قالت ليلى الشيخاوي وزيرة البيئة التونسية، إن المناقشات مستمرة بين تونس ومصر لتنفيذ الاتفاقية التي تم توقيعها في مجال الشراكة البيئية بينهما في "كوب 27" والتي تهدف إلى تبادل الخبرات فيما يتعلق بتجارب البلدين في المجالات البيئية.
وأكدت الوزيرة التونسية، في حوار خاص مع موفدة وكالة أنباء الشرق الوسط بتونس، أهمية العلاقات الثنائية بين تونس والقاهرة في المجال البيئي والحرص المتبادل على التنسيق المستمر وتبادل الخبرات لما يجمع البلدين من خصائص بيئية وطبيعية، لافتة إلى إن التعاون مع مصر دائم ومستمر في المجال البيئي وذلك منذ مذكرة التفاهم في مجال حماية البيئة التي تم توقيعها سنة 1999، وكذلك تنفيذ التوصيات المنبثقة عن الدورة 17 للجنة العليا التونسية - المصرية المشتركة خلال الفترة من 9 إلى 13 مايو 2022، ثم التوقيع على البرنامج التنفيذي في مجال حماية البيئة بين وزارتي البيئة المصرية والتونسية وذلك بشرم الشيخ على هامش انعقاد المؤتمر 27 للأطراف في الاتفاقية الأممية حول التغيرات المناخية بشرم الشيخ نوفمبر 2022.
وحول استعدادات تونس للمشاركة في كوب 28 والمقرر عقده بالإمارات في نوفمبر القادم، قالت الشيخاوي، إن تونس سباقة دائما فيما يتعلق بموضوعات المناخ وأعدت استراتيجية وطنية تهدف للتقليص من حجم كثافة الكربون، حيث تم الاستناد في تحديد مفهوم الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون إلى عدد من النماذج الاستشرافية لبعض القطاعات مثل الطاقة والصناعة والزراعة والغابات والنفايات.
وأضافت أن تونس تسعى إلى تخفيض كثافة الكربون بنسبة 45% حتى عام 2030 مقارنة بعام 2010، وهو هدف المساهمة المحددة على المستوى الوطني، وبنسبة 85% حتى عام 2040، وتأمل في أن يتراجع مستوى كثافة الكربون إلى حد الصفر في عام 2050.
وأوضحت وزيرة البيئة التونسية، مجابهة التغيرات المناخية، تتطلب دورا فاعلا ومشاركة فعالة من كل الأطراف، وخاصة القطاع الخاص من خلال تعزيز مشاركته في تنفيذ وتمويل المشاريع الكبرى في مجال التقليص من الانبعاثات والتكيف في إطار الاقتصاد الأخضر، بالإضافة إلى الدور المهم للهياكل والسلطات المحلية، لدعم مقومات التنمية المحلية المتناغمة مع السياسات الوطنية وخاصة في مجال التنفيذ الفعلي والميداني لمشاريع التكيف على المستويات المحلية.
وأشارت إلى أهمية دعم الدول النامية لتمويل البرامج ذات الأولوية للتقليص من الانبعاثات والحد من تأثيرات التغير المناخي، خاصة من خلال ضمان الوصول في أقرب وقت ممكن إلى الهدف العالمي للتمويل طويل المدى وتحديد هدف عالمي جديد للتمويل بعد سنة 2025، يكون متناغما مع الحاجات الفعلية للدول النامية في هذا الغرض.
وعن خطة الوزارة للتعامل مع التغيرات المناخية، أوضحت الشيخاوي، أنه تم تحديد رؤية طويلة المدى لجعل تونس قادرة على الصمود والتأقلم مع تأثيرات التغيرات المناخية الحالية والمتوقعة، من خلال تعزيز قدرات التأقلم لنظمها الإيكولوجية والزراعية ومواطنيها واقتصادها وفضاءاتها الريفية والحضرية، والعمل على إنجاز عدد من الإجراءات والتدابير والتحولات الضرورية لضمان مسار تنموي اقتصادي واجتماعي مستدام.
وتابعت بالقول "إنه تم إعداد استراتيجية وطنية للصمود أمام التغيرات المناخية من خلال منهجية الحوار الموسع مع جميع الأطراف والقطاعات الأكثر هشاشة والمتأثرة بالتغيرات المناخية، والاستعانة بالخبراء المختصين الدوليين والمحليين في المجال، والاستفادة من المعطيات المتوفرة والأدوات والمناهج الحديثة على المستوى الدولي ومنها بالأخص تقارير هيئة الخبراء الحكوميين للمناخ، وهي أعلى هيئة علمية للتوجيه بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للتغيرات المناخية، كما تم الأخذ بعين الاعتبار لكل الاستراتيجيات الأخرى المعنية بهذه القضية وبأهداف التنمية المستدامة.
وحول خطة الوزارة لزيادة الوعي البيئي لدي الشعب التونسي، أكدت أن الوعي البيئي يعتبر ضرورة قصوى لكلّ أفراد المجتمع من كلّ الأعمار والشرائح والطبقات الاجتماعية والاقتصادية، فالأرض ليست ملكًا للجيل الحالي وحده، وتستطيع جميع أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص بشتى أنواعه أن يقوموا بدور مميّز وفعّال في مجال حماية البيئة عن طريق ترجمة خدماتهم إلى برامج توعوية وتثقيفية تهدف إلى زيادة الوعي والمعرفة بتأثير النشاط الإنساني على البيئة، كذلك من الضروري استهداف تنمية وتطوير القدرات البشرية واكتسابها المهارات اللازمة للعمل بشكل فردي أو جماعي في حلّ المشكلات البيئية القائمة حولهم والحيلولة دون تفاقمها.
