قصر يبلغ عمره 132 عاماً أنشأه"بوغوص نوبار باشا نوبريان" أرمنى الأصل، والده رئيس وزراء مصر الأسبق فى عهد محمد على، "نوبار باشا" صمم القصر على أجمل وأروع الطرز فى عصره واختير مكانه بجوار مستشفى الطائفة الإسرائيلية آن ذاك، والتى تحولت الآن إلى مستشفى "غمرة العسكرى".
يتكون القصر من طابقين يربطهما سُلم رائع الجمال مخصص لأصحاب القصر، أما الخدم فكان لهم مصعد خشبى لتوصيل الطعام للأدوار العليا، كما تجملت حوائطه بزخارف رائعة تم طلاؤها بماء الذهب، والأخرى منها مكسوة بورق الحائط الملون بأزهى الألوان المبهجة.
ولحبه الشديد للسفر وعشقه لفرنسا التى تعلم فيها "بوغوص باشا" كان يحضر معه أروع أشكال الفنون العالمية حتى ضم القصر العديد من التحف والأوانى الذهبية والفضية، وأيضاً ضم دفايتين مصنوعتين من الرخام المنحوت فى شكل قطعة واحدة وغيرها من التحف النادرة والقيمة، أما أسفل القصر فكان به نموذج كامل للكنيسة تحتوى على المذبح والمقاعد اللازمة لتلقى درس الأحد.
أجمع "بوغوص باشا" كل شىء داخل قصره من الداخل والخارج؛ بدايةً ضم تصميم القصر برجين شاهقين، عندما تراهما تشعر وكأنك أحد أبطال رواية من الأدب الإنجليزى القديم، ولم ينس حديقته، حيث ضمت أروع أنواع الزهور الفريدة ذات الألوان المبهجة، ومكان مخصص للفرق الفنية التى كانت تحيى حفلات القصر، كما ضم القصر اسطبل خيول ومساحة واسعة خاصة به.
مر القصر بثلاث مراحل؛ الأولى كانت أزهى عصوره وهى منذ بناه "بوغوص باشا" وحتى عام 1952 حين صدر قرار باستغلاله فى المنفعة العامة، وهنا دخلت المرحلة الثانية وأصبح يعانى نفس مصير ومعاناة كافة القصور التى أنشأت فى عصره، بعد أن تحول إلى مدرستين؛ الأولى مدرسة الظاهر الإعدادية بنات، والتى استغلت مبنى القصر نفسه، أما مدرسة الظاهر الثانوية بنين أقيمت على المساحة المخصصة لإسطبل الخيول والأرض الملحقة به، وخضع القصر بعدها تحت رعاية وزارة التربية والتعليم، لتمارس عليه كافة أنواع التعذيب المفرط بيد الإهمال التى لا ترحم؛ فتبدل الحال وأخذ القصر يفقد رونقه تدريجياً وسرقت كافة تحفه ودمر التاريخ وضاعت معالم تلك التحفة النادرة.
أما المرحلة الثالثة التى مر بها قصر "بوغوص باشا" بعد زلزال 1992، حيث دمر القصر تماماً وهدم من الداخل وأصبح ساكنوه الحشرات والزواحف السامة، بالإضافة إلى بعض الأساطير التى تدور حول الأشباح التى ترتع فيه يمينًا ويسارًا، وأصبح الصدى يأكل القصر شيئاً فشياً، وما عليها وزارة التربية التعليم إلا أن قامت ببناء ملحق لمدرسة الظاهر الإعدادية بنات لنقل الطالبات فيها وعمل سياج حديدى حول القصر لمنع مرور الطالبات تخوفاً من سقوطه فى أى لحظة.
أبدى الدكتور محمد حمزة عميد كليه الآثار جامعة القاهرة، حزنه على ما ألم بقصر ببوغوص باشا فقال: عندما تسير فوف كوبرى أكتوبر ترى قصراً أشبه ببيت للأشباح، علماً بأنه طراز معمارى هام جدًا إذا استخدم مركزًا ثقافيًا سيكون بؤرة تنويرية هامة جدًا.
وتابع "حمزة"، لابد أن تكون هناك خطة قومية للإرجاع التراث المصرى كافة، فمصر كلها أثرية ما لم يثبت عكس ذلك، ولابد أن تكون هناك مشاريع تدر عائدًا لضخ العملة الأجنبية لرفع الاقتصاد القومى للدولة.
هل سيأتى اليوم وتعود كافة قصورنا إلى عهدها السابق، لماذا لا يتحول هذا القصر إلى مزار سياحى يعرف رواده من هو "بوغوص باشاً" ذلك الرجل الذى يعد من أهم الشخصيات الرأسمالية التى ساهمت فى النشاط الاقتصادى والعمرانى فى مصر، فبعد أن أنهى دراسة الهندسة فى فرنسا، عاد إلى مصر وأصبح مدير إدارة السكك الحديدية وعمل على توسيعها والاهتمام بها، كما أنه شكل فى عام 1899 شركة تعمير مع رجل الأعمال البلجيكى البارون إدوارد امبان باشاً الخاصة لبناء ضاحية مصر الجديدة.