أكد السفير أسامة المجدوب سفير مصر لدى الصين أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الصين خلال الاسبوع الماضى للمشاركة فى الحوار الاستراتيجى حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية الذى أقيم على المستوى الرئاسى على هامش قمة مجموعة بريكس للدول الاسرع نموا فى العالم وفى منتدى أعمال بريكس فى مدينة شيامن . واصفا الزيارة بأنها ناجحة ومثمرة بكل المقاييس وكانت لها نتائج إيجابية واسعة على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية من منظور مكانة مصر وتأثيرها فى مختلف الدوائر.
وقال المجدوب فى حوار مع وكالة انباء الشرق الوسط ببكين اليوم الأحد، أن الزيارة أظهرت نجاح مصر فى استعادة مكانتها كقوة اقليمية ودولية مؤثرة لها ثقلها ودورها الواضح، حيث بدأت السياسة التى وضعها الرئيس منذ توليه المسئولية، وهى الانفتاح على مختلف الدول والتكتلات فى الشرق والغرب وعدم الاقتصار على التعامل مع دولة بعينها أو مجموعة معينة من الدول، تؤتى ثمارها، كما أظهرت الزيارة حرص مصر على توطيد علاقاتها مع مختلف التكتلات الاقتصادية بما يعود أثره الإيجابى على إنعاش الاقتصاد المصرى.
وأضاف أن الزيارة كان لها كذلك أثرها فى مزيد من التوطيد لعلاقات الصداقة الودية والشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين حيث ارتقت بها إلى مستوى جديد.
واستطرد قائلا :"لا شك أن حرص الصين على توجيه الدعوة إلى مصر فى مختلف المؤتمرات والفعاليات التى تنظمها ... كما رأينا فى قمة العشرين العام الماضى، وفى احتفال الصين بالذكرى السبعين للانتصار على الفاشية فى الحرب العالمية الثانية، يعكس إدراك الصين لمكانة مصر وأهميتها على المستوى الإقليمى والدولى، كما أن الحفاوة التى استقبل بها الرئيس السيسى خلال هذه الزيارة، واللقاء الثنائى بينه وبين الرئيس الصينى شى جين بينغ أكد بشكل واضح علاقة الصداقة الوطيدة التى تجمع بين الزعيمين.
وأكد أن هذه الصداقة تساعد على تذليل المشكلات والعقبات التى قد تعترض تعزيز التعاون بين البلدين فى شتى المجالات، علاوة على ذلك، أتاحت الزيارة فرصة لعرض الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها مصر، والفرص الاسثمارية بها والمشروعات العملاقة التى بدأت بالفعل فى تنفيذها، وأجندة التنمية "مصر 2030"، وتوجيه الدعوة إلى المستثمرين ليس فقط من الصين بل من كافة دول مجموعة البريكس للاستثمار فى مصر، حيث تحدث الرئيس أمام ألف من رجال الأعمال الذين حضروا منتدى الأعمال فى إطار فعاليات القمة.
وقال السفير أسامة المجدوب أن مشاركة الرئيس فى منتدى الحوار الاستراتيجى كان فرصة للاطلاع على التجارب التنموية الناجحة للدول الأعضاء فى مجموعة البريكس والتى نجحت فى تحقيق معدلات تنمية عالية حتى أنها أصبحت محركاً أساسياً للإقتصاد العالمى.
وأشار إلى أن مصر أكدت من خلال الفعاليات المختلفة، تأييدها ومشاركتها الفعالة فى تحقيق أهداف القمة ومن بينها اصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية، واعطاء مساحة أكبر وصوت أعلى للدول النامية فى المؤسسات المالية العالمية مثل البنك الدولى وصندق النقد الدولى حتى يصبح النظام الدولى أكثر عدالة وإنصافاً. "وأيضاً الدعوة إلى محاربة التوجهات الحمائية والتمسك بمنجزات العولمة وتعزيزها، وهذه كلها من المبادئ التى تؤيدها مصر وتسعى إلى تحقيقها".
واما على مستوى العلاقات الثنائية، فقال السفير المصرى أنه كان هناك العديد من النتائج، فقد شهد الرئيسان المصرى والصينى توقيع عدد من الاتفاقيات من بينها اتفاق تعاون أمنى واتفاقية للتعاون الاقتصادى والفنى، كما أعلنت الصين عن منحة لتنفيذ مشروع القمر الصناعى سات 2، ومذكرة تفاهم حول تنفيذ مشروع القطار الكهربائى.
