حذر مرصد الأزهر من التمييز العنصري في توظيف المواطنين غير الأوروبيين باعتباره أحد المشكلات التي يواجهها الكثيرين في أوروبا لا سيما العرب، والمسلمون جيث تشهد بعض الدول الأوروبية مظاهر تمييز عنصري واضحة ضد المسلمين في سوق العمل، إذ يتعرض العديد منهم للحرمان من مختلف فرص العمل؛ بسبب أصلهم العرقي، أو ديانتهم، وتُقابَل طلبات توظيفهم بالرفض رغم توافر المؤهلات اللازمة، والخبرة الكافية، وهو ما يمثل إهانة لكرامة الإنسان، وانتهاكًا لحقوقه، وعدم تحقيق للعدالة الاجتماعية، والاقتصادية. أضافة إلى تدني مستوى الثقة بالنفس والإحباط الذي ينتاب الأفراد الذين يتعرضون للتمييز العنصري خصوصًا فيما يتعلق بموضوع الحصول على وظيفة، الأمر الذي يسهم في ارتفاع نسبة البطالة، والفقر بين هذه الفئة، ويعمق الفجوة بينها، وبين فئات مجتمعية أخرى.
وتابع المرصد أن مظاهر التمييز العنصري ترجع إلى توظيف المسلمين إلى لباسهم، أو لغتهم، أو دينهم، وعلى أساس الصورة النمطية، والأحكام المسبقة عنهم؛ إذ يُنظر إلى العرب، والمسلمين في كثير من الأحيان على أنهم لا يندمجون في أوروبا، ولا يؤمنون بالقيم الغربية، ولا يتكيفون بسهولة مع ثقافتها، بل هم رافضون لها في الغالب، ويتم التمييز ضدهم بسبب هذا الاعتقاد الخاطئ. وتُعد هذه الممارسات غير عادلة، وغير أخلاقية، وتتعارض مع القوانين المنصوص عليها في العديد من دساتير الدول الأوروبية التي تحظر التمييز على أساس العرق، أوالدين، أو اللون.
ويؤكد المرصد أن هذا النوع من التمييز يؤثر سلبًا على الحياة الاجتماعية، والنفسية، والصحية للمسلمين، والمهاجرين بشكل عام، ويمثل تحديًا كبيرًا يهدد نسيج المجتمعات الأوروبية، لأنه يميز بين أفراد المجتمع، ويجعل فئة منهم منبوذة، ومهمشة يسهل تلقينها أي فكر متطرف بحجة أن هذه البلاد تقف ضدهم، وضد تقدمهم دونما سبب سوى أنهم مسلمون.
وأرجع المرصد جذور التمييز العنصري إلى توظيف المسلمين في أوروبا الصورة النمطية الخاطئة التي يتم ترويجها عن المسلمين، والتي تصورهم على أنهم غير مؤهلين، وغير قابلين للتكيف مع الثقافة الأوروبية، أو لا يؤمنون بقيمها، مما يتسبب في انعدام الثقة بين أفراد المجتمع، ويؤدي إلى تعزيز الانقسامات، والمشاعر السلبية هناك. ومن ثمَّ، يُهدد هذا التمييز التعايش السلمي، والتعددية الثقافية في المجتمعات الأوروبية.
ويدعو المرصد الحكومات، والمؤسسات المعنية بمكافحة التمييز العنصري في التوظيف إلى تحمل مسؤولية تطبيق القوانين واللوائح التي تحمي حقوق الأقليات العرقية، والدينية، وتضمن تكافؤ الفرص في الحصول على العمل والذي يتطلب تحقيقه عملًا جادًا يتمثل في التغيير الجذري، والحقيقي للنظرة إلى المسلمين، ودعمهم في سوق العمل، ومساعدتهم في تطوير مهاراتهم, وتحسين فرصهم المهنية، الأمر الذي يسهم في تعزيز التعددية الثقافية في المجتمعات الأوروبية، واندماج جميع أفرادها مما يجعل أبناء الجيل الأول والثاني من المهاجرين يشعرون بالانتماء لموطنهم الذي ولدوا فيه، ولا يكونوا فريسة سهلة للتيارات المتطرفة، أو يصبحوا عرضة للتهميش، وتوابعه السيئة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع التنوع، وتعزيز الوعي بأهميته، وتبني سياسات، وإجراءات تحمي حقوق الأقليات العرقية، والدينية، وتسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، والاقتصادية التي تعد هدفًا أساسيًّا في بناء مجتمعات متساوية سوية، وأكثر تسامحًا، وانفتاحًا على الآخر.