أكدت آمال بلحاج وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن التونسية أنّ اختيار بلادها كضيف شرف فى الدورة السابعة للمهرجان الدّولى للأمّ المثاليّة التى ستعقد بمدينة الأقصر بمصر هو مبادرة كريمة نشكرها ونقدّرها وتعكس عمق العلاقات الأخويّة التونسية المصريّة وتمثّل فرصة لتبادل الخبرات والتجارب بين سائر الدول الشقيقة والصديقة والتعريف بالتجارب التونسيّة الرائدة فى المجالات المتصلة بالمرأة والأسرة والطفولة.
وقالت الوزيرة في حوار أجرته مع موفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس، إنّ المرأة في المجتمعين التونسى والمصرى تدين للأم وروّاد الإصلاح على غرار المصلح الكبير الطاهر الحدّاد والمفكّر المستنير قاسم أمين وغيرهم من المفكّرين والمؤسسين الذين يزخر تاريخ البلدين بمساهماتهم في الحركة الإصلاحيّة وقضيّة تحرير المرأة والارتقاء بأوضاعها لتكون عنصرا فاعلا في الشأن العام.
وأضافت أنها ستعرض في المهرجان حلقة نقاشيّة حول "المرأة العربيّة، تمكين وإنجاز بين تحديّات الحاضر وطموحات المستقبل" التي تنظمها جامعة الأقصر بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيريّة والإنسانيّة ومؤسسة مشوار التنمويّة على هامش المهرجان والتي ستتناول الصورة النمطيّة للمرأة العربيّة كما تعكسها وسائل الإعلام وتغيير وتنقية الموروث الشعبي لدى المرأة العربية وتنمية الأسرة العربية في ظل الصراعات الإقليمية والدوليّة الراهنة وإلقاء الضوء حول التجارب الناجحة في الدول العربية لحماية ودعم حقوق المرأة اجتماعيّا وثقافيّا وقانونيّا واقتصاديّا ودعم المرأة فى مراكز اتخاذ القرار.
وأوضحت أنها ستستعرض أبرز ملامح التجربة التونسيّة في مجال التمكين الاقتصادى للأمهات وهي تجربة رائدة فى تونس وتنفذها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن من خلال عدّة آليّات من بينها برنامج التمكين الاقتصادى لألف أم سنويّا من أمهات التلاميذ المهدّدين بالانقطاع المدرسي عبر خلق موارد رزق للأمهات المعنيات بالبرنامج بهدف الحدّ من ظاهرة الانقطاع المدرسي والقضاء على مختلف أسبابها وخاصة الظروف الاقتصادية الصعبة لأسر التلاميذ.
وحول الأنشطة التراثية التونسية التي ستعرض في مهرجان الأقصر، أكدت الوزيرة أنه سيتم عرض فقرات تنشيطيّة وثقافيّة للتعريف بالموروث التونسي والترويج لصورة تونس الجديدة وعرض أشرطة وثائقيّة ومطويات وفقرة شعريّة للشاعر التونسي الكبير محمد الغزّي وتكريم الأمّ المثاليّة مرشّحة تونس، إلى جانب تقديم شهادة أمّ تونسيّة حاضنة لأطفال فاقدي السند.
وردا على سؤال بشأن جهود الوزارة لتمكين المرأة اقتصاديا لمواجهة العنف ضدها، قالت بلحاج إنها منذ توليها الوزارة أطلقت شعار "التمكين الاقتصادي هو الحلّ" وبدأت في تطبيقه لمعالجة وتنفيذ مختلف البرامج والمشاريع المتعلّقة بالأسرة والمرأة من منطلق الإيمان بأنّ تمكين المرأة هو أولوية وعامل مهم للقضاء على الفقر والتهميش ونبذ كل أشكال التمييز ودفع حركة التنمية الشاملة بمختلف أبعادها.
وأشارت إلى أنه تم تعزيز برامج وآليات التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية لا سيما بإطلاق البرنامج الوطني الجديد لريادة الأعمال النسائية والاستثمار "رائدات" الذي قاربت اعتماداته الماليّة على 70 مليون دينار لتعزيز نسب عمل النساء.
