يعتزم خطباء المكافأة، عقد مؤتمر صحفى بوزارة الأوقاف خلال أيام لبيان موقفهم من الخطبة المكتوبة، حيث جرت اتصالات بين أحد ممثلى خطباء المكافأة ورئيس القطاع الدينى جابر طايع بالوزارة، لتنسيق ذلك الأمر.
وقال محمد شبل المتحدث باسم خطباء المكافأة لـ"انفراد"، إن خطباء المكافأة معنيين كغيرهم بالعمل الدينى ويتابعون كافة التطورات، وقد قرروا بمبادرة منهم عقد لقاءات مع قيادات الوزارة للحديث بشأن الخطبة المكتوبة كممثلين عن 4 آلاف خطيب مكافأة.
وكان خطباء المكافأة، أعلنوا عن شرح للخطبة المكتوبة وفوائدها، معلنين تأيدهم للخطبة المكتوبة والتى تؤدى من الورقة بمساجد الأوقاف، بعد إعلان الوزارة اعتزامها إقرار الخطبة المكتوبة وتعميمها مؤكدين أن الحاجة تقتضى للخُطبة من الورقة فى زماننا لأسباب؛ منها: الدَّواعى الاحترازية فى بعض البلدان؛ وذلك حتى لا يخرجَ الخطيب عن مضمون الخُطبة، وإطارها العام، فينخرط الخطيبُ فى الكلام عن السياسة، وما لا فائدة فيه، مما يجرُّ الفرْد والمجتمع إلى ما لا يُحمد عُقباه، وهو مما يتوجَّب على الخطيب الالْتزام به مِن باب طاعةِ أولى الأمْر، أو الإطالة غير المحمودة، والاستطراد فى مواضيع لا صلةَ لها بصُلب الحَدَث، وعلى الرَّغْم من ذلك، فالخُطب المكتوبة الموجَّهة والمعدَّة مِن وزارة الأوقاف فى تِلْكم البلاد فيها خيرٌ كثير، ويستطيع الخطيبُ الحريص على دِينه وهدايةِ الناس التأثير والتوجيه، ومِن خلال الورقة، وسيأتي بيانه - إنْ شاء الله.
وبين خطباء المكافأة أن هناك اسباب اخرى لتطبيق الخطبة المكتوبة منها: إيثار بعضِ الخُطباء الخُطبة من الورقة عَلَى الارتجال، والمعلوم أنَّ الخُطباء يتفاوتون مِن ناحية الاستعداد والتحضير والتأثير؛ فالبعضُ منهم كالسيل الجارِف فى أسلوبه وبيانه، ووضوح مقْصدِه، وقوَّة حافظته[2]، وله قوَّةٌ عجيبة فى استحضار المعانى فى قوالبَ من الألفاظ البلاغية والبيانية، دون أن يتلعثم أو يتردَّد، وهو بالكاد يَبْلع رِيقَه؛ ليستمرَّ فى وعْظه وإرْشاده، والبعض الآخَر يحتاج للورقة؛ لضبط ألفاظ الخُطبة، ولتكون على قواعدِ اللغة؛ حتى لا يشطح ويَقَع فى الخطأ، ولا يخرج عن مضمون ما يرْمى إليه، وينْسَى موضوعَ الخطبة، أو يُطيل فى وعْظه، وقد رأينا علماءَ ومفكِّرين لا يُحبِّذون الارتجالية فى الخُطبة، رغمَ علمهم الواسع، ورسوخِهم فى الدِّين [3]، وليس ذلك بعيبٍ ما دام المقصودُ هو إيصالَ الفِكرة الحسنة إلى الناس، ودعوتهم إلى الاستقامة على المنهج السليم كيف تكون الخُطبة من الورقة مؤثِّرة؟.
