سيدة تجردت من مشاعرها وتسترت على تعذيب أطفال فى عمر أحفادها، وأى تستر! فقد تم تعذيب أطفال أيتام لا حول لهم ولا سند داخل فيلا بمدينة 6 أكتوبر مسجلة باسمها ويطلقون عليها مسمى "دار أيتام".
دار إشراقة للأيتام المشهرة برقم 1690 بتاريخ 11 مايو 2002 ليس مكانا لإيواء أطفال، بل هو مسرح جريمة متكامل، ارتكبت فيه أبشع أنواع الجرائم السادية والإذلال لأطفال صغار لا يملكون القدرة على الدفاع عن نفسهم.
نَجْد محمد خميس حميدة، أرملة عاطف عبيد رئيس وزراء مصر الأسبق، وابنة الدكتور خميس حميدة رئيس شعبة الإخوان المسلمين بالدقهلية، أحد الذين حُكِم عليهم بالإعدام فى أعقاب محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فى المنشية 1954، لكن من حسن حظه أنه لم يطبَّق عليه حكم الإعدام، أما والدتها فهى ألمانية الجنسية.
سيدة بلغت من العمر أرذله، حيث تجاوزت السبعين بكثير، استغلت نفوذ زوجها وسطوته واكتناز ثروة مهولة من عقارات وحسابات بنكية، لم تكن سيرتها حسنة عند عموم المصريين ولا حتى زوجها عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق الذى أنهى تاريخه مرتديًا زى الحبس الاحتياطى ومترددًا على الاستراحة الخاصة بالزوار فى مقر جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل، إثر التحقيق معه بسبب تضخم ثروته، وبعد وفاته عام 2014 انتقلت القضية إلى ورثته، ولم يتم التصالح معهم حتى اللحظة.
نعود إلى قضية دار الأيتام التى تمتلكها نجد زوجة عاطف عبيد، مع أنها قضية ليست بعيدة عن زوجها، حيث تم تأسيس هذه الدار عام 2002 وقت اعتلاء عبيد سدة الحكومة المصرية، حيث خصصت هذه السيدة فيلا فخمة فى مدينة 6 أكتوبر أمام منطقة الربوة كدار لإيواء الأيتام الذين يُقدر عددهم بـ18 طفلا، وتتراوح أعمارهم حاليًا ما بين 11 و12 سنة، وكانت هذه الدار تتلقى تبرعات مهولة من أبناء الصفوة بدافع عمل الخير وبالتأكيد بغرض التقرب من رئيس وزراء مصر وزوجته.
منذ ما يقرب من ثلاث سنوات لاحظ المتطوعون المترددون على الدار وجود بعض التغيرات المريبة، منها شكوى الأطفال بأنهم يتعرضون للضرب المبرح بالعصى الحديدية والخشبية، وتعمد إيلامهم فى المناطق الحساسية بآلات حادة تسببت فى قطع لجزء من العضو الذكرى لأحد الأطفال، وكذلك الكى بالنار لنفس المنطقة، وقد قامت سيدة باصطحاب أحد الأطفال إلى عيادة خاصة للكشف عليه، وقد تبين إصابته بحرق فى عضوه الحساس، وحرر الدكتور تقرير بذلك، كما كان يتم استغلال الأطفال فى العمل كخدم، حيث كان أحد المشرفين بالدار يمتلك مطعمًا لإعداد الوجبات الجاهزة، ويجبر الأطفال كل يوم ليقوموا بأعمال النظافة وجمع القمامة وتسليك البالوعات بالمطعم، كما اعترف الأطفال أيضا بأن مشرفى الدار يجبروهم على ممارسة الشذوذ الجنسى ومن يرفض أو يقاوم يكون عقابه الضرب والإلقاء به فى حمام السباحة فى البرد القارس.
عزيزى القارئ هذا ليس سيناريو لفيلم يتحدث عن السادية، بل ما قرأته هو أقوال وشهادات الأطفال التى أدلوا بها أمس فى تحقيقات النيابة العامة والتى استمرت حتى 12 صباحًا، وانتهت بإصدار أمر استدعاء لنجد محمد لسماع أقوالها، وكذلك ضبط مدير الدار والمتهم الهارب عمرو زكى، الذى اتهمه الأطفال بالاعتداء الجنسى عليهم وتعمد تعذيبهم وإيلامهم فى المناطق الحساسة بجسدهم.
وعندما توجهت النيابة أمس لمقر الدار حتى تقوم بمعاينتها لم تجد أيًّا من العاملين ولا مشرفين ويبدو أنهم تلقوا الخبر ففروا من الدار وتركوا الأطفال وحدهم، وعندما وصلت النيابة لم تجد مسئول الحسابات ولا مدير الدار ولا أى موظف، والأدهى من ذلك أنها لم تجد ورقة رسمية واحدة خاصة بالدار أو بالأطفال، ولا الدفاتر التى يسجل بها حجم التبرعات التى تتلقاها الدار، وحتى الحساب البنكى للدار هو بأسم نجد نفسها به ما يزيد على 3 ملايين جنيه كان بالمصرف العربى الدولى ثم ادعت نَجْد أنها حوّلت هذا الحساب للبنك الأهلى، وبحث النيابة أيضا عن أى أوراق خاصة بالموظفين أو حتى دفاتر الحضور والانصراف فلم تجد، ورصدت النيابة عددًا من المخالفات الظاهرية كعدم صلاحية المكان كسكن للأطفال، حيث إن الأثاث تالف، والكهرباء منقطعة أغلب أيام الأسبوع، حيث تقوم نَجْد بشحن العداد بكارت مرة كل أسبوع، وضبطت النيابة أغذية منتهية الصلاحية وحلوى وشوكولاته فاسدة، وأمرت النيابة بخضوع الأطفال لفحص الطب الشرعى لبيان حجم الانتهاكات الجنسية التى تعرضوا لها.
وما يثبت حجم فتور نَجْد، فقد توجهت للدار أمس فور أن عرفت أن النيابة أتمت معاينتها وغادرت، وقابلت هناك بعض المتطوعين الذين أصروا على البقاء مع الأطفال وأخبرتهم بمنتهى البرود قائلة "أنا لسه جاية من عند والى ووعدتنى بأنها هتجيب للدار مديرين كويسين"، حيث تقصد غادة والى، وزيرة التضامن، وأنها ستساعدها على الهروب من هذه الأزمة وهذا يثبت عدم إدراكها لحجم الأزمة الحقيقى.
كل هذا يطرح سؤالا حول الانتهاكات الموجهة لنَجْد محمد، زوجة عاطف عبيد، والعقوبة المقررة لهذه الجرائم، يقول المحامى أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين، إن التهمة الموجهة لنَجْد هى المساهمة فى ارتكاب الجرائم وتكون عقوبتها نصف أقصى العقوبة، أما الجرائم نفسها فهى أولًا هتك عرض وعقوبتها 15 سنة فى حالة وقوعها على طفل أقل من 16 سنة، والتحرش الجنسى وعقوبتها السجن بحد أقصى 3 سنوات، والتعذيب، وهذا تحديدًا يُترك للسلطة التقديرية للقاضى، حيث إن الحد الأدنى لجريمة التعذيب الحبس 5 سنوات.