ألاف من القصص التى تؤرخ للبطولات الفردية والجماعية لجنود وأفراد وضباط وقادة الجيش المصرى فى حروب الاستنزاف وصولاً لملحمة اكتوبر العظيم يضمها أرشيف القوات المسلحة المصرية..
ولكن للأسف هذه القصص الحقيقية التى تذهل من يقرأها أو يسمعها لم تأخذ طريقها إلى عموم المصريين بعد..
ولم يكن منع هذه القصص البطولية عن الشباب المصرى مجرد صدفة أو نسيان، إنما كان نتاج لجهود جماعة اسرائيل فى مصر والتى نشأت عقب الزيارة المشئومة للسادت لدولة الكيان الصهيونى وتوقيعه عقب ذلك على اتفاقية كامب ديفيد..
هذه الجماعة التى كان فى طليعتها بعض النافذين فى الإعلام والصحافة من أمثال أنيس منصور وإبراهيم سعدة وعلى سالم وغيرهم تبنت نهجاً لتكريس حالة الإنبطاح امام العدو الصهيونى بدعاوى السلام والتنمية والرخاء الذى انتهى إلى تسليم البلد على المفتاح لجماعات الإسلام السياسى فى عام 2011
عمدت جماعة اسرائيل فى مصر إلى التمدد فى مختلف مفاصل الدولة المصرية للعبث فى عقول الأجيال الجديدة من خلال تزييف وقائع التاريخ وإبدال الشقيق بالعدو وتبديل الأولويات وتغيير المفاهيم ، كل ذلك بغرض القبول بدولة الكيان الصهيونى كصديق وجار بعد أن كانت عدواً ظلماً وعدواناً..
لذلك لم يكن غريباً تغيير التاريخ الذى يدرسه أبناءنا فى المدارس من خلال نقلهم للتاريخ البعيد جداً لتجهيلهم بالتاريخ الحديث حتى يسهل سكب أى معلومات من أى إعلام فى رؤوسهم فى أى وقت..
نعود لموضوعنا الرئيسى المتعلق بدور جماعة اسرائيل فى مصر لغلق “أبواب الفجر” فى وجه المصريين وبخاصة الشباب منهم..
بداية لا يمكن لعاقل أن ينكر دور السينما والفنون المختلفة فى تسجيل تاريخ الأمة و لحظات بطولاتها..
لكن حتى الأن لازالت السينما المصرية عاجزة عن إنتاج فيلم واحد حقيقى يجسد بطولات حرب أكتوبر، ولم يجرؤ منتج على الدخول لهذا المضمار منذ أن خسرت الفنانة أسيا كل ماتملك لإنتاج فيلم الناصر صلاح الدين..
لذلك ستبقى هذه المهمة معلقة فى رقبة الدولة بأجهزتها المختلفة، وربما يجدر القول أن الفيلم الوحيد الذى تم إنتاجه ليسجل صفحة من صفحات بطولات القوات المسلحة المصرية هو “الطريق إلى إيلات” والذى كتبه السيناريست فايز غالى واخرجته المبدعة انعام محمد على، هذا الفيلم كان من إنتاج أفلام التلفزيون، ولازال هو الفيلم الحقيقى الذى تعرضه قنواتنا فى كل احتفالات النصر فى اكتوبر من كل عام.
و عملية إيلات لم تكن سوى عملية من الاف العمليات التى يجب أن نضعها فى كتب تملأ المكتبات ونحول بعضها إلى أفلام سينمائية توثق تاريخ جيشنا العظيم وتصل من خلالها برسالة مهمة لشبابنا مفادها ان مصر لديها أبطال وشهداء وان موجات الفساد والنهب ظروف عابرة ستنتهى حتماً وستبقى البطولات التى يجب أن ننميها فى نفوسهم.
وفى نهايات حكم المخلوع حسنى مبارك طلبت قيادات الجيش البدء فى إنتاج سلسلة أفلام لتوثيق بطولات الشهداء والمصابين و الأبطال.
وبالفعل تم الاتفاق مع الكاتب الكبير المرحوم أسامة انور عكاشة لكتابة سلسلة أفلام عن الحرب
وإختيار عكاشة لم يكن من فراغ بل بسبب أنه كان الأنجح فى وقتها فى فنون الكتابة الدرامية الحقيقية، بالإضافة لكونه شخصية وطنية قومية حقيقية وصاحب رأى ، وهنا مربط الفرس.
بمجرد الإعلان عن بدء أسامة انور عكاشة سلسلة الأفلام التى قرر أن يبدأها بفيلم بعنوان “أبواب الفجر” إلا وهاجت جماعة اسرائيل وشنت جريدة أخبار اليوم حملة شعواء على عكاشة وعلى “أبواب الفجر”.
وكانت الحملة على الفكرة شديدة اللؤم والفجر، بحيث انها نجحت فى وأدها بعد أن أوغرت صدر المخلوع على عكاشة “الناصرى” الذى سيكتب عن “أبواب الفجر” التى لم تكن سوى بطولات حرب الاستنزاف، وزادوا فى الأمر أن عكاشة يسنسف موضوع الضربة الجوية التى كان نظام مبارك يتكىء عليها بإعتبارها شرعية حكمه !
قبل المخلوع مبارك وشاية أخبار اليوم وإبراهيم سعدة وقتل الفكرة وأضاع الفرصة وأغلق أبواب الفجر ..
والأن وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على الحرب المجيدة التى خاضها الشعب المصرى عبر جيشه العظيم وكسر اسطورة الجيش الصهيونى هل نستطيع أن نفتح “أبواب الفجر” من جديد ؟؟
إن شبابنا يعيش حالة من الإغتراب والإنفلات بعد غابت القدوة الحقيقية والبطولة والفداء وحضرت الانتهازية وإدعاء البطولة ، حتى صارت البطولة -فى نظر الناس- هى كيفية تحقيق أكبر قدر من الثروات والمناصب بالحرام أو بالحلال لا يهم.. المهم أن تحقق هدفك الشخصى والذاتى وتلبسه ثوب البطولة ..
لدينا مئات الألاف من المصريين حملوا أرواحهم على أكفهم بجد وذهبوا فى رحلة الحرب وهم متأكدون أن أرواحهم ودماءهم أرخص شىء يمكن أن يقدموه لهذا الوطن، وبعد أن قضى من قضى منهم وبقى من بقى فلا أقل من تخليد بطولاتهم بالفنون الحقيقية التى تسمو بالإنسان وتعيد بناءه لمصلحةنفسه والوطن
هذا ندائى لقادة الجيش.
أن ينشئوا دار نشر لطبع قصص بطولات حروب الجيش المصرى لتكون فى متناول أبناءنا منذ الطفولة وحتى الشباب على أن يكتب لكل مرحلة كتابها المتخصصين.
أن يبدأوا فى إعادة إحياء أبواب الفجر من جديد وإنتاج عشرة أفلام على الأقل لإثراء مكتبة السينما ببطولات الجيش
وربما أطلب أن يكون احتفالنا كل عام فى أكتوبر بعرض فلم جديد يتم إنتاجه كل سنة.