عقب انتهاء كلمة قداسة البابا تواضروس الثانى خلال لقائه بممثلى الصحافة القبطية، بخصوص زيارته للڤاتيكان وإيطاليا والنمسا، أجاب قداسته على الأسئلة التى وجهها الحضور، وجاء الأسئلة والإجابات كما يلى:
س. شعار قداستك المحبة لاتسقط أبدًا. ما مدى شعور قداستك بهذه الآية فى لقاءك قداسة البابا فرنسيس وما مدلولاته، ولا سيما فى ظل المشهد الرائع بتقبيل بابا الڤاتيكان لصليب قداستكم مما أوجد اهتمام كبير وانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي فكيف كانت هذه اللحظة وماذا دار خلالها؟
ج. "المحبة لاتسقط أبدًا" في الكتاب المقدس في رسالة كورنثوس الأولى أصحاح ١٣ عدد ٨ ، هذه الآية معي من مرحلة ثانوي وأؤمن بها جدًا وما يبنى على المحبة لايسقط أبدًا، فممكن علاقتنا تكون مبنية على المال أو الظروف كل ذلك ممكن أن يقع، لكن حينما نحب من القلب محبة صافية كما أحبنا المسيح لا يمكن أن المحبة تقع. وعن تقبيل الصليب، فهذه المحبة نوع من الاتضاع والتقدير والاعتزاز وكلها معاني جميلة، وعندما يحدث هذا من رأس الكنيسة الكاثوليكية، فهذا اتضاع جميل.
س. ما أكثر ما لمس قداستك فى هذه الزيارة؟
ج. بالإضافة إلى الثلاثة لقاءات كان هناك لقاء على مائدة الطعام بعيدًا عن الكاميرات. وتحدث فيه قداسة البابا فرنسيس عن الدعوات، والمقصود بالدعوات لديهم هو تكريس الشباب والفتيات للدير، وسألنا هل عندكم دعوات فقلنا له نعم، فقال لنا أن عندهم قصور في الدعوات وأن هناك شباب كثير يعزفون عن الزواج أو يتزوجون لكنهم لا يرغبون في الإنجاب، بل ويذهب البعض منهم إلى اقتناء كلاب لتربيتها !!.
س. كيف جاءت فكرة تحضير هدية مقتنيات شهداء ليبيا وترتيبها وكيف تلقى قداسة البابا فرنسيس هدية الكنيسة القبطية ورفات الـ ٢١ شهيد ؟ ولماذا رفات الشهيدة كاترين قدمها الڤاتيكان لنا ؟
ج. حينما بدأنا نفكر فى الزيارة اقترحوا علينا من روما الهدية وهى جزء مما يخص شهداء ليبيا، والبابا فرنسيس أطلق تعبير "مسكونية الدم" بمعنى أن كل شهيد يموت على مستوى العالم كله، هو شهيد للمسكونة كلها فهم يؤمنون بقداسة كل الشهداء، والأنبا بفنوتيوس اقترح أن نقطع جزءً من ملابس شهداء ليبيا والتي التي تشربت دماءهم ووضعناها في صندوق زجاج والأربطة وكانت بركة لنا وتدعيم لنا في خلال زيارتنا، وكانت أول مرة يرافقني نيافة الأنبا بفنوتيوس في زيارة خارج مصر وكانت زيارة طيبة.
كما قدمنا لهم هدية عبارة عن بيضة نعام منقوش عليها صورة العائلة المقدسة وهي مشهورة في كنائسنا.
ومن حوالي 8 شهور الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس قال أنه سيشيد ديرًا في لوس أنجلوس، فأرسل لي أنه محتاج جزءً من رفات الشهيدة كاترين وقدمنا الطلب للكنيسة الكاثوليكية في روما ولكن انتظرنا الرد حتى تم تقديم جزء رفات الشهيدة كاترين لنا خلال الزيارة، وسنقدمه للأنبا سرابيون.
س. فى ضوء الزيارة التاريخية للفاتيكان مع وفد رفيع من أعضاء المجمع المقدس ما هي الخطوات التي تتخذها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للوصول إلى الوحدة المسيحية ؟
ج. الوحدة ليس معناها طرف يدوب فى طرف أو يسيطر على طرف
لكن يمكن أن نقوم بأربعة خطوات:
- المحبة: أي تأكيد أعمال المحبة بيننا ولا سيما أن المسيح يدعونا لمحبة الجميع حتى الأعداء فبالأولى أخوتنا.
