أكد سفير مصر لدى الأردن طارق عادل، أن العلاقات المصرية الأردنية "نموذجية"، وهى علاقات يحتذى بها فى العلاقات العربية - العربية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وقال السفير عادل - فى مقابلة مع صحيفة "الرأى" الأردنية نشرت اليوم الاثنين - إن العلاقات المتينة بين البلدين تتجسد فى مستوى التشاور والتنسيق المستمر بين الجانبين والزيارات المتبادلة على كافة المستويات، وعلى رأسها بين القيادتين المصرية والأردنية، وكان آخر هذه الزيارات عندما زار العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى القاهرة فى أغسطس الماضي، لافتا إلى أن كل ذلك يعكس القيمة الخاصة للعلاقات بين البلدين الشقيقين.
وأضاف أن اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، وهى الأقدم بين اللجان العليا العربية، تعد الآلية الأساسية لمتابعة كافة الجوانب المُنظمة للعلاقات الثنائية بين البلدين، وتجتمع بصفة دورية برئاسة رئيسى الوزراء، مما يعكس الثقل السياسى لأعمال اللجنة.
وأشار إلى أن اجتماعات الدورة الأخيرة السادسة والعشرين للجنة العليا المشتركة فى أغسطس الماضى بالقاهرة برئاسة رئيسى الوزراء، شهدت التوقيع على 13 وثيقة (مذكرات تفاهم/برامج تنفيذية/ اتفاقيات)، منوها بأنه من المقرر عقد اجتماع لجنة المتابعة خلال الربع الأول من عام 2017 فى عمان، فى إطار متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال أعمال الدورة السادسة والعشرين.
وقال السفير عادل إن الجانبين الأردنى والمصرى لديهما حرص على دفع مسيرة التعاون الاقتصادى بشقيه التجارى والاستثمارى بما يتناسب مع المستوى المتميز للعلاقات السياسية، مشيرا إلى أن التبادل التجارى بين البلدين تٌقدر قيمته بحوالى 650 مليون دولار، منها ما يقدر بـ 450 مليون صادرات مصرية، وكذلك حجم الاستثمارات المتبادلة، حيث تقدر الاستثمارات الأردنية فى مصر الآن بحوالى 526 مليون دولار من خلال 1579 شركة، أغلبها فى القطاع الصناعى 61%، يليه قطاع الخدمات 12%، ثم قطاع التمويل 9%، بالإضافة إلى استثمارات أخرى فى مجال السياحة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات.
وأضاف أنه مع بداية عام 2017 ستتخطى الاستثمارات الأردنية فى مصر حاجز المليار دولار من خلال فتح مصنع للأدوية بداية العام المقبل بمدينة بدر باستثمارات تبلغ 500 مليون دولار، فى حين بلغ حجم الاستثمارات المصرية فى الأردن حوالى 312 مليون دولار يمثل مجال نقل وتوزيع الغاز والنفط، تليها الاستثمارات فى قطاع المنتجعات السياحية 41.6%، ثم القطاع الصناعى 5.7%، وأخيرا الزراعة 0.8%.
وعبر السفير عادل عن تطلعه إلى أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التعاون بين مجتمع الأعمال وجمعيات المستثمرين فى كل من مصر والأردن، داعيا رجال الأعمال إلى الاستفادة من الموقع الجغرافى المتميز والجوار للبلدين والبحث عن فرص استثمارية جديدة.
وأعرب عن أمله فى أن ترتقى العلاقات الاقتصادية بين البلدين لتقترب وتتناسب مع العلاقات السياسية، بل والإستراتيجية بين البلدين.
وفيما يتعلق بتنشيط التعاون بين مصر والأردن فى مجال السياحة، جدد السفير دعوته للمؤسسات العاملة بالقطاع السياحى إلى النظر فى أفكار ومبادرات جديدة تسمح بالاستفادة من الأهمية الدينية والحضارية لكل من مصر والأردن، مشيرا إلى قيام وفد أردنى برئاسة وزيرة السياحة والآثار لينا عناب بزيارة إلى القاهرة منذ أيام لبحث واستحداث أنماط جديدة من التعاون السياحى مثل السياحة الدينية، وذلك فى إطار برنامج سياحى مشترك للمقاصد السياحية فى البلدين.
وحول دور العمالة المصرية فى الأردن، قال السفير عادل إن العامل المصرى يتمتع بسمعة طيبة لدى مختلف فئات الأردن، معربًا عن سعادته بما لمسه منذ وصوله إلى عمان من ترحيب بدور العمالة المصرية فى الحياة الاقتصادية بالأردن، خاصة فى مجالى الزراعة والإنشاءات.
وأكد حرصه الدائم خلال لقاءاته واتصالاته بالوزراء والمسؤولين على تأكيد الحرص على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة لمتابعة أحوال العمالة المصرية وتذليل أى عقبات تواجههم.. مشيدا بانفتاح الجهات المعنية بالأردن على الاستماع إلى مطالب العمالة المصرية والتجاوب معها، مع الأخذ فى الاعتبار القوانين المُنظمة لسوق العمل الأردني.