وأوضحت أن الوزارة أطلقت في 7 مارس الماضي تحت إشراف رئيسة الحكومة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة البرنامج الوطني الجديد "صامدة" للتمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف تجسيدا للرؤية الجامعة بين التمكين الاقتصادي وحماية النّساء ضحايا العنف، ويدعم هذا البرنامج عمل النّساء ضحايا العنف ويساعد على إدماجهنّ في سوق العمل والحركة الاقتصاديّة، مشيرة إلى أنه تم اختيار اسم "صامدة" لهذا البرنامج مساهمة في تقوية صمود النّساء ضحايا العنف وتعزيز وتطوير قدراتهنّ المالية ودعم استقلاليتهنّ الذّاتيّة ومساعدتهنّ على الخروج من ضيق دوائر الضّعف والضّغط والهشاشة والعنف إلى الصّمود.
وأكدت أن هذا البرنامج يعتبر في الحقيقة الأول من نوعه وطنيّا وعربيّا يقدّم موارد رزق للنساء ضحايا العنف لتمكينهنّ اقتصاديّا من خلال توفير التأهيل المهنيّ والتجهيزات اللازمة لبعث مشاريعهنّ.
وأكدت أنه تم سنّ قانون عام 2017 المتعلّق بالقضاء على العنف ضد المرأة وهو يعدّ نصا تشريعيّا رائدا في المنطقة العربيّة، وإعادة تشغيل الخطّ الأخضر 1899 للتبليغ عن حالات العنف ضد المرأة، ورفع عدد مراكز إيواء النساء ضحايا العنف من مركز وحيد إلى 10 حاليا مع العمل على تعميم هذه المراكز على كلّ المحافظات خلال السنتين القادمتين.
وحول دلالات الحضور القوي للسيدات في حكومة نجلاء بودن، قالت وزيرة الأسرة إن هذه الحكومة تتميز بترأسها امرأة لأوّل مرة في تونس وفي العالم العربي و8 وزيرات وتبلغ بذلك نسبة تمثيليّة النساء في الحكومة 36%، وتتميّز بذلك بحضور قويّ وهو ما يعكس الدور المهم والمحوري للمرأة التونسيّة في إدارة الشأن العام ودفع مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما يعكس ذلك قوّة الإرادة السيّاسيّة الداعمة لحقوق المرأة وحرص قيادة تونس على تمكين المرأة في كل المجالات.
وعن التحديات التي تواجه المرأة العربية بصفة عامة والتونسية بصفة خاصة، أوضحت آمال بلحاج أن المرأة العربيّة تواجه تحدّيات عديدة من بينها تمكينها على مختلف الأصعدة والمجالات وحمايتها من كافة أشكال العنف والتمييز ضدّها وتغيير الصورة النمطيّة تجاه المرأة العربيّة، وأيضا تداعيّات الصعوبات الاقتصاديّة والمناخيّة وبعض النزاعات والتوتّرات التي تعيشها المجتمعات الإنسانية على المستويات الإقليمية والدولية، ولذلك فإنّ التعاون الثنائي ومتعدّد الأطراف وتعزيز العمل الشبكي بين الجميع أصبح ضروريّا وملزما للجميع، وهو ما نؤمن به في تونس ونعمل على ترجمته عمليّا وواقعيّا.
وعن البرلمان التونسي الجديد، بشأن ما إذا كانت الوزارة ستقدم مشاريع قوانين جديدة تخص المرأة، أكدت بلحاج أن الوزارة ستواصل عملها لدعم المنظومة التشريعيّة الوطنيّة المناصرة لحقوق المرأة، ونحن نعمل حاليا على استكمال إعداد مشروع قانون عطلة الأمومة والأبوة الذي يعكس إرادة مجتمعيّة من أجل بناء أسرة أكثر تماسكا ويضمن تقاسم مسؤولية التربية بين الوالدين وتدعم قدرات المرأة العاملة ويكرّس المساواة بين الأمهات العاملات في القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى حرص الوزارة على إصدار مجلة حقوق كبار السن وتحقيق إضافة قانونيّة كبرى لفائدة المسنّات والمسنين كما نريدها في دولتنا الاجتماعيّة.