- الدراسة: أي ندرس بعض لأن الدراسة تجعلنا نفهم بعض بشكل أصح.
- الحوار: أي الحوارات اللاهوتية وخلالها نشرح كل منا مفهومه للآخر.
- الصلاة: والصلاة تحقق قصد الله أن نكون واحدًا، وكما نصلي في ختام كل ساعة: "لنصل إلى اتحاد الإيمان..." ويجب أن نعلم أنه أمامنا سنين طويلة لكي تتحقق الوحدة.
س. استقبال قداسة البابا فرنسيس لقداستكم والسماح بإقامة قداس في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران، يؤشر لمحبة حقيقية من قبل الفاتيكان ..كيف تتمنون هذه المحبة ؟
ج. هذه الكنيسة خاصة ببابا الڤاتيكان، ولأن كنائسنا في إيبارشية تورينو وروما صغيرة ولم يكن لدي وقت لزيارة كل الكنائس، ولا سيما أن المسافات بعيدة، فسمحوا لنا بأن نأخذ بازيليك سان جيوفاني، لنصلي قداس قبطي فيها.
وحضر مندوب من بابا الڤاتيكان وممثلون عن الهيئات والمركز الثقافي المصري وعدد كبير من الشمامسة وكان شعور تعبير محبة فنحن نحب بالعمل والحق نحب بالعمل وهذه هي الحقيقة.
س. ما شعور قداسة البابا عند دخوله ساحة القديس بطرس بالفاتيكان على الألحان القبطية من خورس شمامسة كنيستنا في روما ؟
كنت سعيدًا بأولادنا هناك وكان شعورًا طيبًا ولحظات جميلة أن أسمع الألحان القبطية، ولحن القيامة المفرح، والشباب أدوا الألحان بطريقة جميلة والصورة التذكارية بين الوفدين القبطي والكاثوليكي، شارك فيها خورس الشمامسة، وبدأت كلمتي برشم الصليب باللغة القبطية، وكانت كلمتي مترجمة لأكثر من لغة وترجمة فورية فالصورة جميلة ومليئة بالمعاني الطيبة.
س. نحن نقترب من الاجتماع العشرين للجنة الحوار اللاهوتي بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية في العام الجاري، ما النتائج الملموسة من وجهة نظر قداستك لعمل هذه اللجنة؟
ج. إنشاء الرب وعشنا، الاجتماع سيعقد لاستكمال الحوارمع الكنيسة الكاثوليكية وتشارك فيها الكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة وهم ٦ كنائس "الأقباط، السريان، والأرمن، الإريتريين ، والهندية " ويترأس الكنائس الست نيافة الأنبا كيرلس الأسقف العام في لوس أنجلوس، وفى الاجتماع الـ ١٩ العام الماضي، تم مناقشة وضعية السيدة العذراء مريم لدى الكنيستين وهو ما يسمى بعلم الماريولوچيأي "المريميات" ، ولكن لم يتم الانتهاء من مناقشة هذا الموضوع، لذا سيستكمل في الاجتماع القادم.
وحتى الآنلا توجد نتائج حاسمة، نحن نتقابل وتناقش ونفهم بعض أكثر، وزياراتنا المتبادلة تعد من ثمار هذه الحوارات. ومنها زيارتي الأخيرة، فهذه هي المرة الأولى التي يقف بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويلقى كلمة فى ساحة الفاتيكان في محفل عام مع بابا روما، وربما هناك من الحضور لأول مرة يسمع عن الكنيسة القبطية ، وهذا هو الهدف من الحوار، التقارب والتعايش وهذا يفرح المسيح.