وأشار إلى أن السفارة المصرية بعمان تتابع القرارات الصادرة بشأن العمالة المقيمة فى الأردن، وأن هناك جهودا حثيثة من الحكومة الأردنية لصياغة إستراتيجية جديدة تهدف إلى تنظيم سوق العمل، معربا عن تطلع الجانب المصرى وعمله على أن تكون تلك الإستراتيجية متكاملة ومتوازنة تراعى حقوق وواجبات كل من العامل وصاحب العمل على حد سواء.
وفيما يخص الموقف المصرى من القضايا التى تشغل محيطها الإقليمى، قال السفير عادل إن الوضع الإقليمى قد شابه بلا شك درجة عالية من التوتر فى السنوات الأخيرة، وجميع الدول بما فى ذلك مصر والأردن، تعانى من هذا الوضع المضطرب، مشيرا إلى أنه من أبرز تلك الأزمات حاليًا هى الأزمة السورية، ولمصر موقف ثابت ومعروف من تلك الأزمة لم يتغير منذ البداية، فالموقف المصرى مبنى على مبادئ راسخة يمكن تلخيصها فى ضرورة أن يستند أى حل للأزمة إلى اتفاق سياسى توافقى يحظى بدعم الأطراف السورية، فالسوريون هم أصحاب الكلمة العليا فى تحديد مستقبل بلادهم، مع إعطاء الأولوية لحقن دماء السوريين والحفاظ على وحدتها وسيادتها على كافة أراضيها وعلى المؤسسات الوطنية التى تُشكل عماد الدولة وهى ملك جميع السوريين.
وأضاف أن لمصر موقفا ثابتاً من محاربة الإرهاب، وهو المسار الذى لا بد وأن يمضى بالتوازى مع مسار الجهود المبذولة لحل الأزمة فى سوريا، وتضطلع مصر فى هذا الصدد بدور فاعل من خلال عضويتها الحالية فى مجلس الأمن.
ولفت إلى أن القضية الفلسطينية، تبقى القضية المركزية الأولى لمصر ولكافة الدول العربية، فقد حرصت مصر منذ عقود على دعم الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، وذلك انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية والعربية والإقليمية وفى ضوء حقائق التاريخ والجغرافيا.. مشيرا إلى أنه خلال العقود الماضية، كان التحرك المصرى على عدة محاور ومن خلال المحافل الدولية المختلفة، من أجل الوصول إلى حل يؤدى إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كامل الاراضى الفلسطينية المحتلة فى 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى أساس حل الدولتين، استناداً إلى المرجعيات الدولية بما فى ذلك المبادرة العربية للسلام، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ووقف الاستيطان الاسرائيلى، باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع العربى الاسرائيلي.
وثمن السفير عادل الدور الذى تلعبه الأردن تجاه القضية الفلسطينية والدور فى التصدى للممارسات الإسرائيلية فى القدس الشريف وجهودها للحفاظ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
وأكد على رفض للإجراءات الإسرائيلية فى مدينة القدس والتى ترمى إلى طمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
وفيما يتعلق بالشأن الليبى، أكد السفير عادل أن مصر تولى أهمية خاصة للوضع فى ليبيا نظراً لعوامل الجوار وما إلى ذلك من أهمية للأمن القومى المصرى مع التحسب لما قد يسببه استمرار السيولة الأمنية فى الاراضى الليبية من تأثيرات سلبية، بما فى ذلك تسلل عناصر إرهابية إلى داخل الحدود المصرية.
وبالنسبة للأزمة اليمنية، قال إن الموقف المصرى يحكمه عدة محاور رئيسية أولها العلاقات الطيبة بين الشعبين المصرى واليمنى، وثانيها رفض ما شهدته اليمن من انقضاض على المؤسسات الشرعية وانتشار لأعمال العنف والإرهاب، وثالثها ضمان حرية الملاحة فى باب المندب والبحر الأحمر، وهى كلها خطوط حمراء لا يمكن القبول بتجاوزها، بما فى ذلك ما يشكله الوضع فى اليمن على امن وسلامة دول الخليج.. مؤكدا أنه من هذا المنطلق، جاء الموقف المصرى الداعى إلى وحدة واستقرار وسلامة اليمن، فضلاً عن دعم الشرعية الممثلة فى الرئيس عبد ربه منصور هادى وحكومته الشرعية.
وأضاف أن مصر تؤكد دائمًا على أهمية التزام جميع الأطراف بالحل السياسى على أساس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطنى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار 2216 وجهود المبعوث الأممى إسماعيل ولد الشيخ، آملاً فى الوصول لحل أزمة اليمن الحالية.
وحول العلاقات المصرية الخليجية، قال السفير عادل إن ما يربط مصر بدول الخليج هى علاقات متميزة وتاريخية. وتثمن مصر غاليًا وتقدر للأشقاء فى دول الخليج وقوفهم إلى جانب مصر فى الأزمات، بنفس القدر الذى نؤمن بأن الأشقاء فى دول الخليج يقدرون وقوف مصر بجانبهم فى كل الأوقات، وذلك من منطلق أن امن واستقرار دول الخليج العربى هو خط أحمر، ويعد من أمن واستقرار مصر ذاتها.