نشر موقع وزارة الخارجية المصرية، مقالًا باللغة الإنجليزية للدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، حول العمليات الإرهابية المأساوية الأخيرة التى تعرضت لها كنيستا طنطا والإسكندرية، وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء.
وأكد مستشار مفتى الجمهورية فى المقال الذى جاء بعنوان: "من القاهرة بقلب يتألم" أن الإسلام أعلى من حرمة النفس البشرية بآيات لا لَبس فيها ذكرها القرآن الكريم، حرمت القتل الذى يستحق العقوبة فيالدنيا والآخرة، حيث يقول الله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}، وكذلك قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة فيالدماء».
وقال نجم: "يجب علينا أن نواجه تلك العقائد والأفكار المنحرفة التى أدت إلى سفك الدماء، والتى ترتكز عليها هذه الجماعات المتطرفة، ولا تستند إلى أى سند معتبر من الشريعة الإسلامية، التى تدعو إلىالتسامح والرحمة والسلام وتكريم النفس البشرية، كما جاء فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ}
وأوضح مستشار مفتى الجمهورية فى مقاله أن الإسلام لا يميز بين الناس أيًّا كان دينهم أو عرقهم أو لونهم، بل جميع البشر فى الإسلام مكرَّمون ولهم حرمتهم، ولذلك أقرَّ الإسلام مبادئ العدالة والسلام والتعايشوالتعاون مبادئَ أساسيةً للتفاعل بين أتباع الأديان المختلفة، وحثَّت المسلمين على حسن المعاملة مع غير المسلمين الذين لا يحاربونهم.
وأشار إلى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان نموذجًا فريدًا للتعايش، حيث وضع عقدًا اجتماعيًّا لا يمكن انتهاكه عندما قال: «ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلَّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طِيبنفس فأنا حجيجه يوم القيامة»، وبذلك يكون كلُّ من يظلم أحدًا من الأخوة المسيحيين ليس فقط محرومًا من شفاعة النبى، ولكنه جعل نفسه أيضًا فى خصومة مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة.
وشدد مستشار فضيلة المفتى على أنه يجب ألا تُستغل هذه العمليات الإرهابية لزرع الخلاف والفُرقة بين أبناء الوطن الواحد الذى يعيش فيه المسلمون والمسيحيون معًا فى سلام منذ قرون، كما أنه منالضرورى -من أجل إحلال السلام فى المنطقة والعالم أجمع- أن يظل التعاون والتعايش بين جميع الأديان فى مجتمعاتهم، وضمان أن يظل ذلك بشكل كامل، وهو ما يجب أن يعمل عليه جميع الأفرادوالمؤسسات فى الدولة.
واختتم مستشار مفتى الجمهورية مقاله بالتأكيد على ضرورة وقوف جميع المصريين صفًّا واحدًا أمام الدعوات والأفعال الشاذة التى تسعى للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فالصراع الطائفى غير معروف فيمصر عبر تاريخها، مشيرًا إلى أنه علينا جميعًا بوصفنا مصريين أن نظل مُتَّحدين فى هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن، وأن نواصل العيش سويًّا بالمحبة والمودة والسلام الذى اتسم به المجتمع المصريطوال تاريخه.
من جانبه أكد مستشار المفتى أننا فى حاجة ملحة للتحدث مع العالم فى هذا التوقيت الملتهب، لأننا وقعنا فى فخ التحدث مع أنفسنا فى الفترة الماضية، مشددًا على أن وسائل الإعلام العالمية تقع عليها مسئوليةأخلاقية تتمثل فى إتاحة الفرصة الكاملة للعلماء والمفكرين المتخصصين للتحدث بلسان الدين الإسلامى.
وطالب "نجم" بوضع الآليات الفاعلة للتواصل مع الإعلاميين والأكاديميين والسياسيين ودوائر صناعة القرار فى كل العالمت، مشددًا على ضرورة اعتبار ذلك مشروعًا قوميًّا لمصر فى الفترة المقبلة.