وتحدث السفير أسامة المجدوب عن مشاركة مصر كضيف شرف فى الدورة الثالثة لـ"معرض الصين- الدول العربية"، الذى اختتم فعالياته أمس السبت، فقال أن توقيت افتتاح تلك الدورة للمعرض جاءت فى اليوم التالى لانتهاء فعاليات قمة البريكس، وكلف الرئيس المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة بالمشاركة فيه ممثلا عنه.
وأشار إلى أنه عقد خلال المعرض الملتقى الصينى المصرى لترويج الاستثمار والتجارة والذى تم فيه توقيع خمس اتفاقيات تعاون، منها اتفاق بشأن تعزيز التعاون المشترك بين مصر والصين فى مجال التجارة والسلع الزراعية، واتفاق آخر فى مجال تكنولوجيا المعلومات، واتفاق بين الشركة الهندسية لصناعة السيارات وشركة جاك موتورز الصينية، واتفاق بين الشركة الهندسية لصناعة السيارات وشركة فيرست أوتو الصينية، واتفاق بين شركة هولو تكنولوجى الصينية وجامعة قناة السويس لتأسيس منصة معلوماتية، وأخيراً اتفاق شراكة بين شركة جوشى الصينية والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى مجال تصنيع الألياف الزجاجية .
وقال المجدوب أنه خصص جناح لمصر فى صدارة المعرض، أتاح الفرصة للترويج لمختلف الشركات والمؤسسات المصرية ووكلاء السياحة المصريين، وعقد الاتفاقيات مع الشركات الصينية فى منطقة نينغشيا ذاتية الحكم التى تعتبرها الصين منصة مهمة للتبادل والعلاقات مع العالم العربى والإسلامى بالنظر إلى وجود قومية الهوى الصينية المسلمة فى هذه المنطقة.
وأضاف أنه كان هناك حضور واضح لهيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث يعتبر المعرض فرصة مهمة للترويج للفرص الاستثمارية فى منطقة القناة، وأيضاً مشاركة من عدد كبير من شركات السياحة المصرية وشركات القطاع الخاص المصرية.
وقال السفير أنه بالإضافة إلى معرض الصين والدول العربية كان هناك "المعرض الثقافى والسياحى المصرى الدائم"، فى حديقة الزهور والذى ضم العديد من المعروضات الثقافية والإعلامية والسياحية المصرية التى تمثل الحضارة والثقافة المصرية ومعرض للصور يقدم لقطات لمختلف المناطق فى مصر بعدسات مصورين مصريين.
ونوه بما شهده الجناح المصرى فى المعرض، والمعرض المصرى الدائم من إقبال كبير من الجمهور الصينى وهو ما يعكس شغف الصينيين الكبير بالحضارة والثقافة المصرية.
وردا على سؤال حول كيف رؤيته لتأثير التقارب السياسى المصرى الصينى على البلدين، قال السفير أسامة المجدوب أن العلاقات المصرية الصينية تشهد فى الوقت الحالى عصرها الذهبى، فالعلاقات التى بدأت بين الحضارتين العظيمتين منذ آلاف السنين، والعلاقات الدبلوماسية والشعبية بين الدولتين التى بدأت فى عام 1956، لم تكن فى أى وقت على هذا المستوى من التقارب فى مختلف المجالات وعلى مختلف المستويات، والزيارات العديدة المتبادلة بين الجانبين تكاد تلغى المسافات الجغرافية الشاسعة التى تفصل بين البلدين.
وأضاف أنه كان من أهم أسباب ودوافع هذا التقارب التشابه الكبير فى الرؤى والأهداف والمبادئ، ولهذا فقد أدركت القيادة السياسية فى البلدين أن التعاون والتشاور فيما بينهما يصب فى مصلحة البلدين ويساعدهما على تحقيق أهدافهما المشتركة ... ومن هنا جاء حرص الصين على توجيه الدعوة إلى مصر للمشاركة فى مختلف المؤتمرات والفعاليات التى تنظمها، وحرص مصر الكبير على المشاركة فى مختلف المبادرات الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق والبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، وغيرها.