س. هل تم طرح موضوعات مشتركة مع بابا روما حول ما يحدث الآن من حروب وصراعات ؟
ج. إن المحبة هى الأساس لوقف هذه الحروب، لأن الصراعات والمشكلات عبارة عن رفض طرف للآخر، ونحن نعلم ان المحبة عمل ليس سهلًا، لأنه إذا سامح طرف الآخر، لتوقفت الحروب، ولذا يجب الجهاد في المحبة والإصرار ، وأن الإنسان يكون لديه اقتناع أن زراعة المحبة سوف تجني ثمار الحب والسلام، وغير ذلك فكل من يريد الانتقام والقفز على الآخر يخسر هذه المحبة. وسفر الرؤيا تحدث عن الفئات التي لا تدخل السماء ومنها كل من يجب الكذب، فالمحبة هى الطريق إلى السلام ومحبة المسيح محبة فياضة.
فالمحبة هى تحدي ويجب الإصرار عليها.
س. زيارة قداستكم للفاتيكان عام ٢٠١٣ كانت حجر الزاوية في مسيرة المحبة بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية، حتى جاء قداسة البابا فرنسيس إلى مصر فى ٢٠١٧، وتستكمل قداستك مسيرة المحبة بزيارتكم في مايو الجاري، هل ستكون هناك فاعليات سنوية في ذكرى يوم المحبة الأخوية في ١٠ مايو من كل عام، أم كيف سيكون التذكير بهذا اليوم الهام في تاريخ المحبة؟
ج. يوم 10 مايو نقيم فعاليات مرة فى الكنيسة الكاثوليكية ومرة في الكنيسة الأرثوذكسية ويحضر ممثل الڤاتيكان ونتحدث بالتليفون مع بابا الڤاتيكان ولقد قمت بدعوة بابا الڤاتيكان لمصر ووعد بالتفكير في الأمر، ولذا نحن نعمل على ترسيخ المحبة وأن نشهد للمسيح، والشهادة هي المحبة، والمحبة يمكن ترجمتها إلى كلمة الخدمة، فإن كنت أحبك فسأخدمك. وهو ما فعلته سبع بنات منذ سنوات كثيرة، لما أرادوا تقديم محبة للآخرين فقاموا بفتح مستوصف لتقديم خدمة "تنظيف الأذن" ومن هذه الفكرة انتشرت أعمال خدمة المجتمع مثل المستشفيات والمدارس وبيوت المسنين وغيرها. كل هذا نتاج المحبة وهنا نحن نخدم المجتمع ككل وهذه هى الشهادة للمسيح.
س.هل هناك خطوات يمكن اتخاذها في المرحلة القادمة لتوطيد العلاقات والحوارات اللاهوتية مع الكنائس الأخرى والاستفادة من العلاقات الطيبة بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية؟
ج. لنا حوار مع الكنيسة الروسية ، وقمت بزيارتهم في عام ٢٠١٥ وعام ٢٠١٧، وتم منحي جائزة "خادم الوحدة الأرثوذكسية" وكان لها قيمة مادية عبارة عن عشرة آلاف دولار وتبرعت بها لمشروع بناء كاتدرائية ومسجد العاصمة الإدارية، وكان أول تبرع للمشروع، ولذا فالحوار قائم، استقبلنا قريبًا وفدًا من الكنيسة الروسية، وقاموا بزيارة الأديرة، ومن ضمن الحوار معهم مساعدتنا في فتح منح لتعليم اللغة الروسية وتطورات كثيرة، وأيضًا كانت حوارات موجوده مع الكنائس البيزنطية وسوف نعمل على تجديده قريبًا. وحوار كذلك مع الكنيسة الأنجليكانية.
س. قداستكم زرت أديرة وكنائس كثيرة والتقيت بممثلين عن كنائس وطوائف أخرى ما هي انطباعتكم عن هذه اللقاءات؟ وما هي دورها في خدمة تدعيم العلاقات المسكونية المختلفة بين الكنائس في خدمة الانسانية والانسان مع احتفاظ كل كنيسة بايمانها وعقيدتها؟
ج. في مصر مع بداية شهو يونيو سيأتي وفد من الكنيسة البيزنطية للتحاور مع الكنيسة الكاثوليكية المصرية، وفكرت أن أقدم لهم دعوة لزيارتنا ولكن جدول أعمالهم مزدحم، فالحوار موجود وقائم بيننا وبين الكثير من الكنائس ونحن نصلي لأجل ذلك.
