أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الدولة الوطنية الدستورية القائمة على المواطنة والمساواة وحكم القانون أول عوامل التماسك وتعزيز الإرادة المشتركة، وعلى ذلك فإن استبعاد مفهوم المواطنة يؤدى إلى فشل الدول والمؤسسات الدينية والنخب الثقافية والسياسية، ويمكن المتربصين بالدولة من العبث بمصائر الأوطان ومقدراتها، كما أن تجاهل مفهوم المواطنة يشجع على الحديث عن الأقليات وحقوقها.
وقال فى كلمته بالجلسة الختامية لمؤتمر الأزهر الدولى عن الحرية والمواطنة، إن تبنى مفاهيم المواطنة والمساواة يستلزم إدانة التصرفات التى تتعارض مع مبدأ المواطنة.
وحذر من صعود مصطلح الأقليات، قائلاً إنه على المثقفين أن يتنبهوا من خطورة استخدام مصطلح الأقليات الذى يحمل فى طياته التمييز والانفصال، مضيفا:"هذا المصطلح عاد استخدامه للتفرقة بين المسلمين والمسحيين بل بين المسلمين أنفسهم ".
وتابع :"انتشر فى العهود الأخيرة ظواهر العنف والتطرف والإرهاب، بجانب ما يتعرض له أبناء الديانات والثقافات الأخرى فى ضغوط وتهجير وملاحقات واختطاف، إن المجتمعين من مسلمين ومسحيين يعلنون أن الأديان كلها براء من الإرهاب بشتى صوره، وهم يدينونه أشد الإدانة ويستنكرونه أشد الاستنكار".
وأوضح أن التاريخ القريب والبعيد حافل بالأمثلة التى تؤكد أن ضعف الدولة يؤدى إلى انتهاك حقوق مواطنيها، وأن قوتها من قوة مواطنيها وأن النخب الوطنية والمعنيين بالشأن العام فى الأوطان العربية يتحملون مسئوليات كبرى إلى جانب الدولة فى مكافحة ظواهر العنف سواء لسبب دينى أو عرقى أو سياسى أو اجتماعى.
وشدد على ضرورة التضامن والتعاون لحماية الوجود الإنسانى والاجتماعى والسياسى، فالمظالم والمصالح مشتركة وتقتضى عملاً مشتركا نقر جميعا بضرورته.
وتابع :"لقد بذلنا جميعا فى السنوات الأخيرة جهودا بالمراجعة والتأهيل والتأصيل ونحن مسلمين ومسيحيين محتاجون للمزيد من المراجعات من أجل التجديد والتطوير فى ثقافتنا وممارسات مؤسساتنا، وقد كان من ضمن المراجعات توثيق التوصل بين المؤسسات الدينية فى العالم العربى والعالم أجمع ونتطلع إلى إقامة المزيد من صلات التعاون بين سائر المؤسسات فى العالم العربى من أجل العمل معا فى مجالات الإرشاد والتنشئة على المواطنة وترسيخا للحوار الإسلامى والمسيحى وحوار الحضارات".
وواصل :"طموح الأزهر ومجلس حكماء المسلمين هو التأسيس لشراكة متجددة بين المواطنين العرب كافة مسلمين ومسيحيين، وغيرهم من ذوى الانتماءات الأخرى على التفاهم والمواطنة والحرية وهذا الأمر ضرورة حياة".