وقال خطباء المكافأة، على لسان متحديثهم، فى مِثْل تلك الأحوال التى تُفرَض الخُطبة الورقية المعدَّة سلفًا على الخُطباء، فالبعض منهم يتشاءم منها، ويَعدُّ ذلك نقصًا فى علمه وقدرته البيانية، وقد يكون ذلك صحيحًا إذا كانت مواضيعها لا تُلائم حالَ العصر، وهو يرَى أنَّ مرضًا ما أو حالةً اجتماعيَّة تنتشر فى محيطه ومجتمعه، فلا يُمكنه - والحال تلك - أن يعبِّر عما يجول فى خاطِره، ولكنَّ هناك أساليبَ فى مثل تلك الأحوال يُمكن للخطيب الماهِر الناجح أن يستغلَّها فى صالحه، ويجعل خُطبتَه مؤثِّرة.
وشرح البيان أن الخطيب يمكنه أن يوجه الحاضرين لِمَا يريد من المعانى السامية، ويملك بها ناصيةَ الموقف، ومنها: أولاً: الإخلاص، ولا شكَّ أنَّ الإخلاص له دورٌ عظيم فى التأثير، وحمْل المستمعين على الالْتزام بمعانى الإسلام، ولو كان المتلوُّ هو آيةً من كتاب الله - تعالى - وقد كانتْ بعض خُطبُ ومواعظ الخلفاء ما هى إلا آياتٌ من كتاب الله تعالى، لكن اقترنَ بها الإخلاصُ والصِّدق، والعمل بالمضمون، فأثمرَتْ وأينعت خُطبُهم ومواعظُهم.
ثانيًا: قراءة الخُطبة بشكل جيِّد، وضبط ألفاظها من ناحية الشَّكْل؛ لتتميز كلُّ كلمة عن الأخرى؛ لتكونَ اللغة سليمة من الأخطاء، والتأكيد على تلاوة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بما يوافِق قواعدَ اللغة، وأحكام التجويد، ممَّا له أبلغ الأثَر فى انتفاع المدعوين، وينبغى على الخَطيب الصادق ألاَّ يَستهينَ بذلك، فرُبَّ آيةٍ من كتاب الله أوجبتْ هدايةَ خلْق من الناس.
ثالثًا: هندسة الصَّوْت؛ أي: تكون نبراتُ صوته وَفقَ معانى الخُطبة، فيرفع من نبرة صوته عندما يُريد أن يحذِّر من عقوبة الله ومقْته، ويخفض عندَ الحاجة، فيكون إيقاعُ صوته كالرَّسم البيانى؛ لأجْل أن يستوعبَ الحاضرون بيانه، وهم بالطبع ليسوا على مستوى واحدٍ من الاستيعاب والفَهْم، بخلاف ما لو كانت نبرةُ صوته على وتيرةٍ واحدة، فستملُّه الأسماع، وتمجُّ خُطبته النفوس، ويكون حاله كمَن يقرأ جريدة، أو مقالاً دون أن يحرِّك شعورًا، أو يلهب حماسًا.
رابعًا: توزيع النظر ما بيْن الورقة والجمهور، ويتمُّ ذلك باعتدال وتوازُن، ويعتمد ذلك على الإعداد الجيِّد، والقراءة للخطبة قبلَ ارْتقاء المنبر، ومِن الخطأ أن يُديمَ الخطيب نظرَه فى الورقة[4]، وينسى أنَّه يخاطب بشرًا لهم أحاسيسُ ومشاعر، فلا يليق به أن يُعطيَهم ظهرَه، ويولِّيَهم دُبرَه، وهو يعظهم ويوجههم، وكذلك التفاعُل مع معانى الخُطبة له الأثرُ البالغ فى جعْل الخطبة مؤثرةً فى النفوس.
خامسًا: التمهُّل فى قراءة الخُطبة، وعدم الإسراع فى تلاوتها؛ مِن أجل أن يستوعبَ الحاضرون معانيَها، وليتجنَّبِ الخطيب كذلك الوقوعَ فى الخطأ فى ألفاظها، ولو كانتْ من الورقة.