نشرت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية دراسة بحثية خاصة برسالة ماجستير تتحدث بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية -جامعة القاهرة بعنوان "مفهوم الانشقاقات الحزبية مع دراسة حالة نماذج من الأحزاب المصرية 1977-2010" البحث في أسباب الانشقاقات داخل الأحزاب المصرية بالتطبيق على أحزاب الوطني الديمقراطي الحاكم قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير وكذلك الوفد الجديد والحزب العربي الديمقراطي الناصري.
عرضت الدراسة لثلاثة اتجاهات رئيسية لتفسير ظاهرة الانشقاقات الحزبية، الاتجاه الأول هو، بيئة النظام الحزبي، والتي اعتمدت على شكل النظام الانتخابي، وقواعد تكوين الأحزاب، حيث أوضحت الدراسة بأن هناك نظم انتخابية قد تشجع على الصراع بين الأعضاء داخل الحزب الواحد في حين أن نظم انتخابية أخرى قد تجعل الأحزاب كتلة واحدة.
كما أشارت الدراسة إلى نظام الدوائر الفردية أدى إلى الانشقاقات الحزبية، مستعينًا بتحليل موريس دوفرجيه عالم السياسة الفرنسي، الذي أكد أن الأحزاب السياسية في ظل النظام الأغلبي تتسم بضعف ركائزها المحلية وهشاشة تنظيمها على المستوى القومي، فتتحول الانتخابات إلى طابع فردي وتصبح الانتخابات مسماه بالأفراد وليس بالأحزاب مما يؤثر على مكانة الأحزاب ومن ثم تبرز الانشقاقات.
إلى جانب ما سبق، عرضت الدراسة تأثير قواعد تكوين الأحزاب على الانشقاقات الحزبية، موضحة أن هناك علاقة وثيقة بين قواعد تكوين الأحزاب والانشقاقات الحزبية، فكلما كان من اليسير تأسيس أحزاب سياسية زادت الانشقاقات وتأسست أحزاب جديدة، وذلك لعدم وجود قواعد وإجراءات معقدة يصعب معها إنشاء الأحزاب.
أما الاتجاه الثاني هو، البيئة الداخلية للأحزاب، واعتمدت الدراسة في هذا الاتجاه بشكل أساسي على متغرين هما الديمقراطية الداخلية والانجسام الفكري، فبالنسبة لغياب الديمقراطية الداخلية، أشارت الدراسة إلى أهمية الديمقراطية الداخلية في دعم وتقوية الاستقرار الحزبي باعتبار أن الديمقراطية هي القدرة على تحقيق أعلى درجات التشاركية والتنافسية والتمثيل لأعضاء الحزب، فضلاً عن أنها تعد أمرًا حيويًا وصحيًا لمواجهة الصراعات والانشقاقات.
وتوصلت الدراسة إلى أن من أهم أسباب الانشقاقات داخل أحزاب الوطني الديمقراطي والوفد الجديد والعربي الديمقراطي الناصري، ما يلي:
1- غياب الديمقراطية الداخلية والتطلعات والمصالح الخاصة، حيث كانت من الأسباب الرئيسية للانشقاقات في الأحزاب ، نتيحة غياب المشاركة في صنع القرار، وكذلك عدم إجراء انتخابات تتسم بالنزاهة والشفافية والاعتماد على التعيين. إضافة إلى تطلعات بعض أعضاء الحزب ورغبتهم في تصدر المشهد، فضلاً عن سعي بعضهم إلى تحقيق مصالحهم الشخصية سواء أكانت مصالح تتصل بالنفوذ أو بالحصول على مواقع تنظيمية متقدمة داخل الحزب.
2. ضعف الانسجام الفكري بين أعضاء الحزب، فكان أحد العوامل الأساسية التي أدت إلى الانشقاقات داخل الأحزاب خاصة داخل حزب الوفد الجديد، وانتهتى الأمر بانشقاق بعض أعضائه وتوجههم إلى تأسيس أحزاب جديدة، فاختلاف الرؤى والتوجهات الإيديولوجية كان سبباً كافياً للصراع ومن ثم الانشقاق لتكوين حزب جديد يعبر عن التوجه الذي يؤمنوا به.
3- الاستقطاب بين الفصائل، وهو ما ظهر بشكل جلي في الحزب العربي الديمقراطي الناصري، لاسيما بين جيل الشباب وجيل الشيوخ، وذلك على الرغم من تمثيل الشباب في المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب، إلا أن ذلك لم يمنع من الصراعات بينهم، والفشل في التوفيق بين وجهات نظر كلا الطرفين مما أدى في النهاية إلى انشقاق فصيل الشباب بعد أن تأكد من قدرته على تأسيس حزب جديد.
وبالنسبة لتأثير الانشقاقات الحزبية على أحزاب الوطني الديمقراطي والوفد الجديد والعربي الديمقراطي الناصري، فأثبتت الدراسة أن الانشقاقات عن الحزب الوطني الحاكم لم تمارس تأثيراً عليه، فكان بماثبة انشقاق موسمي مؤقت يزداد في فترة الانتخابات وما لبث أن يتلاشى هذا التأثير بعد الانتخابات حيث يعود الأعضاء المنشقين مرة أخرى للحزب، وظل حزب الأغلبية البرلمانية إلى أن تم حله عام 2011. أما بالنسبة لحزب الوفد الجديد، فأشارت الدراسة أنه لم يتأثر في بداية الأمر بالانشقاقات ولكن بدأ التأثير يتعاظم بعد وفاة مؤسس الحزب، بينما أثرت الانشقاقات على الحزب الناصري، حيث أثر بشكل وضاح على هيكله التنظيمي وعلى تمثيله داخل المجالس النيابية.