الأعياد سُنَّةٌ فِطْرِيَّة جُبِلَ الناس على اتخاذها، فكانوا منذ القدم يخصِّصُون أيامًا للاحتفال والاجتماع وإظهار الفرح؛ لإحياء ذكرى مُناسَباتٍ حصلت في مثل تلك الأيام، كأيام النصر وأيام الميلاد، وكان لِكُلِّ أمة أيامٌ معلومةٌ تُظهِر فيها زينتَها وتعلن سرورها وتُسرِّي عن نفسها ما يُصيبها من رَهَق الحياة وعَنَتِها، وعلى هذه السُّنَّة وَجَد النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الأنصارَ فى المدينة بعد هجرته إليها يلعبون فى يومين، وَرِثُوا اتِّخاذَهُما عِيدًا عن الجاهليَّة، فلم يُنكِرْ أصْلَ الفكرة، وأباح اتخاذ العيد؛ تحصيلا لمزاياه القومية والاجتماعية والدينية، ولكنه استبدل بيومي الجاهلية يومين آخرين مرتبطين بشعيرتين من أعظم شعائر الإسلام، وهما يوما الفطر والأضحى.
ويسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر أو صلاة أو غير ذلك من العبادات، لا سيما صلاة التسابيح لفضلها؛ لحديث: «مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ لِلَّهِ مُحْتَسِبًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» أخرجه ابن ماجه والطبرانى فى الأوسط والبيهقى، والمراد بموت القلوب: شغفها بحب الدنيا, وقيل: الكفر، وقيل: الفزع يوم القيامة، ويحصل الإحياء بمعظم الليل كالمبيت بمنى، وقيل: بساعة منه، وعن ابن عباس-رضى الله تعالى عنهما- بصلاة العشاء جماعة والعزم على صلاة الصبح جماعة، والدعاء فيهما.