وأكدت وزيرة البيئة التونسية، أن التعليم يقوم بدور مهم وحساس في عملية التوعية وتقويم وتعزيز المناهج المتعلقة بالبيئة على جميع مستويات التعليم متابعة ودعم برامج الأنشطة الطلابية في مجال البيئة، كما يأتي دور المنظمات الأهلية وصوت المجتمع في دعم ومؤازرة هذه القضية من خلال تشكيل المنظمات المجتمعية المختصة بالبيئة والتي يقوم على أعمالها نشطاء ومتطوّعون في مجال البيئة، بهدف زيادة الوعي البيئي للمجتمع من خلال تقديم مبادرات وبرامج توعوية موجهة لكافة فئات المجتمع والمشاركة في المناسبات والأنشطة والأحداث البيئية بشكل فعّال.
وحول رؤية تونس 2035 للنمو المستدام في ظلّ التحوّل الطاقي، قالت الشيخاوي، إن منتدى الاستثمار الأخضر فرصة فريدة للمستثمرين والشركات للعثور على فرص استثمارية تساهم ليس فقط في النمو الاقتصادي، ولكن أيضًا في حماية البيئة والتنمية المستدامة في إطار الانتقال البيئي، وهو ما يتجلى من خلال طرح جملة من المواضيع المتعلقة بالاستثمار الأخضر، بما في ذلك الطّاقة المتجدّدة والتنقّل المستدام والكفاءة الطاقيّة وإدارة النفايات وترميم النظم الإيكولوجية وحماية التنوع البيولوجي والزراعة المستدامة.
ويعد الاقتصاد الأخضر، هو ناتج تحسن الوضع الاقتصادي مع الحد من المخاطر البيئية وندرة الحياة البيئية، والذي يؤدي إلى تحسين المساواة بين الإنسان ورفاهه الاجتماعي.. وهو نموذج للتنمية الاقتصادية على أساس التنمية المستدامة ومعرفة الاقتصاد البيئي.. ونوع من الطرق المنظمة لإنشاء مجتمع وبيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادي وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل، وتحافظ على موازنة البيئة من جميع أشكال التنوع البيئي.
وفيما يخص التنوع البيولوجي ومدى تأثيره على المجتمع.. رأت وزيرة البيئة التونسية، أنه يجب تسليط المزيد من الضوء على ضرورة تحويل الالتزامات والاتفاقيات الدولية في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي إلى إجراءات عملية وملموسة وفعالة، لافته إلى ما يمثله اليوم العالمي للتنوع البيولوجي مناسبة للدعوة لمضاعفة الجهود للعمل من أجل مواجهة التحديات التي تهدد البيئة والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، من نباتات وحيوانات ومنظومات إيكولوجية وكائنات دقيقة، لما يوفره من فوائد ووظائف وخدمات هامة تمثل أساسا لحياتنا اليومية.
وأكدت الشيخاوي، أن وزارة البيئة تدعم التشاور وتنسيق العمل مع كافة الأطراف المعنية لإيلاء الأهمية اللازمة للمحافظة على التنوع البيولوجي بالبلاد من خلال إدراجه ضمن أولويات مراجعة مجلة البيئة والاستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي واستراتيجية تنمية اقتصادية ذات انبعاثات منخفضة ومتأقلمة مع التغيرات المناخية والاستراتيجيات الوطنية للاقتصاد الأزرق والأخضر والدائري والحد من التلوث بالبلاستيك لدعم مرونة وصمود المنظومات الإيكولوجية البحرية والبرية والرفع من إنتاجيتها بصفة مستدامة مع تعزيز التعاون مع البحث العلمي ومؤسسات التعاون الدولي لتبادل المعارف والخبرات وتعبئة الموارد المالية الضرورية، بالإضافة إلى السعي لدعم القدرات في مجال المحاسبة المالية لرأس المال الطبيعي.
وأعربت الوزيرة التونسية، عن تقديرها لجهود الصندوق العالمي للطبيعة على دعمه المستمر والتزامه بحماية البيئة والتنوع البيولوجي، مشددة على أن الشراكة المثمرة بين وزارة البيئة والصندوق العالمي للطبيعة أسهمت في دفع الجهود المشتركة للمحافظة على التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية في تونس وحمايتها من التهديدات والمخاطر المتعددة.
وحول مشكلة الشح المائي التي تواجهها تونس بسبب التغيرات المناخية.. أكدت السيدة ليلى الشيخاوي، أن هناك تعاونا بين الوزارة المعنية وهي وزارة الزراعة، مؤكدة ضرورة مضاعفة الجهود لمجابهة الإشكاليات التي تعيشها بلادنا منذ سنوات في علاقة بالشح المائي، وأهمية الانخراط في مختلف المبادرات الرامية لإحكام التصرف في الأحواض الساكبة والمنظومات الطبيعية المتعلقة بها لحماية الموارد المائية من كافة أشكال التلوث ودعم أنشطة المنظومات الطبيعية والأنشطة التنموية للحد من تأثيرات الجفاف التي من المنتظر أن تتفاقم خلال السنوات القادمة.
وشددت الوزيرة التونسية، في الختام على ضرورة العمل المشترك من أجل تجاوز العراقيل ووضع خطط عمل استشرافية للتأقلم مع الشح المائي التي تعانيه بلادنا واستعراض مختلف الحلول الممكن استغلالها على غرار استعمال مياه الأمطار وتحلية المياه واستغلال المياه المعالجة، مؤكدة أن جميع الأطراف عليها التكاتف لتجاوز جميع الصعوبات البيئية وخاصة المتعلقة باستنزاف الموارد الطبيعية وتأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية بالخصوص والتنوع البيولوجي بصفة عامة مما يستوجب العمل على الحفاظ على التوازن البيئي وتحسين نوعية التربة وضمان السيادة الغذائية.