وفي الڤاتيكان شاركنا فى صلاة القداس الإلهي أب من الكنيسة الأرمينية الأرثوذكسية وكانت لفتة جميلة أن يشاركنا أب أرثوذكسي في صلاتنا،
وأن وحدة الإيمان كلمة بعيدة جدًا ولكن هناك خطوات تتخذ في هذا الطريق، والحوار هو للتوافق ولتواجد مساحات مشتركة ولتوحيد المصطلحات والمفاهيم بين الكنائس المختلفة. واستشهد قداسته باختلاف اللغات بين الدول، فلكل دولة لغة ولكن في النهاية جميع اللغات توصل نفس المعنى وتعطي نفس التوضيح، لذلك فنحن نتحاور للتوحيد وتقارب المسافات بيننا.
س. ما تعليق قداستكم على هجوم بعض الصفحات الإلكترونية على الزيارة بشكل خاص وعلى كافة أشكال التواصل مع للكنائس الأخرى ؟
ج. طبيعي أن الناس يختلفون وذلك لتعدد الأذواق، فلم يتفق الجميع مطلقًا على عمل واحد. وبالتالي فمن الطبيعي سنجد معارضين، والسيد المسيح قال: "وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَنًا" (لو ٦: ٢٦) إن من يحصل على التمجيد الأرضي لن يحصل على أي شئ في السموات، وهناك أشخاص لا يفهمون الأمور بشكل جيد وهناك نفوس ضعيفة، موضحًا أن من فضلة القلب يتكلم اللسان فاذا كان الإنسان قلبه ملئ بالفساد ولا يمتلئ بالمحبة فإن لسانه سيخرج كلام مشابه لما في القلب. وإن مسؤوليتنا هي أن نخدم ونقدم رسالتنا، ونظل نعمل مهما كانت المعطلات.
س. ما هي رسالة قداستكم للشباب القبطي في المهجر وخاصة من الأجيال الجديدة التي تتعلم وتتثقف هناك لكي تحمل رسالة السيد المسيح بكل معانيها وفي نفس الوقت تواجه التحديات والضغوطات والسلوكيات المنحرفة بداخل هذه المجتمعات؟
ج. الحقيقة إن شبابنا القبطي شباب رائع ولقائي الأخير مع الشباب القبطي في ميلانو كان لقاءً رائعًا وبالرغم من التحديات القوية التي تقابل الشباب في الغرب وخاصة المثلية، لكن نشكر الله أن شبابنا هناك واعٍ جدًا ومرتبط بالكنيسة القبطية جدًا ولديهم القدرة على التصدي للأفكار الإباحية، وقمت بصلاة القداس الإلهي مع شمامسة من الشباب كانوا حوالي ٦٠٠ شماس وهم شمامسة كنيستين فقط!!.
س. كيف كان دور السفارة المصرية في هذه الرحلة وزيارة قداستكم للسفارة المصرية هناك؟
س. خلال زيارتي للدول المختلفة أكون حريصًا جدًا على زيارة السفارة المصرية وخلال هذه الزيارة ذهبت للسفارة المصرية بالڤاتيكان، و تقابلت مع السفير بسام راضي، وزرت مقر السفارة وبالرغم أنها زيارات دبلوماسية إلا أنني أحرص دائمًا على أن تكون زيارات مليئة بالود والروح المصرية التي تميزنا وأن تكون مليئة بالأحاديث الوطنية، وبدور الكنيسة القبطية داخل مصر ونحن نقدم الصورة الحقيقية الذي نعيشها داخل مصر.
س. خلال لقاء قداستكم بابا الڤاتيكان هل تم التطرق لموضوع مسار العائلة المقدسة كمسار سياحي؟
ج. مسار العائلة المقدسة كان الخيط الرفيع الذي يربط بين جميع الزيارات والهدايا خلال الرحلة فنحن قدمنا هدايا تذكارية لأيقونة العائلة المقدسة، وتحدثنا كثيرًا عن مسار العائلة المقدسة لتشجيعهم على زيارته، وخاصة لأن للوفد المرافق لنا من الآباء الأساقفة كلهم ممثلين لنقاط هامة في مسار العائلة المقدسة بمصر فكنا حريصين جدًا على تقديم رسائل قوية عن المسار وتشجيعهم لزيارة مصر و التبارك من نقاط المسار.