وأكد المجدوب أن التعاون بين البلدين أصبح ركيزة لا غنى عنها لكل منهما لتحقيق الأهداف ومواجهة التحديات، فمواجهة خطر الإرهاب على سبيل المثال يتطلب تعميق التعاون الأمنى بين البلدين وتنسيق العمل بينهما على المستوى الدولى لمواجهة هذا الخطر وأيضاً الدفع نحو تبنى تعريف موضوعى للإرهاب من كافة الدول والمنظمات والبعد عن الازدواجية فى النظر إلى الحوادث الإرهابية والتنظيمات الإرهابية وهو ما تعانى منه مصر والصين على حد سواء.
وقال أنه وفى مجال الاستثمار أيضا نجد أن الصين التى يتجاوز الاحتياطى النقدى فيها 3 تريليونات دولار أصبحت دولة مصدرة للاستثمارات، ومصر تسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وفى مقدمتها بالطبع الاستثمارات الصينية، ولا شك أن إتاحة الفرصة لمصر لعرض ما لديها من إمكانيات استثمارية ومشروعات كبرى، وتوضيح التسهيلات التى تقدم حالياً للمستثمرين، والإصلاحات الاقتصادية التى بدأت الحكومة فى تنفيذها بالفعل كل هذا يصب فى مصلحة المستثمر الصينى من ناحية والاقتصاد المصرى من ناحية أخرى.
ونوه بالتعاون القائم فى مجال السياحة، حيث تستهدف مصر جذب أكبر عدد من السائحين الصينيين، مشيرا إلى أن السياحة الصينية إلى مصر شهدت زيادة كبيرة فى السنوات الأخيرة ومن المنتظر أن تستمر الأعداد فى الزيادة مع زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين سواء الطيران المنتظم أو العارض بين المدن الصينية والمصرية.
وقال أن هناك كذلك أوجه التعاون الثقافى والتعليمى والعلمى والتكنولوجى والإعلامى وكلها تشهد نمواً وازدهاراً واضحاً بين البلدين. فكلا القيادتين السياسية المصرية والصينية تدركان أن التعاون فيما بينهما يصب فى مصلحة الجانبين سواء على المستوى الثنائى أو الإقليمى أو الدولى. "كما أن مبادئ السياسة الخارجية الصينية التى تؤكد على عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى واحترام سيادة الدول وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية والسعى إلى تحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، كل هذا يجعل التعاون مع الصين فى مصلحة مصر".
وقال السفير المجدوب أن الصين أدركت منذ وقت طويل أهمية التعاون مع مصر، فقد كانت مصر على رأس الدول الداعية إلى أن تستعيد الصين مقعدها فى الأمم المتحدة وفى مجلس الأمن، ومصر الآن تتفق مع الصين أيضا وتؤيدها فى الكثير من الأهداف التى تطالب بها على المستوى الإقليمى والدولى مثل إصلاح نظام الحوكمة الدولية الحالى وإعطاء صوت أكبر للدول النامية، ومحاربة الإرهاب وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، ولهذا فإن الصين تنظر إلى مصر باعتبارها شريكاً لا غنى عنه وتثمن التعاون المستمر معها والذى يعود بنتائج إيجابية على البلدين ويساعد على تحقيق أهدافهما المشتركة.
وحول انطباعاته عن قمة بريكس، وبالاخص طرح الصين لمبادرة "بريكس بلس"، وهل يعتقد أنها قد تكون خطوة لتوسيع عضوية تكتل بريكس وزيادة نفوذه اكثر ليتمكن حقا من انشاء نظام عالمى جديد قائم على التوازن الاقتصادى الدولى، قال المجدوب أن الصين تحرص دائماً على تعميق التعاون بين الأسواق الناشئة والدول النامية فى مختلف قارات العالم، فهى ترى أن التنمية لكى تكون حقيقية يجب أن تكون شاملة لكافة الدول لا أن تكون قاصرة على دول ومناطق بعينها بينما بقية الدول تعانى من ضعف التنمية.
