تستضيف فرنسا غدا (الأحد) المؤتمر الدولى لدعم عملية السلام فى الشرق الاوسط ، وذلك فى اطار جهودها الحثيثة لتهيئة الظروف من أجل استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وتسوية اقدم صراعات فى المنطقة.
ويفتتح المؤتمر وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسى جون مارك إيرولت ويتولى رئاسته، وسيتخلله كلمة للرئيس فرانسوا اولاند ، وتشارك فيه مصر - ممثلة فى وزير الخارجية سامح شكرى - بجانب (نحو 70 بلدا ومنظمة)، تشمل الجهات الفاعلة الدولية الرئيسة المعنية، وعلى رأسها اللجنة الرباعية للسلام فى الشرق الأوسط (تضم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى وروسيا والأمم المتحدة)، والدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والشركاء العرب والأوروبيين، وبلدان مجموعة العشرين، وغيرها من الجهات الفاعلة المهتمة بإحلال السلام، ومن المنظمات تشارك الامم المتحدة والاتحاد الاوروبى والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.
ويعتبر هذا المؤتمر الدولى أوسع نطاقا من منظور المشاركة فيه من المؤتمر الأول الذى عقد فى 3 يونيو الماضى بالعاصمة الفرنسية، ويأتى فى مرحلة مهمة بعد تبنى مجلس الامن الدولى القرار (2334) الذى يدين عمليات الاستيطان الإسرائيلية ويؤكد أهمية حل الدولتين وكذلك بعد خطاب وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الذى حذر فيه من التهديد الذى تشكله المستوطنات على عملية السلام.
كما يعقد المؤتمر قبل أيام من تولى الرئيس الامريكى المنتخب دونالد ترامب مهامه بالبيت الأبيض فى ظل الغموض حول الطريقة التى سوف يتعامل بها مع القضية الفلسطينية بعد فشل الوساطة الامريكية فى ابريل 2014. علاوة على ذلك، طرأت تطورات عديدة فى أعقاب مؤتمر الثالث من يونيو، تتمثل فى تقرير اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، الصادر فى أول يوليو 2016، والمبادرتين الروسية والمصرية.
وتؤكد فرنسا أن الجميع يدرك جيدا الصعوبات الناجمة عن هذا الصراع الدائر منذ عدة عقود، وأنه لا يمكن الوقوف وقفة المتفرج أمام هذا الوضع المتأزم الذى يولد الإحباط ويزعزع الأمن ، وتسعى الى حشد جهود المجتمع الدولى برمته ليلتزم بالسعى إلى استئناف عملية السلام.
وتعتبر فرنسا أن تحقيق هذا الهدف يقتضى التمسك الجماعى بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بتوفير الحل العادل والدائم للصراع؛ وتدعو الى ضم المساهمات العملية التى يبدى جميع الشركاء الدوليين الاستعداد لتقديمها وذلك من خلال المؤتمر (غدا) والذى سيشهد تقديم فرق العمل التى أنشئت فى صيف 2016 التقارير عن أعمالها.
وتشدد فرنسا على استحالة استعادة الاستقرار فى الشرق الاوسط بدون حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ، والا سيواصل إذكاء حالة الإحباط ولن يؤدى فى نهاية المطاف سوى إلى تعزيز حلقة التطرف والعنف المفرغة، وسيستمر فى توفير المبررات للإرهابيين من أجل تجنيد مقاتلين جدد، وترى انه لا يمكن تأجيل حل اقدم الصراعات فى الشرق الأوسط نظرا للازمات العديدة فى سوريا وليبيا، واليمن والعراق، والتى تولّد أخطارا جديدة فى المنطقة.
وتشير الى انها ليست بصدد إملاء معالم السلام على أى من الطرفين وأنها على يقين أن الصراع لن يسوّى إلا عندما يقررا السير فى طريق المصالحة "المحفوف بالعقبات والصعاب" وصولا إلى حل الدولتين، فلسطين و إسرائيل اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمن.
وهناك نقاط اخرى يمكن من خلالها فهم موقف فرنسا من عملية السلام فى الشرق الاوسط والداعى الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قابلة للحياة، وديمقراطية، ففرنسا ترتبط بصلات تاريخية وثقافية وإنسانية قوية مع اسرائيل، فلقد كانت من بين البلدان الأوائل التى اعترفت بها وأقامت علاقات دبلوماسية معها منذ عام 1949. ودافعت فرنسا منذ نحو 65 عاما عن حق إسرائيل فى الوجود والعيش بأمن وفى حقها فى الانتماء إلى جماعة الأمم ذات السيادة، ويسهم وجود جالية فرنسية وفرنكوفونية كبيرة فى إسرائيل، ووجود الجالية اليهودية الأكبر فى أوروبا فى فرنسا، فى العلاقة الثنائية الفرنسية الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، تدافع فرنسا منذ مدة طويلة عن فكرة إقامة دولة فلسطينية، فقد صوّتت فى صالح الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفة عضو مراقب فى منظمة الأمم المتحدة، فى 22 نوفمبر 1974، مؤكدة حقوق الشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف. وكان فرانسوا ميتران أول رئيس فرنسى عرض الهدف المتمثل فى إقامة الدولة الفلسطينية أمام الكنيست فى عام 1982. ورفعت فرنسا درجة التمثيل الدبلوماسى للمفوضية العامة لفلسطين فى فرنسا عام 2010، التى أصبحت بعثة فلسطين وعلى رأسها سفير. كما صوتت فى صالح منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة فى نوفمبر 2012، ورفع العلم الفلسطينى فى منظمة الأمم المتحدة فى سبتمبر 2015.
كما تدين فرنسا الاستيطان باعتباره غير شرعى بموجب القانون الدولى وترى ان بناء المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس الشرقية يمثل استحواذا غير شرعى على الأراضى التى يجب أن تكون موضوعا من مواضيع مفاوضات السلام بين الطرفين، القائمة على أساس حدود عام 1967 ويمثل خطرا على ديمومة حل الدولتين وعقبة أمام إحلال السلام العادل والدائم. واتخذت فرنسا تدابير ملموسة على المستوى الأوروبى لمواجهة تسارع وتيرة الاستيطان .