مازالت فضيحة تصدير شحنات اللحوم البرازيلية الفاسدة ، تلقى بظلالها على المستوردين والمستهلكين والمسئولين عن الحجر البيطرى بمصر والعالم ، وإن كانت مصر لازالت إلى هذه اللحظة تفكر وتفكر ، فيما سيعلنه المسئولون عن الزراعة والخدمات البيطرية والمعمل المركزى للحوم ، بمعهد بحوث صحة الحيوان ، والهيئة العامة للصادرات والواردات ، بشأن اللحوم الموجودة حاليا فى المحلات ، وكذلك الكميات والشحنات التى فى عرض البحر وتلك التى بالموانى ، وإن كان الدكتور إبراهيم محروس ، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة ، قد قرر إيقاف الموافقات الاسترادية لشحنات اللحوم القادمة من البرازيل مؤقتا ، لحين ورود الرد الرسمى من السفارة البرازيلية بالقاهرة على استفسار وزارة الزراعة حول طريقة ذبح الماشية والدواجن الحية فى المجازر البرازيلية ، ومدى مطابقة ذلك للمواصفات القياسية المصرية.
حمض السوربيك فى اللحوم
وتأتى خطورة هذه الشحنات من اللحوم البقرى على الدول المستوردة نتيجة ما أظهرته التحقيقات فى البرازيل ، أن عددا من مراكز تصدير اللحوم ، قد استخدمت مواد كيماوية لإخفاء فساد ورائحة هذه اللحوم المصدرة للخارج ، وأن بعض مصانع تجهيز اللحوم كانت تستخدم "منتجات مسرطنة" لاخفاء اللحوم الفاسدة ، وقال مفتش بوزارة الزراعة البرازيلية إن أحد هذه المواد ، كان حمض السوربيك الذى وصفه بإنه عامل تطهير لتقليل التلوث البكتيرى وإخفاء الروائح وغيرها من خصائص اللحوم الفاسدة.
الدكتور محمود السيد محمد ، الأستاذ بمعهد بحوث صحة الحيوان ، التابع لوزارة الزراعة ، والرئيس السابق لقسم المعامل الفرعيه بالقاهرة ، قال إن حمض السوربك هو مركب طبيعى ، يستخدم كمادة حافظه ، نظرا لخصائصه المضادة للميكروبات ، وهو موجود على قائمة إدارة الغداء والأدويه الأمريكيه المعترف بها كمادة آمنة وﻻ يشكل خطرا على صحة اإنسان إدا ما تم استخدمه بالمستويات الآمنه ، وتكون الخطورة فى استخدامه بالمستويات العالية أنه يسبب أعراض حساسية فى الجلد وتهيج الجهاز التنفسى ، أما السالمونيلا فهو أخطر ميكروبات التسمم الغذائى ، وممنوع وجوده بأقل تركيز ، الدكتور محمود أكد أيضا على أنه كان فى البرازيل فى شهر أغسطس الماضى ، فى مأموريات تتبع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى للإشراف على استيراد حيوانات حية وليس لحوما ، وعن شهادته فى حق اللحوم والحيوانات الحية البرازيلى ، قال بصراحة البرازيل موجود فيها الأبقار المتميزة وكلها بصحة جيدة.
وعن بكتيريا السالمونيلا وحمض السوربك اللذين عثر عليهما فى اللحوم البرازيلى ، وتسببا فى هذه الأزمة لمستوردى اللحوم فى العالم ، قال الدكتور سعيد زايد طبيب بيطرى وصاحب ومشرف على مزارع حيوانية ، إن السالمونيلا ميكروب عصوى ، يصيب الجهاز الهضمى بنزلات معوية حادة وشديدة ، وفى حالات التسمم الغذائى يسبب التيفويد مع الميكروبات الأخرى ، أمّا حمض السوربيك ، فهو أحد الأحماض النافعة والمفيدة ، ولكن زيادتها الغير مبررة والغير مفهومة وبلا داعى فى حفظ اللحوم وغيرها ، تتسبب فى مشاكل صحية لاحصر لها ، وهما من الأسباب التى أدت لرفض شحنات اللحوم البرازيلية فى العالم.
سالمونيلا ومواد مسرطنة
ورغم أن وزارة الزراعة البرازيلية تصر على أن حمض السوربيك والمنتجات الأخرى المستخدمة فى اللحوم، هو فى الواقع مواد حافظة مشتركة ، تكون آمنة إذا ما استخدمت بالكميات التى يسمح بها القانون ، إلا أن الخطر يأتى أيضا من بكتيريا وتسمم السالمونيلا الذى عثر عليه مسئولو الصحة البرازيليين فى اللحوم ، كذلك هناك عامل حاسم وهام وهو سيطرة البرازيل على تصدير اللحوم البقرى والماشية الحية لأغلب دول العالم .
البرازيل عملاق اللحوم فى العالم
وفى مصر التى تعتبر من أهم وأكبر الدول المستوردة للحوم والماشية الحية من البرازيل ، تؤكد الأرقام والإحصائيات أننا نستورد حوالى 12,6 % من صادرات اللحوم البرازيلى ، وتأتى مصر فى المرتبة الثالثة فى استيراد اللحوم البرازيلى بعد هونج كونج التى تستورد حوالى 53 ,16 % من اللحوم البرازيلى ، والصين 16,17% ، وقد صدرت للعالم لحوما طازجة ومجمدة بـ 4,7 مليار دولار عام 2015 ، وبـ 4,3 مليار دولار عام 2016 ، وتواجه البرازيل خسارة محتملة فى صادراتها بحوالى 3.5 مليار دولار، وهو ما يعادل 0.2% من الناتج المحلى والإجمالى.