وأكد أن هذا هو الخط الأساسى للسياسى الصينية فى مختلف المبادرات والمشروعات التى دعت إليها. "وقد دعت الصين خلال قمة البريكس إلى التعاون بين مختلف الدول فى تنفيذ أجندة الأمم المتحدة الإنمائية 2030، ومصر حريصة على التعاون من أجل تحقيق هذا الهدف".
وقال أن الصين تطالب بإعطاء تمثيل أكبر وصوت أعلى للدول النامية فى المنظمات الدولية، بالإضافة إلى عمليات إصلاح الحوكمة الاقتصادية الدولية، وهو ما تطالب به مصر أيضاً، معربا عن رأيه بأن الصين فى الحقيقة لا تدعو إلى إنشاء نظام عالمى جديد، كما أنها لا تريد التنافس مع قوى بعينها بل هى تريد التعاون وتدعو إلى إصلاح النظام القائم وجعله أكثر عدالة ومراعاة لمطالب التنمية فى الدول النامية.
وأشار إلى كون الصين تدعو أيضا إلى تعزيز التعاون بين دول الجنوب خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب وأمن الإنترنت، وهذه الدعوة تلقى استجابة كبيرة من مختلف الدول لأن خطر الإرهاب امتد إلى مختلف الدول حتى تلك التى كانت تظن نفسها بمأمن من هذا الوباء، مشيرا إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التى طالبت بتعميق التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب وما زالت تبذل جهوداً فى هذا الصدد.
وقال السفير أن مصر تتفق تماما مع دعوة الرئيس الصينى إلى مقاومة الحمائية وبناء اقتصاد منفتح، ومع الأصوات الاخرى المطالبة بهذا خاصة فى إطار سعيها لإنعاش الإقتصاد المصرى وجذب الاستثمارات وتشجيع التصدير من أجل إصلاح العجز فى الميزان التجارى.
وأضاف قائلا :من الواضح أن هناك توجها من الصين لتوسيع عضوية البريكس وإنشاء "بريكس بلس" فالرئيس الصينى قال "إن عشرة عصى أقوى من خمسة"، وهذه إشارة واضحة إلى أن الصين تسعى إلى توسيع عضوية المجموعة، ومن المرجح أن مصر ستكون من بين الدول المرشحة للانضمام إلى "البريكس بلس" فى حالة توسيع المجموعة نظراً للإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها والجهود الضخمة التى تبذل حالياً من أجل إنعاش الاقتصاد المصرى ووضع ركائز راسخة لجعلة اكثر قوة ونشاطا.
وأوضح السفير أن المشاركة فى قمة البريكس كانت فرصة لمصر للاطلاع على التجارب التنموية الناجحة لدول المجموعة الخمس التى حققت نجاحات اقتصادية لافتة للنظر، وقال أن الأهم من هذا أن مصر ترتبط مع كل دول المجموعة بعلاقات تعاون فى مختلف المجالات، وهى لا تتردد فى تقديم خبراتها الناجحة إلى مصر فى مجال التنمية الاقتصادية.
كان الرئيس السيسى قام بزيارة إلى الصين بدأت مساء يوم الأحد الماضى واستمرت عدة ايام حيث ألقى كلمة أمام منتدى الأعمال لقمة البريكس شرح فيها رؤية مصر الاقتصادية، وما تنفذه حالياً من إصلاحات اقتصادية، كما استعرض برنامج التنمية الاقتصادية المستدامة الذى وضعته مصر، واستعرض أيضا الفرص الاستثمارية الكبيرة لديها والمشروعات الكبرى التى بدأت فى تنفيذها.
كما عقد الرئيس عدداً من اللقاءات الثنائية مع قادة دول بريكس وحضر مأدبة العشاء التى أقامها الرئيس الصينى للزعماء المشاركين فى اجتماعات القمة، وشارك فى جلسة "الحوار الاستراتيجى بين الأسواق البازغة والدول النامية" وقدم فيها رؤية مصر بشأن سبل تعزيز دور الدول النامية فى النظام الاقتصادى العالمى، فضلاً عن سبل تطوير التعاون بين مصر ودول تجمع بريكس.
والتقى الرئيس عددًا من رؤساء كبرى الشركات الصينية الذين استعرضوا تطورات استثماراتهم فى مصر كما طرح عليهم الفرص الاستثمارية المتاحة ودعاهم للمشاركة فى مشروعات جديدة بمصر.