذا الصرح العلميّ ودعم شيوخه الأجلّاء وعلمائه الأوفياء، وبقيادة حكيمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر، الذي أعلن دعمه الكامل لكلّ منتسب للأزهر عاشق للدّراسة فيه، فوجّه كلّ قطاعات هذه المؤسّسة العريقة لتكون ملاذًا آمنًا لأبنائه من كلّ فكر بعيد عن وسطية هذا الدين وعظمة خصاله وسلامة منهجه.
أضاف عياد أننا إذ نلتقي بحضراتكم في هذا الحدث العلميّ المهمّ الذي تدور جلساته ونقاشاته حول الإعلام الرقميّ وإدارة الأزمات، فإنّنا نؤكّد أنّ ما شهدته الحقبة الأخيرة في عهد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب من طفرة هائلة في الارتقاء بمستوى التعليم عمومًا في جميع المراحل التعليمية بالأزهر، وما شهدته قطاعات الأزهر المختلفة مزيدًا من التطوّر التقنيّ والتحول الرقمي في منظومة التقدّم للدّراسة في الأزهر أولًا، والتنقّل بين مراحلها المختلفة، يعكس استراتيجيّة الأزهر ورؤيته الثاقبة في هذا الجانب، مضيفًا أن الأمر لم يقتصر على إنشاء برامج إلكترونية وميكنة النّظم الإدارية فيما يتعلّق بتلك المنظومة التعليمية، بل إنّ المناهج العلميّة ذاتها شهدت نظامًا تعليميًّا متميزًا يجمع بين الكمّ والكيف، ويأخذ في اعتباره كلّ أساليب التعلّم الإلكترونية الحديثة، كما أنّ الأزهر الشريف نجح من خلال مراكزه المتطورة، في تيسير العملية التعليمية في ظلّ ما يواجهه العالم حاليًا من أزمات متعددة والتي تطلّبت أن تكون هناك بدائل للتعليم الإلكتروني والتواصل الافتراضيّ.
أشار الأمين العام إلى أن تجربة مجمع البحوث الإسلامية وما قام به وعاظ وواعظات الأزهر الشريف خلال الأزمات المختلفة، وكيف أنهم تعاملوا مع تلك الأزمات بما يتناسب وآلياتها وتحقيق المرجو من تناولها، فاعتمدوا على المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بغية الوصول إلى أكبر قدر من الجماهير بمختلف فئاتهم الفكرية والعمرية.
أوضح عياد أنه في ظلّ تفاقم الأزمات في مختلف مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية في العقود الأخيرة بشكل خاص، برز موضوع الإعلام والأزمات، أو إعلام الأزمات بكلّ وسائله التقليدية والجديدة، المقننة والبديلة وإعلام المواطن، وبمستوياته المختلفة الوطنية "المحلية" والقومية والإقليمية، والدولية الموجهة للآخر، خاصةً في عصر الإعلام الفضائيّ والإعلام بلا حدود، وإعلام الإنترنت كركن أساسيّ من أركان مواجهة الأزمة واحتوائها، وصارت عملية إدارة الأزمات في الإعلام تخصصًا علميًا له قواعده ونظرياته وأسسه وآلياته واستراتيجيته، تهتمّ به المؤسسات التعليمية الأكاديمية والبحثية والمؤسسات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والدينية والدعوية، والتي حظى فيها إعلام الأزمات بموفور العناية.
أشار الأمين العام إلى أنه مع ظهور وانتشار وسائل الإعلام الجديد فإنها أسهمت بدورها في تجميع الأشخاص ذوى الاهتمامات المشتركة، ووجد البعض فيها وسيلةً للتنفيس عن اتجاهاتهم، بينما اكتفى البعض الآخر بمراقبة ومتابعة الأحداث من خلالها دون مشاركة فعالة في النقاشات؛ حيث أسهمت شبكات التواصل بتأثيرات عديدة سلبية في مثير من الأحيان على الواقع المعاش ومن أبرزها: إثارة الرأى العامّ أو إعادة توجيهه، تشتيت الرأى العام، التشويه السياسيّ الإلكترونى، التسويق السياسي، ولا شك أن هذه التأثيرات تلقي بظلالها على القائمين على أمر المؤسسة الإعلامية بالبحث عن الحل الأمثل والأوقع الذي يمكن من خلاله إدارة الأزمة.
وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على أن أهمية المصداقية لوسائل الإعلام تزداد بوجه خاصّ أثناء الأزمات؛ حيث تحتاج هذه الوسائل إلى أداء من نوع خاص، مهنيًا وأخلاقيًا ووطنيًا وفق صورة إيجابية وواقع أمين يقف على الداء ويصف الدواء، مضيفًا أنه لكي تحقق وسائل الإعلام الأدوار المرجوة منها من قبل كافة الأطراف على النحو الأمثل، لابد أن يتسم الأداء بمزيد من المصداقية، من خلال التزامها بعدد من الضوابط التى تحكم دورها فى إدارة الأزمات، ومنها: السرعة في نقل الأزمة، والتعريف بها وإمداد الجمهور بالحقائق التفصيلية أولًا بأول، والعمق والشمول في تغطية جوانبها المختلفة، وضبط النفس والتعامل بموضوعية مع أجهزة الرأى العام، والاعتراف بالأخطاء التى قد تحدث أثناء التغطية، والرجوع والاعتماد على المصادر الأصيلة، ومن الأهمية بمكان إدراك أن تحقيق المصداقية لدى الجماهير عامةً والنخب باختلاف مجالاتها ليس بالأمر السهل، وخاصة خلال الأزمات التى تطول مدتها، كما أن وجود قانون للمعلومات يرتب الحصول عليها وتبادلها يعدّ البوابة الرئيسة لتحقيق إعلام يسهم في مواجهة الأزمات، وليس إعلامًا يؤدى إلى اختلاق أزمات أو التهويل من بعضها.